أينشتاين.. الريس عبد الواحد.. والأميرة إنجي
دي مجموعة من اللمحات عن حياة ألبرت أينشتاين مش هتقابلها كتير في الكتب:
(1)
ألبرت أينشتاين ساب البت بتاعته، حبيبته الأولى، بطريقة وقحة، عارفين، كانت تبعتله جواب كل يوم تتمنى أنه يروح يزورها، كان بيبعتلها الهدوم الوسخة في البريد ويرجع ياخدها.
في مرة من المرات قالتله إنها جرت تحت المطر لحد مكتب البريد علشان تجيب غسيله واللي قهرها أنها مش بتلاقي حتى جواب صغير منه بين هدومه الوسخة، ألبرت سابها بجواب !
حبيبته اللي بعدها كان اسمها ماريش، هيا اللي اتجوزها، أهله كانوا رافضين الجوازة دي لأنهم كانوا بيحبوا البنت الأولانية، ولأن دي كانت مش جميلة وكانت بتعرج شوية، ألبرت حبها لذكائها، لما حملت ماريتش منه وكانوا أهاليهم والأقارب ضد فكرة الحمل خارج الجواز خبوا الخبر.
ماريتش راحت تقضي شهور الحمل كلها برا المدينة بتاعتها، طول فترة الحمل البيه أينشتاين لم يكلف نفسه بزيارة واحده ليها، ولا زيارة، مراحش حتى ساعدها في المذاكرة وسقطت في امتحان الفيزيا، وفقدت للأبد فرصة أنها تبقى دكتورة جامعة، زعلت للغاية من أينشتاين أنه مش بيزورها، وكان بيتحجج بضيق الحال وإن مفيش فلوس للمواصلات! بعتتله رسالة قالتله "لو مش لاقي سنتين (حاجة كده زي 2 جنيه) تركب بيهم لهنا أبعتهملك بالبريد، يا ريت متضحكش على نفسك".
ألبرت كان زي أي إنسان، مفيش حد مثالي يا جماعة، العباقرة ناس عاديين أغبيا زينا كده، مفيش رهبان هنا، العبقرية سرها في النهم، الشغف بشيء ما، الشجاعة في مواجهة الأفكار اللي اتزرعت فينا، الشجاعة في مواجهة نفسنا.
(2)
أول بحث نشره عمنا أينشتاين ملقاش أي قبول، ده كان سنة 1900، ساعتها كان عاطل ممعهوش حتى الفلوس اللي هيخلص بيها ورق الجنسية السويسرية، كان بيلف على شغل زي المجنون، وبيبعت لكل جامعة في أوروبا علشان يشتغل عندهم بعد ما خلص معهد والجميع بيرفضه رفض تام.. الموضوع كبر في النهاية، لدرجة أن جوابات أينشتاين مبقتش جوابات طلب وظيفة بس، لا، دي بقت جوابات استعطاف، وتوسل!
من بين الناس اللي بعتلها أينشتاين كان دكتور كيمياء اسمه فيلهلم اوستفالد - والراجل ده هياخد نوبل بعدها بشوية - كتبله رسالة إطراء عن شغله وبعدها قاله بتوسل فيها: "منتاش عاوز فيزيائي رياضي يا باشا؟"
وأضاف بصراحة: " أصل أنا ممعيش فلوس, و مش هيساعدني على استكمال دراستي إلا أنك ....."
و لما محصلش على رد بعتله تاني قاله :"أنا مش متأكد اذا كنت بعت ليك العنوان ف الجواب اللي فات فقلت ابعت تاني " جايز الراجل قلبه يحن ولا حاجة ويقبل الواد أينشتاين اللي كان لسه في أوائل العشرينات بس الراجل رفض.
أبو أينشتاين كان راجل طيب بيحب ابنه، لما حس بالواد راح للباشا قال له ابني عاوز يتجوز بنتك الأميرة إنجي يا باشا. آسف سرحت ناحية رد قلبي. قصدي أبو الواد أينشتاين بعت للدكتور فيلهلم أوستفالد يسترجاه ويستعطفه انه يوافق أن الواد يشتغل معاه، وأن إحنا على قد حالنا آه يا باشا، بس والله الواد موهوب وبيقولوا عنه كلام زي الفل، وإحنا غلابة وعلى قد حالنا، على فكرة خطاب أبو أينشتاين للدكتور لم يختلف كثيرا عن الكلام اللي قاله الريس عبد الواحد الجنايني للباشا في الفيلم !
صدق أو لا تصدق أنه الدكتور أوستفالد - اللي رفض أينشتاين رغم كل تلك التوسلات الفظيعة - هو نفس الشخص اللي رشح أينشتاين لنوبل في الفيزياء بعدها بتسع سنين بس !!
بدون هري كتير عن كيفية أنك لازم تكمل رغم كل يأس، ورغم كل فشل، ومهما حصل، والحوارات الحمضانة دي، أنا هلخص ده كله في خطاب من 13 كلمة بس بدون حروف الجر والمعية والاستثناء، بعته أينشتاين لصاحبه مارسيل جروسمان في عز يأسه وقال له:
"أنا مسبتش طوبة إلا و قلبتها، و متخلتش عن روح المرح، ربنا خلق الحمار و عطاه القدرة على التحمل"
(3)
خلينا في رقم 3 ده بسؤالين نبدأ بسؤالين: طبعاً في أي عربية هتلاقي أن الأهم دايما من دواسة البنزين، هو دواسة الفرامل.. لأنه قدراتها العالية هتعطيك الحرية أنك تستخدم دواسة البنزين بأقصى قوة ممكنة، لكن السؤال الأول هنا: إيه هيا الفرامل الحقيقية في الحياة؟ مبادئك؟ المسلمات المعروفة؟ الخير مثلا؟ أنت بشكل عام؟ إيه؟
طيب، هل ترى أنه من الصواب أنك تطلع بالعربية وأنت عارف رايح فين؟ بالتأكيد اه، ده ضروري، لكن في البحث العلمي، أو في البحث عن الحقيقة بشكل عام، شايف أن ده صح؟
عمنا ألبرت أينشتاين عمل بحث ثوري قوي عن حركة الضوء على هيئة كمات، كان البحث ده بداية لعلم كامل هيقف كعدو لدود لنسبية أينشتين ذاتها، علم ميكانيكا الكم، ألبرت عمل البحث وهو عارف جيدا أنه بحث "إرشادي" لا أكثر مهما كانت النتائج، وأطلق عليه الاسم ده، أنه فرضية لا أكثر لا يمكن التعويل عليها بأكثر من كونها فرضية، ولما بدأت تظهر نتائج عجيبة من هذا البحث، وتضاربت بقوة مع موقف أينشتين المؤيد للسببية وفكرة "اليقين" ، تراجع فورا وأصبح عدو ليها
ماكس بلانك، واللي نقدر نقول عليه أنه أينشتاين معكوس، شخصية معاكسة تماما لشخصية ألبرت، غني، غير ساخر، ملتزم بالقواعد، محافظ، بتاع جامعة وأبحاث وقوانين صارمة ومظاهر، هو كمان تراجع فورا عن أفكاره الكوانتية لما وجد أنه بيواجه نفسه جوة كمات الضوء، بيواجه فكرة الانتظام اللي بيمجدها، بيواجه مبادئه، بيواجه غضب المجتمع العلمي، ماكس خاف، وألبرت خاف، وعلى اختلاف الشخصيات بتبقى المشكلة مش في الشخصيات، المشكلة في القواعد اللي حطيتها قبل ما تبدأ طريقك.
البعض شايف أنه لازم تزق رؤيتك للعالم في بحثك عن الحقيقة لسبب واحد، وهو أنك ليك هدف من وجودك، من وجود روحك بالشكل ده، ولكن في التجربة - أي تجربة سواء كانت علمية أو شخصية أو أي حاجة - فإن وجود أي لمحة داخلية عن أنك منتظر نتائج معينة، أو أنك عاوز نتائج معينة، أو أنك لن تقبل إلا بنتائج معينة.. فده بالتأكيد هيقود تجربتك لحتفها، وهيقود رأيك العلمي أو الشخصي ناحية مشاعرك، وبالتالي إلى الخطأ المطلق !
طيب ياعم شادي إيه علاقة ده بأهمية وجود فرامل في حياتك؟
بكل بساطة، الفرامل: هي أنك تشك أنه فيه فرامل من أصله، ورغم كده تدوس بنزين ولا يهمك !