التوقيت الخميس، 21 نوفمبر 2024
التوقيت 02:29 م , بتوقيت القاهرة

العسيلي: الثقافة المصرية مزعجة.. وهذا مفهومي عن الفلسفة

عقب قراءتنا لأحدث إصدارته مع دار الشروق "نص كتاب"، الذي يدور عن أم العلوم "الفلسفة"، والتي يوضح الكاتب أحمد العسيلي مدى أهميتها وضرورتها لبناء حضارة الشعوب، كان علينا أن نفتح باب الحديث معه في الحوار الآتي.

- إمتى اكتشفت إنك مهتم بالفلسفة؟

مش عارف إمتى! بس متهيألي دي حاجة من الصغر، يعني في ناس تركيبة عقلها كده.

- يعني إيه فلسفة في جملة بسيطة؟

الفلسفة هي القاضي، أو بمعنى أصح هي الأداة اللي بيستخدمها القاضي، في قياس حاجات مش شايفها، وبالتالي فالفلسفة بتقيس الحاجات اللي ما نقدرش نقيسها ولا نشوفها.

- هل في تعارض بين الدين والفلسفة؟

لأ مش حقيقي، لأن ببساطة دين من غير فلسفة يساوي داعش، أو السلفيين، أو الإخوان.

- مين هو الإنسان المثقف؟

هو الإنسان اللي عنده وعي، وإحنا ماعندناش البتاع ده، وهيبقى عندنا ليه بقى، وبالتالي مش ذنب الناس العادية اللي وصلنا له، لأن كلنا مجرمين وكلنا ضحايا، طب ذنب مين؟ اللهو الخفي.. بمعنى إن النظام اللي الناس عايشة فيه، هو كيان هلامي بس هو موجود، فمحدش عارف يمسك حاجة، وتيجي تسأل حد إنت بترمي زبالة في الشارع؟ ليه بتركن غلط؟ ماتلاقيش إجابة.

- تفتكر لو في رسائل ممكن توصلها الحكومة للناس عشان توجهها خلال المرحلة دي لبناء الحضارة، هتكون من خلال إيه؟

يحطوها في مساحات إعلامية، وفي الشارع وحملات إعلانية ويحصل حاجة، إنما عندنا محدش بيعمل حاجة، يادوب بس مجهودات فردية، الناس بتحاول من خلالها زي حالاتي كده فطظ فيهم، آه والله طظ فيا، أصل هعمل إيه لوحدي؟ حتى لو معايا 50 بني آدم، أو ألف بني آدم مش هينفع.

- تقصد إن ممكن فرد يصنع حضارة؟

مفيش حاجة اسمها ابدأ بنفسك، مش هيحصل، محدش فينا ساحر، بس ينفع الواحد يبقى عنده حضارة لنفسه، ويعمل ميزان لنفسه ولأفعاله، والحاجات اللي الدولة معملتهاش له يعملها هو، لأن مينفعش نفضل قرود، لأن الناس بتعمل الغلط، لأن محدش علمه إنه مينفعش يجي على حق غيره، وده بيوضح إن ورا كل فعل قبيح قيمة مش موجودة، فلازم كل واحد يقيس أفعاله، والناس تقعد تتكلم مع بعض، يعني شلة شباب كده يقعدوا مع بعض ويفكروا ويسألوا هو إحنا مالنا؟ إيه عندنا غلط؟ بس التغيير يحصل لما الدولة تفكر للجموع وتعمل خطة.

- هل سوء حالة التعليم سبب في اللي إحنا فيه؟

التعليم كل المشكلة، والغريب إن كل ما الدولة تيجي تتكلم عنه تتكلم عن الخرسان، وتقولك هتبني مباني، طب ما المدارس موجودة، والمناهج موجودة بس مين بيحط المناهج ما هما نفس الناس.

- ليه الناس في مصر مازالت غير مدركة إن القوة البشرية هي الأكثر تأثيرا في التاريخ، ومازالوا في انتظار المُلهم؟

مش الشعب المصري بس هو اللي كده، كل شعوب الأرض بنفس الطريقة، إما عن طريق عيلة مالكة، أو ديكتاتور أو إمبراطور، ده نظام الأرض، لأن الديمقراطية لسه مولوده إمبارح، لسه بدري، بس ده لا يمنع وجود دروس مستفادة الناس بتتجاهلها، زي اللي قاله أرسطو من 5001 سنة "الديمقراطية ما بتشتغلش إلا لما الطبقة المتوسطة تبقى أكبر من الطبقة الغنية والفقيرة مع بعض"، فالموضوع بسيط.

وده بيستلزم إن يبقى في ناس قاعدة بتفكر في أوضة كده، هنطبقها إزاي حتى لو في حدود بعينها، بس لازم يكون في خطة، لأن الناس مش هيبقوا ديمقراطيين كده لوحدهم، وده يقول إن إدارة الدول بقت شيء معقد جدا، خاصة كل ما المشاكل تزيد وتكبر.

- هل المشكلة في النخبة التي بيستعين بهم الحاكم طول الوقت سواء فنانين وأدباء؟

طب هما نوعهم إيه اللي بيستشيرهم الحاكم، هل بيفهموا في النقطة اللي هو عايز ياخد رأيهم فيها، ولا لأ؟ الحدوتة كلها في إزاي نعرف نصنع حضارة عند ناس الحضارة انتهت من عندهم خلاص، وبالتالي فإحنا عندنا مشكلة في الموضوع ده، فلو معندناش ناس تصلح لده نجيب من حتة تانية، ده غير إننا لازم نسأل يعني إيه نخبة برضه؟ ويعني إيه إعلامي؟ وأغلب دول أصلا مش كويسين، وبيأثروا في الناس، وهنا يجي سؤال: الناس تعمل إيه برضه؟ والإجابة برضه: "إن لازم يبقي في خطة للدولة".

- نفهم من كده إن الميديا جزء من المشكلة الموجودة في مجتمعنا؟

أصحاب المحطات جزء من المجتمع، فهو لما يعوز مشاهدة عالية، بس مايهموش اللي بيتفرج ده هيحصله إيه، هل كده التليفزيون بتاعه يبقى مفيد لصنع الحضارة ولا مضر لصنع الحضارة، طبعا هيبقى مضر، وكله كده بقى.

- وحل المشكلة دي إيه؟

إن الدولة تروح لأصحاب المحطات، وتقولهم إحنا دلوقتي في مصيبة سودا، ومينفعش كل واحد فيكم يبقى غرضه بس الإعلانات، وإحنا محتاجين مساعدتكم في المرحلة دي، والأولوية إن تليفزيون الدولة يبدأ بنفسه ويوجه رسائل للناس، وده صعب مش هنكر لأن الحاجات المفيدة أسخف من الحاجات التافهة، فلازم يوجه رسائل للناس وللأهالي اللي بيرتكبوا جرائم في حق ولادهم كل يوم، زي إن يبقى ابنهم 30 سنة وبيعاملوه على إنه عيل، ويقولوا له ثور أو ماتثورش، أو قوم ألبس حاجة عشان الدنيا برد وكده.

ده غيرإن إحنا حتى فيديوهاتنا اللي على اليوتيوب اللي بتحقق أعلى مشاهدة، إما عن العفاريت أو الفضايح، عكس برة خالص، برامجهم حلوة لأنهم مهتمين بالمعرفة.

- كان عندك خلاف فكري مع والدك.. هل مازال مستمرا؟

لأ خلاص.. هو متعاطف مع المشروع الإسلامي المجذوب، فبنتخانق في الحكاية دي، وتعاطفه ده مالوش أي علاقة باللي بيحصل على الأرض، وده من ضمن المشاكل، بمعنى إن أي حاجه بقولهاله يقولي لا مش هما، ده حد تاني.

- إيه سبب توقف برنامجك "حكومة نص الليل" على قناة "سي بي سي"؟

عشان "سي بي سي" قالوا إنه مش محقق نسب مشاهدة عالية، وإن الناس مش عايزة تتفرج على "البتاع ده"، وكانوا بيذيعوه متأخر جدا.

- هل برنامج الراديو أفضل بالنسبة لك؟

لذيذ طبعا، لأن الضغط أقل كتير، ومفيش ناس كتير وكرو تصوير وتحضيرات، إنما الراديو تدخلي تقعدي مع واحد رايق ع الميكسر.

- وبالنسبة للتواصل مع الناس من خلال الراديو، شايف إنه أسهل ولا أصعب؟

لا بالعكس ده أصعب، لأن عشان تكلمي المصري ده صعب، وإحنا المصريين ثقافتنا مزعجة، ورسائل حد زيي بتحتاج تركيز، فتلاقي ناس بتتكلم في النص وإنتي بتكلميه، وحتى اللي بيسمع مثلا من الصغيرين بيسمعني وهو بيذاكر فبيبقى مديني أصلا ربع دماغه، أو وهو سايق، فكل دي أمور بتصعب المهمة شوية.