سنة 1967، غنت فيروز، من ألحان محمد عبد الوهاب، قصيدة "سكن الليل"، الغنوة أشهر من التعريف بيها، والتعاون بين فيروز وعبد الوهاب مش محتاج كلام، لكن ده مكنش أول ظهور للقصيدة في الغناء العربي، لأن نازك غنتها قبل كده بـ سنين طويلة، بس من ألحان فريد غصن.

القصيدة معروف إنها لجبران خليل جبران، وفيه خلاف على كده، لأنها كمان موجودة بالنص في ديوان الشاعر العراقي نعمان عبد اللطيف، اللي كان معاصر لـ جبران، وصقر أبو فخر له مقالة في جريدة السفير اللبناني، بـ يحاول يحسم فيها الجدل، وبـ ينحاز  لـ جبران، طبقا لأمور منطقية، منها صغر سن نعمان، وقت إصدار ديوان جبران اللي فيه القصيدة.

وفي نص الخمسينات، غنى عبد الحليم حافظ قصيدة "سمراء"، اللي هي من كلمات الأمير السعودي عبد الله الفيصل، بغض النظر عن الكلام المنتشر إن الفيصل كان بيشتري القصائد من شعراء زي أحمد مخيمر وفتحي سعيد وغيرهم (زي منصور الشادي كده).

غنوة حليم من ألحان كمال الطويل، بس برضه ده مكنش أول تلحين للقصيدة، قبلها بعشر سنين تقريبا لحنها وغناها كارم محمود، بس طبعا نسخة كارم اختفت مع نجاح نسخة حليم، ونجاح حليم نفسه وتسيده الوضع.

وسنة 1964، غنت أم كلثوم قصيدة "أراك عصي الدمع"، أشهر قصيدة للشاعر أبو فراس الحمداني، اللي عاش في القرن الرابع الهجري (زمن المتنبي، وكان فيه بينهم عداوة)، ولحن رياض السنباطي.

بس القصيدة دي غريبة جدا، أم كلثوم غنتها تلات مرات، بـ تلات ألحان مختلفة، والمسافة بين كل لحن وأخوه عشرين سنة بالظبط، غنتها سنة 1924، وسنة 1964 المرة الأولى كانت بـ لحن عبده الحامولي، والتانية زكريا أحمد والتالتة السنباطي.

لحن عبده الحامولي أكيد مكنش معمول لأم كلثوم، لأنه كان اتوفى من زمان، هو نفسه غناه، بس كمان كل أسطوات الغنا في بدايات القرن غنوه، وأشهر واحد كان صالح عبد الحي، يمكن لأن تسجيله واضح، لكن كتير غنوها، ونعرف منهم زكي مراد أبو ليلى مراد، وهنا نلاقيها بصوت عبد الحي.

لحن زكريا أحمد مش موجود، ودي مش أول حاجة يعملها زكريا للست، وتعيد تلحينها، خصوصا من السنباطي، بعد وفاة ملحنها الأصلي، فيه كمان القلب يعشق كل جميل، اللي موجودة بـ صوت زكريا أحمد.

لو دخلنا في أزمان أحدث هـ نبقى محتاجين مجلدات، ومش بـ أتكلم عن الحاجات الواضحة، اللي هي إعادة تناول لكلاسيكيات زي ما منير بـ يعمل، وأحيانا علي الحجار وأنغام ومدحت صالح ومحمد الحلو، لأ، بـ أتكلم عن اللي مش معروف، يعني مثلا:

كتير من شغل محمد فؤاد متغني قبله، بس بنفس الكلام ونفس الألحان، "في السكة" و"يالا بينا يالا" بتوع مطرب اسمه مسعد رضوان، وكان لقبه مطرب الجامعات، وهو بالمناسبة لسه عايش، وبـ يغني.
"الليل الهادي" غناها قبله المطرب السوداني شرحبيل أحمد، وكنت سمعتها منه لايف في المسرح المكشوف بـ "دار الأوبرا"، والغريب إن فؤاد حتى مكتبش اسم شرحبيل كـ ملحن للغنوة.

أغنية "صح" اللي غناها في ألبوم "هـ أودعك" أصلا بتاعة محمد نوح، و"هـ أودعك" نفسها غناها قبله مطرب طلع فترة كده اسمه "مجدي ربيع"، وربيع كان هـ يتجنن لما فؤاد غنى الغنوة من غير ما يستأذنه.
وحكيم زيه زي فؤاد في الموضوع ده، ومن أشهر الحاجات اللي أعاد غناءها "ولا واحد ولا مية ولا مليون" اللي غناها سنة 1999، كانت بتاعة مطرب اسمه محمد سراج، وهو اللي ملحنها، بس عادي يعني.

ولا مش عادي؟

صباح الخيرات