التوقيت السبت، 23 نوفمبر 2024
التوقيت 04:19 ص , بتوقيت القاهرة

نجيب الريحاني.. "فالانتينو" خط سطرا في الهوى ومحاه

لم تختلف حياة نجيب الريحاني في دسامتها عن أفلامه التي ملأها الضحك والألم، حياة تشبه لعبة السلم والثعبان، من صعود كبير إلى هبوط مدوٍ،  ‏مثلا ‏اشترى الريحاني بكل أمواله ذات مرة عملات أجنبية، متوقعا ارتفاع قيمتها، لكن تعرضت‏ ‏لانهيار‏ ‏مالي خسره معه"الجلد والسقط"‏.‏


ملك "الحظ الدكر" ‏سافر مرة‏ ‏إلي‏ ‏سوريا‏ ‏ولبنان‏ ل‏تحسين‏ ‏أحواله المالية،‏ ‏فاصطدم‏ ‏بالإقبال‏ ‏الضعيف‏ ‏على‏ ‏مسرحه،‏ ‏فكان‏ ‏أمين‏ ‏عطا‏ ‏الله، الذي عمل معه في القاهرة، قد سبقه‏ إلى هناك، وسرق‏ ‏رواياته‏ ‏وألحانه‏ ‏وشخصية‏ ‏كشكش‏ ‏بيه‏، ‏ومثلها‏ ‏في‏ ‏بلده‏ ‏سوريا‏ ‏وأوهم‏ ‏الجمهور‏ ‏أن‏ ‏الريحاني‏ ‏اقتبس‏ ‏منه‏ ‏شخصية‏ ‏كشكش‏ ‏بيه، فأصبح هو الأصل والريحاني "تلميذ في الفصل".


قصة طريفة يحكيها نجيب الريحاني، حين وقع في حب ممثلة ناشئة، بداية حياته، وكانت الفتاة على علاقة بأحد أصدقائه، لكنها أعطت له - أي الريحاني - "ريق حلو"، فبكل "قلة أصل" رافقها "من ورا صاحبه"، وكان الموقف التالي كما حكاه في مذكراته:



via GIPHY


 


"كنت في ذلك الوقت «ظبيا» في السادسة عشرة أو السابعة عشرة من عمري، ومع عدم المساس بفضيلة التواضع أرى أنه لا مانع من الاعتراف أن «خلقتي» لم تكن لتقارن ب ... أستغفر الله العظيم، خلقة الصديق اللطيف علي يوسف، زد علي ذلك أنني كنت موظفا مضمون الإيراد، في حين كان منافسي (يا مولاي كما خلقتني).


كل هذه العوامل شدت أزري وقوت سببي فاتفقت مع الغزال النافر، على تمضية نهاية الأسبوع في الإسكندرية بعيدا عن علي يوسف ورقابته القاسية. ومعروف أن يوم الأحد هو موعد العطلة الأسبوعية في البنوك، فحصل الرضا والاتفاق بيني وبين ... محبوبي!! على أن نغادر القاهرة ظهر السبت إلى الثغر، ثم نعود منه صباح الاثنين ولكن اسمع ماذا حدث:


قبل موعد الخروج من البنك زارني في مكتبي الصديق علي يوسف وألح علي في أن أقرضه شيئا من المال لأنه دعا بعض زملائه إلى نزهة خلوية، ولذلك يحتاج إلى كذا من»الفلوس»!! فأعطيته ما طلب ... وأنا أحمد الله على «زحلقته» وأدعو بطول العمر أصدقائه أولئك الذين شغلوه عني في هذا الظرف السعيد. وودعت أبا يوسف إلى الباب وعدت إلى مكتبي مطمئنا. وفي الموعد المحدد قصدت إلى محطة سكة الحديد فوجدت «الكتكوتة» على أحر من الجمر في انتظاري على رصيف القطار الذي امتطيناه وقلوبنا ترقص فرحا.


وسار القطار بنا ينهب الأرض نهبا ونحن نحلم بالسعادة التي سترفرف علينا بأجنحتها في الثغر الباسم! ووصل بنا القطار إلى الإسكندرية فنزلنا نسير وخلفنا «الشيال» يحمل حقيبتنا «المشتركة» وما كدت أسري خطوات متأبطا ذراع المحبوبة، حتى برز أمامي عزرائيل! في ثياب الصديق الملعون ... علي يوسف!! لقد اقترض اللعين مالي ... واشترى منه تذكرة السفر وجاء معنا في عربة أخرى بالقطار نفسه، وراح يستقبلنا هاشا باشا مرحبا، وهو يمد يده لي بالتحية شاكرا إياي على قيامي بدفع نفقات السفر، لحضرته ولحضرة بسلامتها «الست المصونة والجوهرة المكنونة» ... التي استلبها مني وتركاني أعض بنان الندم.


 



 


أصارحك أيها القارئ الحبيب بأن الدنيا أظلمت في عيني في تلك اللحظة. وأحمد الله إذ كنت خلوا من السلاح. ولم أكن أحمل حتى ولا سكينة البصل، فأغسل بها الشرف الرفيع من الأذى!! وذهب العاشقان بينما ظللت واقفا في مكاني، حتى دنت ساعة القطار العائد إلى مصر فامتطيته وجئت أضرب أخماسا في أسداس!!".