التوقيت الثلاثاء، 05 نوفمبر 2024
التوقيت 03:57 م , بتوقيت القاهرة

جبران خليل جبران.. شاعر المهجر الذي ذاق مرارة الوحدة

"الحب لا يعطي إلا ذاته، ولا يأخذ إلا من ذاته، وهو لا يَملِك ولا يُملًك، فحسبه أنّه الحب".. هكذا قال جبران خليل جبران الفيلسوف والشاعر والكاتب والرسام البناني، فهو واحد من أدباء وشعراء المهجر، ولد في 6 يناير 1883 في بلدة بشري شمال لبنان، في الوقت الذي كانت تابعة لمتصرفية جبل لبنان العثمانية، ورافق عائلته صبيا إلى الولايات المتحدة الأمريكية، وحصل على جنسيتها.


الأم تعمل خياطة


سكنت عائلة جبران في بوسطن، وسجل اسمه في المدرسة خليل جبران بالخطأ، وبدأت أمه العمل خياطة متجولة، كما فتح أخوه بطرس متجرا صغيرا، أما جبران فذهب إلى المدرسة في 30 سبتمبر 1895، ووضعه مسؤولو المدرسة في فصل خاص للمهاجرين لتعلم الإنجليزية.

التحق جبران بمدرسة فنون قريبة من منزلهم، ونمّت مواهبه الفنية وشجعتها
معلمة الرسم "فلورنس بيرس"، وكان من أعضاء هذه المدرسة الآنسة "دغيسي بيل"، التي كتبت إلى صديقها المثقف الغني فريد هولاند داي، عن جبران فشجعه ودعمه حينما رأى محاولاته الإبداعية، وكان يعيره الكتب التي أثرت في توجيهه الفكري والروحي والفني، واستخدم فريد بعض رسومات جبران لأغلفة الكتب التي نشرتها دار "كويلا آند داي".


"أين تبحثون عن الجمال وكيف تجدونه إن لم يكن هو الطريق والدليل؟"


العودة إلى بيروت


في الخامسة عشر من عمره، عاد جبران مع عائلته إلى بيروت، ودرس في مدرسة إعدادية مارونية ومعهد تعليم عال يدعى "الحكمة"، بدأ مجلة أدبية طلابية مع زميل دراسة، ثم انتخب شاعر الكلية، كان يقضي العطلة الصيفية في بلدته بشري، ولكنه نفر من والده الذي تجاهل مواهبه، فأقام مع ابن عمه نقولا.


الطبيعة ملاذ


وجد جبران عزاءه في الطبيعة، وصداقة أستاذ طفولته سليم الضاهر، ومن علاقة الحب بينه وحلا الضاهر التي استوحى قصته "الأجنحة المتكسرة" منها بعد عشر سنوات، ظل في بيروت سنوات عدة قبل أن يعود إلى بوسطن في 10 مايو 1902، وقبل عودته بأسبوعين توفيت أخته سلطانة بالسل، وبعد سنة، توفي بطرس بنفس المرض وتوفيت أمه بسبب السرطان، أما ماريانا، أخت جبران، فهي الوحيدة التي بقيت معه، واضطرت للعمل في محل خياطة.


الحق يحتاج إلى رجلين: "رجل ينطق به ورجل يفهمه".


أسس جبران خليل جبران الرابطة القلمية مع كل من، ميخائيل نعيمة، عبد المسيح حداد، ونسيب عريضة، وكانت فكرة الرابطة القلمية هي تجديد الأدب العربي وإخراجه من المستنقع الآسن، كما يروي إسكندر نجار في كتابه الذي ألفه عن جبران ويحمل اسم "جبران خليل جبران".


فيروز


كان في كتاباته اتجاهان، أحدهما يأخذ بالقوة ويثور على عقائد الدين، والآخر يتتبع الميول ويحب الاستمتاع بالحياة النقية، ويفصح عن الاتجاهين معا في قصيدته "المواكب" التي غنتها المطربة اللبنانية فيروز باسم "أعطني الناي وغنّي".


"إن لم يجر بينكم التبادل بالحب والعدل، شرهت فيكم نفوس وجاعت أخرى".


الإسلام


تفاعل جبران مع قضايا عصره، وكان من أهمها "التبعية العربية للدولة العثمانية"، والتي حاربها في كتبه ورسائله، وبالنظر إلى خلفيته المسيحية، فقد حرص جبران على توضيح موقفه بكونه ليس ضدا للإسلام الذي يحترمه ويتمنى عودة مجده، بل هو ضد تسييس الدين سواء الإسلامي أو المسيحي، وفي هذا الصدد، كتب جبران في مقال وصفه بأنه "رسالة إلى المسلمين من شاعر مسيحي".


ي والله لقد صدقوا، فأنا أكره الدولة العثمانية لأني أحب العثمانيين، أنا أكره الدولة العثمانية لأني أحترق غيرة على الأمم الهاجعة في ظل العلم العثماني، أنا أكره الدولة العثمانية لأني أحب الإسلام وعظمة الإسلام ولي رجاء برجوع مجد الإسلام، أنا لا أحب العلّة، ولكنني أحب الجسد المعتلّ، أنا أكره الشلل ولكنني أحب الأعضاء المصابة به.. أنا أجلُّ القرآن ولكنني أزدري من يتخذ القرآن وسيلة لإحباط مساعي المسلمين، كما أنني أمتهن الذين يتخذون الإنجيل وسيلة للحكم برقاب المسيحيين".


توفي جبران في نيويورك 10 أبريل 1931 بداء السل.