التوقيت الثلاثاء، 05 نوفمبر 2024
التوقيت 05:33 م , بتوقيت القاهرة

محمود درويش وريتا اليهودية.. جمعهما الغرام وفرقتهما بندقية

محمود درويش
محمود درويش
الحب لا يحتاج إلى استئذان، لا يمكن لك امتلاك سلطة ترويضه، لتجبره أن يحب أو يكره شخصا بعينه، لا يخضع للمنطق، فقط تشعر بمشاعر دافئة تتجه صوب قلبك مباشرة فتحتل قلبك.
 
تنمو المشاعر إذا وجدت مناخا للبقاء، وتنتهي في لحظة يقرر فيها الشخص أن يتخذ قرارا مصيريا، بانتهاء علاقة حبه، يفصل الفراق بين العاشقين، لكن الغرام لا يموت في القلب، يتحول إلى عطر ساحريمتزج بشدة بالحنين، وتصبح الذكريات هي الشاهدة على الوجد الذي لا ينتهي.
 

محمود درويش
محمود درويش
محمود درويش
 
هكذا تألم الشاعرمحمود درويش من قصة حبه بفتاة يهودية تدعى "ريتا" قبل أن تحسم قرارها بالتجنيد للالتحاق بسلاح الطيران الإسرائيلي، اختارت "تامار باهى" - ريتا- الانحياز لرواية أهله، وهي تختار التجنيد، واختار"درويش" حكاية شعبه، فلم يجد غير الشعر ليكتب مرثية فشله في الغرام بقصيدته "ريتا والبندقية"..
 
"بين ريتا وعيوني بندقية
 
آه ..ريتا
 
أي شيء ردّ عن عينيك عينىَّ
 
سوى إغفاءتين
 
وغيوم عسليّة
 
قبل هذي البندقية
 
تلاحقه عينا "ريتا " العسلية كلما تذكرها فيكتب قصيدة أخرى عنها حملت عنوان "شتاء ريتا"، سنوات طويلة ظل طيف "ريتا" يلاحق "درويش" دون أن يعرف جمهوره من هي "ريتا"، لكن الجميع كان يعرف أن هناك مغزى كبيرا وراء "البندقية" التي فرقتهما.
محمود درويش ووريتا
محمود درويش ووريتا
شتاء ريتا الطويل
لكن بعد فترات طويلة من الصمت والامتناع عن الكشف عن هويتها، يكشف "درويش" في أحد الحوارات التي أجريت معه عن هوية "ريتا" وبإلحاح من الصحافية الفرنسية لورإدلر في مقابلة تلفزيونية لكي تعرف حقيقة "ريتا" التي كتب عنها قصائده "ريتا والبندقية"، و"شتاء ريتا الطويل".
ريتا
ريتا
 
 
يقول "درويش": "لا أعرف امرأة بهذا الاسم فهو اسم فني، ولكنه ليس خاليًا من ملامح إنسانية محددة؛ وإذا كان يريحك أن أعترف أن هذه المرأة موجودة، فهي موجودة أو كانت موجودة، تلك كانت قصة حقيقية محفورة عميقًا في جسدي"، لا يكف الصحفيون عن ملاحقة صمت "درويش" لمعرفة الأسباب التي دفعته إلى ترك "ريتا"، يعترف "درويش" في حوار أجراه مع الشاعر اللبناني عباس بيضون عام 1995.
 
 
ويقول: "إن حرب يونيو 1967 أنهت قصة الحب، دخلت الحرب بين الجسدين بالمعنى المجازي، وأيقظت حساسية بين الطرفين لم تكن واعية من قبل. تصور أن صديقتك جندية تعتقل بنات شعبك في نابلس مثلاً، أو حتى في القدس، ذلك لن يثقل فقط على القلب، ولكن على الوعي أيضا"، وذلك بعد عامين من إلحاح الصحفية الفرنسية لحضه على الكشف عن هوية محبوبته.
 
الكشف عن هوية ريتا بفيلم وثائقى
 
الشغف للتعرف على "ريتا" أكثر لاحق المخرجة والمصورة ابتسام فراعنة، والتي عرضت فيلما وثائقيا حمل عنوان "سجل أنا عربي"، وعرض في مهرجان "تل أبيب"، تقول المخرجة عن الأسباب التي دفعتها لهذا الفيلم : "سعيت للتعرف على شخصية ريتا الحقيقة، إلى أن التقت بها في برلين حيث تعيش الآن، وعرفت أن اسمها الحقيقي هو تامار، كانت تعمل راقصة، والتقى بها درويش لأول مرة وهي في السادسة عشرة من عمرها، بعد انتهائها من أداء رقصتها، خلال حفل للحزب الشيوعي الإسرائيلي، الذي كان درويش أحد أعضائه قبل استقالته منه".
 
 
 
ويعرض الفيلم لأول مرة عدداً من خطابات الحب التي كتبها درويش إلى حبيبته تامار باللغة العبرية، التي كان يجيدها، ومن بينها خطاب يقول لها فيه: "أردت أن أسافر إليك في القدس حتى أطمئن وأهدّئ من روعك. توجهت بطلب إلى الحاكم العسكري بعد ظهر يوم الأربعاء لكي أحصل على تصريح لدخول القدس، لكن طلبي رفض. لطالما حلمت بأن أشرب معك الشاي في المساء، أي أن نتشارك السعادة والغبطة. صدّقيني يا عزيزتي أن ذلك يجيش عواطفي حتى لو كنت بعيدة عني، لا لأن حبي لك أقل من حبك لي، ولكن لأنني أحبك أكثر. حبيبتي تامار، أؤكد لك مرة أخرى أنني معك، وأنك لست وحدك. ربما ستعانين بسببي، ولكنني أقف إلى جوارك. شكرا لك يا تامار، لأنك جعلت لحياتي طعما. إلى اللقاء. حبيبك محمود".
 
محمود درويش وريتا
محمود درويش وريتا
 
 
لكن الفيلم زعم أن "تامار" هي من تركت "درويش" بعد أن التحقت بالخدمة في سلاح البحرية الإسرائيلي رغم توسله لها بالبقاء.
 
بعدها يدخل "درويش" في تجارب نسائية لم يكلل له النجاح فيها، ليفشل في حياته العاطفية ويصبح العاشق سيئ الحظ يواصل تغريده الحب في قصائده:
 
أنا العاشق السيئ الحظ
 
لا أستطيع الذهاب إليكِ
 
ولا أستطيع الرجوع إلىّ
 
تزوج درويش بعد ذلك مرتين، إلا أنهما تجربتان انتهيا بالفشل، فالأولى عندما التقى رنا صباح قبانى- ابنه أخ الشاعر نزار قبانى- في واشنطن سنة 1977م، فتزوجا إلا أن زواجهما لم يدم طويلاً، إذ انفصلا بعد ثلاث أو أربع سنوات من بداية الزواج
 
وفى منتصف ثمانينيات القرن العشرين، تزوج مرة آخرى من مترجمة مصرية، واستمر الزواج نحو عام واحد، وأعلن بعدها أنه لن يتزوج ثالثًا
 
وذات مرة قال درويش، يقال لي كنت متزوجاً، لكنني لا أتذكر التجربة، إننا لم نصب بأي جراح.. انفصلنا بسلام، ولم أتزوج مرة ثالثة، ولن أتزوج، إنني مدمن على الوحدة.. لم أشأ أبدا أن يكون لي أولاد، وقد أكون خائفًا من المسئولية.
 
لكن حبه لأمه كان أقوى من كل النساء، كتب فيها قصائد منها "أحن إلى خبز أمي"، ويقول درويش عن القصيدة، "عندما كنت في السجن زارتنى أمي وهى تحمل الفواكه والقهوة، ولا أنسى حزنها عندما صادر السجّان إبريق القهوة وسكبه على الأرض، ولا أنسى دموعها، لذلك كتبت لها اعترافًا شخصيًا في زنزانتي، على علبة سجائر، أقول فيه
 
"أحنُ إلى خبز أمي.. وقهوة أمي.. ولمسة أمي.. وتكبر في الطفولة.. يوما على صدر أمي.. وأعشق عمري لأني.. إذا متُّ..أخجل من دمع أمي..".
 
اقرا ايضا
 
124 سنة كوكاكولا.. تعرف على الخلطة السحرية وحكايات إدمان المشروب