إنتي متجوزتيش ليه؟
عناق لم يستمر لثانيتين، وشى بإنه لم يكن إلا تأدية واجب، ومقدمة تقليدية لحديث كان كالتالي ..
* تنبية، ذلك الحديث حقيقي، بكل ما فيه من تناحة وسماجة وقلة ذوق، ولم يتدخل فيه خيال الكاتبة ..
- قوليلي أخبارك بسرعة، مخلفتيش؟ متجوزتيش؟ متخطبتيش ..؟
لاء والله.. لسه.
- ممم، أنا معايا إبراهيم دلوقتي، صحيح مبتشوفيش محمود وعمرو والناس بتوع الكورس.
لاء بس لسه كان عمرو مكلمني على.. .
- (تقاطعها) أيووووة قولي كده، والله أنا من الأول بقول إن إنتي وعمرو أكيد هتحبوا بعض.
لاء الموضوع مش زي مانتي فاكرة.
- يوه بقى، معقول الكورس الطويل العريض ده معرفتيش تحبي فيه حد، أنا بجد مش فاهمة، إنتي كام سنة يا بنتي دلوقتي.
29 ..
- 29 ! يخربيت عقلك، إنتي متجوزتيش ليه ؟!
إنتي متجوزتيش ليه..؟
ذلك السؤال الذي يسمح به البعض لأنفسهم بالتدخل في تفاصيل حياتك، يسبقه أحيانا سؤال ها طمنيني، مفيش حاجة كده ولا كده، ثم صدمة حين يأتي ردك بالنفي، والنفي هنا قد يكون دبلوماسيا، فمن غير المعقول أن تروي إحداهن لطنط نجلا مرات ابن عم أونكل حبيب قريب خالو من بعيد، قصة إعجابها بمهند بتاع الـIT، حتى وإن كان الثمن من أعصابها حين تعود لتسأل، إنتي متجوزتيش ليه ..
في حياة واسعة جدا، صادفت مئات الفتايات، بينهن واحدة فقط لا يشغلها الزواج، بينما جميعهن يحلمن بالفستان الأبيض والفارس الذي تتباين مواصفاته وتتباين مساحة تفكيرهن فيه أيضا، لذا أنا لا أتصور أبدا أن إحداهن تملك إجابة شافية عن ذلك السؤال اللعين، لكن أتصور أن قليلا منهن من تملك فعلا إجابة على السؤال الأجدر بأن يُسأل، إنتي ممكن تتجوزي ليه ؟
(1)
"الجواز"، استقرار قبل أن يكون أي شيء آخر، "الجواز" ليس أشرف بن طنط كوثر العائد في إجازة قصيرة جدا من إحدى دول الخليج ليختار عروسة يريح بها قلب ماما، فيخطبها ثم يعود أدراجه في انتظار إتمام كتب الكتاب الذي وكل لأجله أباه أو أخاه، ثم تنتظر حتى يحدث الله أمراً.
(2)
"الجواز" ليس منتهى الأحلام، ليس رجلا تُلقين بارتباطك به أحلامك للريح، ولا هو أيضا رجل تتمردين بطموحك عليه، وإنما هو رجلٌ مؤمن بك تمام الإيمان، رجلٌ يراكِ شريكته، لا شركته، رجل يدفعك دفعا نحو تحقيق أحلامك التي هي بالتبعية أحلامه وأحلام أولاده..
(3)
"الجواز" ليس مسلسلا تركيا رومانسيا من 8345364 حلقة، هو في الحقيقة أمر مرهق جدا، في "الجواز" أنت زوج وأخ وصديق وحبيب وابن وعم أمين السفرجي ودادة فوقية إن لزم الأمر، فلا تقدم على التجربة قبل أن تتأكد من أنك قادر على لعب الأدوار كلها، وقبل ذلك، قبل أن تتأكد من أنك وجدت الشخص المناسب والذي يستحق كل ذلك .
(4)
"الجواز" يعني أن تجربتك الشخصية في الحياة قد نضجت وآن لها أن تضم تجارب أخرى، وأن تنبثق عنها تجارب وتجارب، "الجواز" خلاصة تجاربك، وليس واحدة منها.
(5)
"الجواز" ليس فتاة أعجبتك أو رجل أبهرك، بل هو رجل يشرف أولادك أو امرأة تعجب أطفالك، "الجواز" يتطلب نظرة بعيدة المدى لتدرك أن شخصًا ستكون معه أسرة، لا يجب أن تترك اختياره للمصادفة..
(6)
في "الجواز"، لا تبحث عن الأفضل، ابحث عن الأفضل لك.. وهو أمر- بالمانسبة - قد يحتاج إلى سنوات ضوئية.
(7)
في "الجواز" السؤال الأهم ليس، هتتجوز إمتى، وإنما، هتبقى أد إنك تتجوز إمتى ؟
ذلك سؤال لا يُفكر فيه أحد، أحاول أن أجد عذرا لأم قد تزوجت كل بنات العائلة عدا ابنتها التي لا ينقصها أي شيء- على الأقل من وجهة نظرها- في مجتمع لا يعترف بفكرة "الجاهزية للزواج"، إلا من ناحيتها المادية فقط، فأفشل، هي قطعا تود أن "تطمن عليها"، و"تفرح بيها" و"تشيل ولادها"، لكن لا أم تصارح نفسها أبدا بمدى بشاعة الواقع إن سلمت ابنتها لمن لا أمان له في سبيل تلك الأحلام، التي لن تتحقق أبدًا في هذه الحالة، بل تصير كوابيس لا إفاقة منها.
أعرف أن الفتاة في مجتمع عربي كانت وستظل موضع اختيار، لا يضايقني ذلك صراحة وليس من باب قوامة الرجل، ولكن لأنني أرى في ذلك تحديا لها فهذا- من وجهة نظري- سبيلها لأن تكون نفسها، ولأن تمضي قدما نحو أحلامها التي وحدها تحدد من سيختارها، وكيف سيفعل.
كل ذلك طبعا لا شأن للكبار به، ولا يشغلهم منه إلا علامة استفهام هي عنوان المقال، وعنوان حياة ملايين الفتايات، ومن بينهن، أنا.
البعض يسألني في سماجة لا تَقِل عن تلك التي قال بها محمد حسنين يعقوب، إنت مبتصليش لييييييييه..
- مُنى، إنتي متجوزتيش ليه ؟
فلا أجد بداً من أن أرد عليه بالطريقة التي لا يفهم سواها، فتحضرني شخصية كابتن أحمد شوبير، وأرد دون اعتبار لفرق سن أو نوع علاقة.
وأنت مالك أنت، أنت مال أهلك، أنت مال شكلك، أنت مااالك، مش حدوتك أنت خالص، مش مشكلتك أنت خالص!
**جائزة أحسن تعليق..
قبل أسبوع تقريبا، قرأت مقالا عن الموضوع نفسه، قصت فيه الكاتبة موقفاً أعجبني، حين ردت إحداهن على واحدة من "عواجيز الفرح" قالت لها بـ "تناحة":
- عقبال شرباتك يا حبيبتي
فردت:
عقبال قهوتك يا طنط !