ما فعلته "الأهرام العربي" فينا
بكل جسارة، جازفت مجلة الأهرام العربي، بعدد "رومانسى" فى أيام لا تعرف الرومانسية، أو هكذا تصورنا، وواضح بالطبع أنني أتحدث عن العدد الذي خصصته المجلة للاحتفاء بالمطربة العظيمة فيروز، عن نفسي قد أتصور حماسي لشراء عدد يضع فيروز على غلافه، وخاصةً إذا كان هناك اسطوانة لأغنياتها كهدية، ولكننى أدرك حجم المسؤولية التي تسببها المخاطرة لو أنني المسؤول عن إصدار العدد.
العدد "القنبلة" نجح نجاحًا منقطع النظير، فها هي مطبوعة ورقية تصدر طبعتها "الثالثة" من عدد واحد في عصر الصحافة الرقمية!
النجاح الذي حققته المجلة، غالبًا لم يأت عن طريق المصادفة، فالحظ قد يحالفك في لحظة، لكن ذلك لأن للقدر خططه الخاصة لك، والحظ لا يتبعك أينما ذهبت، هو يسخر لك الظروف لبعض الوقت فحسب.
النجاح الذي أصابه عدد فيروز من مجلة الأهرام العربي، يدفع أي محترف للصحافة لإعادة التفكير في مقولة، بدا لوقتٍ طويل أنها محسومة الدقة: انتهاء عصر الصحافة الورقية، وبرغم كوني متخصصة في الصحافة الرقمية؛ إلا أنني بطبيعة الحال ابنة الصحافة الورقية، قد يدفعني الحنين للاطلاع عليها، لكن لا يتخطى الأمر ذلك بالتفكير فى العمل بمطبوعة ورقية مثلاً، باعتبار أن الصحافة المطبوعة تعيش آخر أيامها.
وما فعله العدد الناجح من "الأهرام العربى"، أنه قد أعاد إلى ذهني مجادلات عديدة خضتها حول هذا الأمر، فللحق لم ينته نقاش موضوعي مع محترفين من أنحاء العالم على التوافق بأن عصر الصحافة المطبوعة انتهى للأبد أو قريباً على أقل تقدير، فغالباً ما كانت النهايات مفتوحة، ومنذ أقل من عامين، بدأ النقاش حول التحول الذي يجب أن تحققه الصحافة المطبوعة كي تحظى بفرص للبقاء، والنمط الذي يجب أن تتخذه فى تطوير المحتوى الخاص بها من حيث "النوعية" ، كذلك آليا التسويق؛ لذا فإن عدداً من المؤسسات العريقة فى العالم، تحتفظ بمطبوعاتها الورقية، ترقبًا للمسار الذى ستتخذه صناعة الصحافة في هذا الشأن.
فيما يخص تجربة "الأهرام العربى"، الوقت وحده سيحسم مدى استمرار الناجح، ولو أنني أستطيع توقع ذلك، من اختيارات محاور الأعداد التالية لفيروز، فقد أتت مختلفة المضمون ما يضمن عنصر المفاجأة، وكذلك إرضاء مختلف الأذواق، وبالنسبة للجدل حول: هل سيطول العمر الافتراضى لعصر الصحافة الورقية؟ فيبدو أن السوق المصرية قد بدأته بالفعل.