التوقيت الإثنين، 23 ديسمبر 2024
التوقيت 06:35 ص , بتوقيت القاهرة

كيف تهزم الغيرة؟

كنا قد وصلنا في المقال السابق  لأن الغيرة في جوهرها مشاعر خوف وغضب. خوف من فقد وغضب من كل ما قد يشير إليه. وأنه على الرغم من أن تلك المشاعر قد تكون مُبررة في بعض الأحيان، وأنها في جزء منها غريزة وجزء منها عرض لمرض في العلاقة محل المشاعر، إلا أنها في أغلبها مشكلة شخصية جدًا. 


تؤدي شخصية مشاعر الغيرة إلى هزيمة صاحبها. تنبع مشاعر الغيرة من الإحساس بالتهديد. والتهديد يؤدي لخيار من اثنين، إما الحرب أو إما الهرب.


في الحالتين تصل الغيرة بالشخص للنتيجة التي يخشاها، سواء قرر الهرب من العلاقة المُسببة للغيرة أو مواجهتها في حرب طويلة. يؤدي الهرب لخسارة العلاقة كما ستؤدي الحرب مهما طالت لخسارة العلاقة. 
وستؤدي خسارة العلاقة لتعميق "المشكلة الشخصية"، ومن ثم يدخل الشخص في دائرة مفرغة من الشعور بالتهديد والخوف والغضب والخسارة مما سيؤثر على علاقات الشخص المستقبلية وجودة حياته بصفة عامة.


لكن يمكن تجنب هذا المصير الحتمي ببعض الجهد. ربما لا يمكن السيطرة على الجزء الغريزي من الغيرة لأنه جزء من المنافسة من أجل البقاء. لكن يمكن التحكم في الجزء الخاص بالمشكلة الشخصية.


الخطوة الأولى للتحكم بالغيرة هي الاعتراف بالمشكلة. "أنا غيران/ أنا غيرانة"، هذا الاعتراف على رغم بساطته إلا إنه صعب. لأنه يتطلب أولًا تحديد المشاعر بدقة. فبين الغيرة والحسد (الحقد) شعرة، كلاهما ينتج من المنافسة، وكلاهما مشاعر سلبية لكن واحدة منهم مشاعر دنيئة (الحسد) ترتبط بتمني زوال تفوق الخصم وربما العمل بكل جد على أذيته. 


الخطوة الثانية هي إجابة سؤال لماذا. لماذا أشعر بالغيرة. وهذه الخطوة تحتاج الكثير من مكاشفة النفس واجترار الذكريات السلبية التي ربما ظننا أننا تجاوزناها. في أحيان كثير نلوم أشخاص على أفعال قام بها آخرون. في معظم الوقت شعورنا بالغيرة ناتج عن إحساس داخلي بالهزيمة. معرفة السبب الحقيقي وراء تحفيز المشاعر نقطة هامة للسيطرة عليها.


الخطوة الثالثة، تقييم التبعات أو إجابة سؤال وماذا بعد. ماذا بعد القرارات الناتجة عن الغيرة؟ هل هذه الأفعال ستؤدي لخسارة الصديق/ الشريك/ الأخ/ الزوج .. إلخ . 


ستحدد الخطوات الثلاث السابقة نوعية المشاعر التي تمر بها وأسبابها وتبعات استسلامك لها. ويبقى في خطوات السيطرة على الغيرة ثلاث خطوات أخرى.


الخطوة الرابعة، التواصل مع الشريك بنتائج الثلاث خطوات الأولى. "أنا أشعر بالغيرة والسبب كذا وكذا وأخشى كذا وكذا" بشرط ألا تتم المصارحة بحقيقة المشاعر إلا بعد تقييم العلاقة والتأكد بأنها تستحق عناء محاولة الإنقاذ.


الخطوة الخامسة، Let it go!  . دع المشاعر تمر. تعامل معها كألم عارض ولا تجعل الغيرة تسيطر على مجريات حياتك. 


الخطوة السادسة، تعلم من التجربة. قيم نفسك واستخدم مشاعر الغيرة إيجابيًا. وبدلًا من الشعور بالهزيمة اجعل من الغيرة دافعًا لتحسين صورتك عن نفسك. لأن "الهزيمة ليست قدرًا والنصر ليس صدفة"!