التوقيت الإثنين، 25 نوفمبر 2024
التوقيت 11:00 م , بتوقيت القاهرة

الست لما

في تقديري إن ربع رصيد أم كلثوم كان في صوتها، والربع التاني كان في اهتمامها بـ جودة المنتج، ونص اسمها على الأقل كان نتيجة اعتناءها بـ اسمها وصورتها الذهنية عند الجمهور، وذكاءها في التعامل مع الفخاخ والخوازيق، وقدرتها على السيطرة من الناحية الاجتماعية.


مش معروف بالدقة هي مولودة إمتى، بس هي اتولدت مع بداية القرن العشرين، قبله بـ شوية، بعده بـ شوية، ولو فتشت في ذاكرتك على أقدم أغنية تعرفهالها، في الغالب هـ تكون عدت الـ 45 سنة ساعة ما غنتها لأول مرة. مش كتير مننا اللي بـ يسمعوا شغل العشرينات والتلاتينات ولا حتى الأربعينات ويستسيغوه.


ولأن الحياة شبه "الجيمز" كل ما تعدي مستوى بـ تواجه وحش أكبر من المستوى اللي قبله، فـ أم كلثوم عدت وحوش كتير قبل ما توصل إنها هي نفسها تبقى وحش، وبرضه تفضل تقابل وحوش، فكك من فكرة إنها أول ما طلعت الناس كلها اهتمت بيها، والبشرية كلها مكنش ليها ذكر إلا أم كلثوم، الست واجهت مطبات من أسخف ما يكون.


مثلا، وثيقة الزواج مكنتش حاجة إلزامية، كان اللي عايز يكتب عند المأذون يكتب، واللي عايز يتجوز عرفي هو حر، صحيح هو حر لـ حد دلوقتي، لكن برضه الجواز العرفي بقى مصداقيته أقل بـ كتير، سواء من الناحية الاجتماعية أو حتى القانونية، واللي كان السبب في التحول ده هي أم كلثوم، لما واحد ادعى سنة 1935، إنه جوز الآنسة أم كلثوم، وطلبها في بيت الطاعة، وكانت قضية كبيرة شغلت الإعلام لـ فترة، وخلصت من المطب ده بالعافية.


في فترة التلاتينات كانت معظم التحديات متعلق بـ فضايح شخصية، وكان فيه كلام عن ابن غير شرعي، اسمه خالد، وكلام تاني عن ابنة غير شرعية، وكلام تالت عن مثلية جنسية، ومع إن الحاجات دي كان ممكن تدمر أي بنت غيرها جاية من قرية اسمها طماي الزهايرة بس عدت.


في الأربعينات دخلت طرف في صراعات العائلة الملكية من بوابة أسمهان، وكنا حكينا الحكاية دي أكتر من مرة، والموضوع خلص بموت أسمهان، ثم انتهاء الملكية، اللي كانت عقبتها الجديدة مع ظهور دولة يوليو، بـ اعتبارها رمز لـ عصر فاروق، بس هي وعبد الناصر كانوا من الذكاء بحيث ما يخسروش بعض.


عبد الناصر مكنش عايز بس أم كلثوم المطربة، لكن أم كلثوم الرمز، أم كلثوم اللي تلم الأسرة حواليها كل شهر، واللي ليها إذاعة مخصوص بـ اسمها، والإذاعة بـ تُبَث من حتة تانية خالص غير مبنى الإذاعة الرسمي، فـ يبقى راديو احتياطي في حالة الانقلابات يقدر عبد الناصر يخاطب الشعب من خلاله، أم كلثوم اللي تقدر تجمع عشرات الآلاف من الجنيهات للمجهود الحربي بعد النكسة.


ولاد عبد الناصر كانوا فاكرين إن ثومة عمتهم أو خالتهم، من كتر ما هي متواجدة في البيت، وفي ظل ابتعاد الست تحية كاظم مرات عبد الناصر عن الصورة، كان فيه احتياج لـ سيدة أولى، لعبته ثومة بمنتهى الاقتدار.


وكالعادة، مكانتها في عصر، بـ تبقى عبء عليها في عصر تاني، ولأن جيهان رؤوف، الشهيرة بـ جيهان السادات كانت عايزة تلعب دور سيدة مصر الأولى، فـ من أول لحظة حطت أم كلثوم في دماغها، خصوصا لما ثومة، قابلت السادات بعد ما بقى رئيس، فـ قالت له، على حسب العادة: "يا أبو  الأناور"، فـ جيهان قالت لها: اسمه سيادة الريس.


جيهان جابت الست إفراج بنت الشيخ محمود خليل الحصري، وسمتها ياسمين الخيام، وجابت عبوهاب وبقية شلة الملحنين، وطلبت منهم يتبنوا الست الجديدة، ومن ناحية تانية بدأت تقف لها في مشروعاتها الخيرية، وأصلا مشروع الوفاء والأمل الشهير، عملته جيهان ردا على جمعية خيرية عملتها أم كلثوم، فـ  راحت ثومة وقفت مشروعها وقدرت تتجاوز البهدلة في أواخر أيامها.


الست دي فعلا عظيمة
ربنا يطول في عمرها