التوقيت الإثنين، 23 ديسمبر 2024
التوقيت 08:22 ص , بتوقيت القاهرة

في "نص كتاب".. العسيلي: لو قريت كتابي بصوت هتسمعني

في كتابته يجذبك أحمد العسيلي، بلغته العامية البسيطة السلسة، التي يتحدث بها الجميع في الشارع المصري بمختلف أعمارهم، ومن تابعوه قديما في برامجه الإذاعية، يسمعون صوته حين يقرءون سطوره، الأمر الذي أوضحه العسيلي في مقدمة أحدث إصداراته مع دار الشروق "نص كتاب"، حيث قال في مقدمته:


"عشان نخلص من المعضلة الشهيرة من أولها كده، ده كتاب (مسموع)، أنا بكتب بالعامية، بلساني، حتى وإن اضطرني ذلك أحيانا إلى كسر قواعد أساسية في اللغة العربية كسرا صريحا واضحا، بأن أرفع منصوبا أو أنصب مرفوعا كما يفعلون في بلدنا، وبستعمل جنبا إلى جنب مع الكلام المكسورة قواعده ده، كمان كلام عربي فصيح، اللي يعرفني وسمعني قبل كده أسهل عليه اكتشاف النقلات، وغير كده برجاء الاهتمام بالتشكيل".



ويتابع العسيلي ناصحا القارئ: "نصيحة شخصية حتي تكتمل التجربة، اقرأ إن أمكن بصوت، حتى وإن كانت تمتمة خافتة، لو قريت بصوت هتسمعني، فهيبقى عندي فرصة أكبر أوصلك".


"الكتاب ده عنك أنت شخصيا".. ووجهها العسيلي مباشرة للقارئ في ود، واعدا إياه بأن "نص كتاب" سيأخذه إلى رحلة ما بعيدة جدا يلف بها كثيرا، ليعود في النهاية إلى نفسه مرة أخرى، منبها إياه أيضا أنه لن يدرك ذلك في البداية".


الفلسفة


يتحدث العسيلي من خلال كتابه عن أم العلوم "الفلسفة"، ولكن على طريقته الخاصة، حيث يعرض كيف ولدت الفلسفة وطريقة التفكير بها، حتى ندرك جميعا، طريقة تشغيل العقل الفلسفي، بداية من طفولته حتى شيخوخته.


ويوضح العسيلي من وجهة نظره أن كافة الأنظمة السياسية، هي منتجات فلسفية، يتدخل فيها الإنسان بفضوله وذكاؤه ودهاؤه ليلعب في فكرتها، ويطبقها بالطريقة التي يراها، ويفهمها، وتناسب ظروفه وأفكاره وهدفه، الأمر الذي قد يبعد تماما عن الفكرة الأصلية لطريقة التفكير "الفلسفة".


سرعة أقل


يقول العسيلي في كتابه أيضا أن السياسة والاقتصاد يسيران بسرعة أقل مما ينبغي، مبررا ذلك بأنه لا تزال حتى الآن توجد أمراض سمنة، وجوع في نفس اللحظة، على نفس الكوكب، وهناك مجلس أمن وفيتو يضرب بقراراته عرض الحائط في نفس القاعة.


المنطق


وتحدث أيضا عن علاقة الفلسفة بالمنطق، والإنسان الفيلسوف، موضحا أن الإنسان هو كائن في الأصل فيلسوف، ولكن الحياة تلهيه عن ذلك، متابعا أن البني آدمين يتحدثون منذ زمن عن العدالة، المساواة، الحرية، وغيرها من المفاهيم، دون أن يشغلوا أنفسهم بفهمها أو التفكير فيها.


قشر الحاجات توصل لحقيقتها


في بساطة يوضح العسيلي علاقة العالِم بالفلسفة، قائلا: "في علاقة مهمة جدا بين العلم والفلسفة، العالِم زي الفيلسوف، عايز يوصل لأنه يفهم أحسن، عايز يقشر الحاجات عشان يوصل لحقيقتها، عايز يكشف حاجات جديدة، علي طول بيدور هو كمان وعايز أدلة يثبت بها اللي هو مصدقه".


دين الفلسفة وفلسفة الدين 


كما يقول العسيلي، وفقا لوجهة نظره في الكتاب، أنه لا يمكن أن نقترب من بحر الفلسفة الكبير، دون أن نمر على علاقته ببحر الأديان بقدر كبير من الاهتمام والاحترام، على حد وصفه، ذاكر أن علاقة الفلسفة بالأديان معقدة جدا بطول العمر البشرية، وبطول عمر الأديان ولا تزال، وتحدث أيضا في فصل آخر عن الفلسفة الإسلامية بشكل خاص.



البداية.. سقراط


ولم يغفل العسيلي سرد بدايات الفلسفة، والحديث عن سقراط الذي يوصف بـ"المعلم"، وقال عنه: "كانوا يقولون عنه إن شكله وحش، ولكنه حاد الذكاء، خفيف الدم، ساخر، وعنده كاريزما شخصية جذبت ليه أصحاب العقول في أثينا جميعهم، وأنه أول الفلاسفة الإغريق العظام اللي يبقى أثيني المولد، وعاش فيها في عصرها الذهبي في قمة مجدها".



القاضي الفيلسوف


كما خصص العسيلي فصلا بأكمله عن القاضي الفيلسوف، تلاه الحديث عن "أفلاطون"، قائلا: "فيه مقولة عن أفلاطون بتقول إن كل الفلسفة الغربية كانت الهوامش بتاعته، وده مش مقصود حرفيا طبعا، بس المقصود إنه رسم بكتاباته مسار الفلسفة الغربية كلها مش بس كده حتى فلسفة الأخلاق، اللي أبدع فيها ومشيت الفلسفة الغربية في المسار ده اللي رسمه هو أفلاطون 400 سنة قبل الميلاد لحد النهارده، مرورا بكل العالم اللي اترجم ليه شغل أفلاطون بما فيهم العرب"، وخصص العسيلي فصلا آخر عن "أسطورة الكهف" التي وضع أفلاطون من خلالها تصور عن المعرفة الإنسانية وعلاقتها بالواقع.



أرسطو


وأتم العسيلي حديثه عن كبار الفلاسفة بـ"أرسطو"، الذي أسماه العرب بالمعلم، قائلا إنه الرجل الذي رسم خريطة كل العلوم وهو واضع علم المنطق ومعلم الإسكندر الأكبر شخصيا، وغير ذلك من المعلومات عن هذا الفيلسوف.


"إحنا ما بنشوفش الأشياء كما هي، بل كما نحن".. هكذا قال أنايس نين، الذي استشهد بعبارته العسيلي، الأمر الذي يوضح الكثير مما يرغب في قوله عبر كتابه "نص كتاب".


وفي الخاتمة يؤكد العسيلي على القارئ، ألا يغفل الهدف الأساسي من الكتاب، وهو الحديث عن الفلسفة كطريقة تفكير، وأنها القادرة على تغيير الواقع والمستقبل، وقد تكون هي الأداة الوحيدة لتحقيق التغيير.