فيديو| الخطايا السوداء في حوار محمود طاهر مع المايسترو
أغمض عينيه قليلا يلتقط أنفاسه، بعد أيام عصيبة عاشها على إثر خروج الفريق من دور الـ 16 لدوري أبطال إفريقيا، وثورة من الجماهير لم تخمد إلا بقرار اضطراري بإقالة الإسباني كارلوس جاريدو، وتعيين فتحي مبروك مديرا فنيا لفريق الكرة بالنادي الأهلي.. رئيس النادي يريد أن يسترح قليلا من الأحداث العاصفة التي أحاطت به وأذهبت النوم من عينيه.
أيقظه صوت أجش تبدو من نبرته الثقة، إنه صوت يفوح منه ذكريات الماضي، يبدو ليس غريبا عليه، لكنه منذ زمن لم يمر على أذنه، فتح عيناه فجأة لعله يصدق ما يسمعه، نعم إنه صوته، بل هو يقف أمامه بنظرة كبرياء وابتسامة ثقة: "قوم يا طاهر" من قالها هو صالح سليم.
اعتدل طاهر من مجلسه، ووقف متجها بسرعة صوب المايسترو، لم يمنعه ذلك خوفه من اليقين أنه يذهب نحو "روح" أو "شبح"، فالأهم هو أن يرتمي في أحضان المايسترو، كأنه يريد أن يلقي من على كاهله عبء ثقيلا يريد أن يشاركه في حمله.
صالح سليم عملي بطبعه، لم تبدله الأيام ولم يتغير حاله بمرور الزمن، لا وقت للأحضان والقبلات والمقدمات الروتينية المملة في اللقاءات الهادفة، قاطعه فورا: "طمني ع الأهلي".
باغته السؤال الحاد، بنبرة القلق الحازمة التي صاحبت المايسترو، حاول طاهر مسرعا التماسك وجمع شتات فكره، ليكون الرد لائقا بهيبة رئيس النادي، وبمهابة رمز النادي الأكبر: "ماتقلقش يامايسترو.. كله تمام"، لكن الإجابة لم ترق للمايسترو، فباغته مجددا: "متأكد؟".
حاول طاهر للمرة الثانية التماسك ورسم ابتسامة الواثق "المفتعلة": تقصد إيه ياريس؟ ومن هنا انطلق الحوار :
صالح: الأهلي ماشي إزاي في الدوري؟
طاهر: "مممم".. مش كويس بصراحة ياريس، خسرنا 26 نقطة وفي المركز التالت.. الزمالك الأول بفارق 11 نقطة؟
صالح: "تلمع عيناه" 11 بنط.. وانت اتصرفت إزاي؟
طاهر: اضطريت أقيل المدرب جاريدو، رغم إني كنت محافظ على استقرار الفريق ومبدأك يامايسترو إننا مابنحاسبش بالقطعة، ولازم المدرب يكمل لنهاية...
صالح "مقاطعا": يكمل لنهاية إيه؟؟؟ أي مبدأ يخليك تسيب الفريق ينهار ويخسر 26 نقطة، وتقول بحافظ على الاستقرار، وبعدين أنا لو مكانك طبعا كنت هاغير المدرب ومن بدري كمان.. إنت كدة اتأخرت كتير ياطاهر.
طاهر "مندهشا": إزاي بس ياريس؟
صالح: إنت نسيت لما كنت رئيس النادي في 1992، والأهلي وصل مع مايكل إيفرت للمركز التاسع في الدوري، عملت إيه، مشيته من الدور الأول يابشمهندس، وجبت شوقي عبدالشافي، خسرنا الدوري، بس الفريق وقف على حيله تاني، وكسبنا الكاس في نفس الموسم.
طاهر: مانا خلاص اتعاقدت مع فتحي مبروك يامايسترو.. وبإذن الله هايرجع الفريق أحسن من الأول.
صالح: بس أنا سمعت إنك فاوضت حسام البدري!!
طاهر: والله ياريس عملت المستحيل، كلمت رئيس اتحاد الكورة، وكلمت البدري ومحمود الشامي، وحاولت أخليه يسيب المنتخب الأولمبي بس للأسف مـ...
صالح "مقاطعا": حيلك حيلك.. كلمت كل دول عشان تجيب البدري، وهو ماسك المنتخب الأولمبي أصلا؟؟
طاهر: مصلحة النادي ياريس.
صالح: مصلحة النادي أهم من مصلحة المنتخب من وجهة نظرك؟ الأهلي اللي هو أصلا نادي الوطنية، دلوقتي بقى أهم من المنتخب الأولمبي!!!!
طاهر يتلعثم: ماهو أصل ياريس ..
صالح غير عابئا بمقاطعته: وبعدين البدري مش كان عنده مباراة البنزرتي في 2013، وقبلها بيومين كان قاعد بيمضي مع أهلي طرابلس الليبي!!! إنت إزاي تفاوض مدرب عمل كدة مع النادي الأهلي؟ دي مصلحة النادي كمان؟
- إن كنت نسيت أفكرك أنا عملت إيه لما الجوهري استقال وحرض اللاعبين يتمردوا على الفريق في 1985، لعبنا ماتش الكاس مع الزمالك بالناشئين.. وكسبنا.. ومن يومها الجوهري مارجعش النادي.. وإنت عارف كويس كانت علاقتي بالجنرال إيه؟ بس شكلك نسيت إن الأهلي فوق الجميع يابشمهندس.
طاهر يكتفي بالصمت ويكتفي بالإيماء برأسه إيجابا. >>>
صالح يواصل حديثه: وإيه حكاية عماد متعب ومشاكل اللاعبين كمان؟
طاهر يستعيد زمام الأمور: ماتقلقش ياريس.. متعب عمل مشكلة مع المدرب، ورفض يسدد ركلة ترجيح في مباراة التطواني، بس إحنا ماسكتناش على التجاوز ده وغرمناه 250 ألف جنيه.
صالح: "تلمع عيناه مجددا من الدهشة": بس؟ لاعب يخالف تعليمات مدربه ويتهرب من المسؤولية في المباراة، ويعترف في الإعلام بالواقعة، تغرمه ماليا بس؟
طاهر: لا مش بس ياريس؟ إحنا كمان غرمناه 100 ألف لما طلع هاجم جاريدو في الإعلام عشان ماسافرش المغرب.
صالح: كمان؟ هو هاجم مدربه في الإعلام؟ وغرمتوه بس؟ إنت ناسي أنا عملت إيه مع حسام حسن لما رمى فانلة النادي، وقفته 6 أشهر، ناسي لما إبراهيم حسن تجاوز مع المنتخب في المغرب عملت إيه؟ وقفته 6 أشهر في الأهلي غير عقوبة الجبلاية، ناسي لما فيلكس رجع متأخر من غانا يوم، وقفته عن اللعب والفريق ماكانش فيه مهاجم ياطاهر.
- الأهلي طول عمره أكبر من أي حد ياطاهر؟ أكبر من أي لاعب وعمر ما لاعب يتجاوز بالشكل ده، ونخصم منه فلوس بس ياطاهر.. لا متعب ولا غالي ولا أي لاعب يكبر على مباديء النادي يابشمهندش.
طاهر يضع يديه في جيبه باحثا عن منديل يجفف به عرقا يتصبب على وجهه.
صالح: ومالك كنت فرحان قوي كدة ليه لحظة هدف عبدالله السعيد في آخر مباراة؟
طاهر: ده أنا كنت على أعصابي والله ياريس.. كان نفسي نكسب.
صالح: أحب أفكرك يامحمود إنك رئيس النادي الأهلي.. عارف يعني إيه رئيس النادي؟ مش مشجع.. عارف يعني إيه هيبة كرسي رئيس النادي الأهلي.. لو نسيت ابقى اتفرج ع الماتشات اللي كنت بحضرها.. يمكن تتعلم !!
طاهر يبتسم خجلا.. وصالح يستشيط غضبا.
صالح: وبعدين أنا كل يومين باسمع أخبار في الأهلي، ومين اتخانق مع مين؟ ومعلومات بتتسرب من جوة النادي؟ إنت إزاي سامح بكده.
طاهر: وأنا أعمل إيه يعني ياريس مع الإعلام.
صالح بنبرة يأس: هو انت مش فاكر مني أي حاجة خالص؟ ناسي إن ماكانش في أي شيء بيخرج برة النادي، ناسي إننا مشينا 4 لاعبين عشان عملوا فتنة جوة النادي منهم طاهر أبوزيد نفسه.. إيه الحكاية يابشمهندس؟؟؟
طاهر: ماتقلقش يامايسترو.. كله هايبقى تمام، وهاندعم الفريق الموسم الجاي بصفقات وهاتشوف الإنجازات ترجع
صالح: الأهلي مش هايقف على بطولة ياطاهر.. الأهلي هايفضل ومش هايموت.. إحنا بس اللي بنموت!! مش مهم صفقات ولا بطولات.. المهم المبادئ والكيان يابشمهندس، مش تفرح بصفقة مؤمن زكريا وتكتبها من ضمن إنجازاتك في اجتماع الجمعية العمومية!! وانت فضلت قاعد مستني أحمد فتحي شهرين عشان يرد على عرض التجديد، وفي الآخر مشي لما ضمن عرض وفضل يماطل النادي.
طاهر تظهر عليه ملامح العصبية: وكنت عايزني أعمل إيه كمان مع فتحي؟؟
صالح بنبرة أكثر عصبية: حسام حسن لما ماطل في التجديد يابشمهندس، مشي هو وإبراهيم وراحو الزمالك.. الأهلي مابيستناش حد، مابيقفش على حد، ولا في لاعب يجي يوم يلوي دراع الأهلي ياطاهر.
طاهر "وقد نفذ صبره من كثرة الانتقادات": إنت إيه اللي فكرك بيا بس دلوقتي يامايسترو.. وأنا اللي كنت عايز أشكيلك همي.
صالح ينظر إليه بأسى ويدر ظهره عنه ليهم بالرحيل: "إيه اللي فكرني بيك .. إنت اللي المفروض تفتكرني في يوم زي ده ياطاهر مش أنا، أنا مابنساش الأهلي، إنت اللي شكلك نسيتني.
- ياخسارة ياطاهر.. بقالك سنة ماسك النادي ومبادئ الأهلي شكلك كمان نسيتها؟ يتحرك في اتجاهه مبتعدا ومواصلا حديثه: "قلبي والجمهور مش راضيين عنك ياطاهر.. قلبي وجمهوري مش راضيــــ ...."
الصوت ظل يتردد في أذن طاهر، حتى فتح عيناه واكتشف أنه لم يكن سوى حلم، زاره المايسترو في المنام ولا يعرف طاهر ما سبب تلك الزيارة في هذا التوقيت بالتحديد.. نظر إلى هاتفه المحمول ليعرف إلى متى يشير الوقت، فإذا بالتاريخ يخطف نظره أسفل الساعة، الأربعاء 6 مايو 2015، تاريخ ليس غريبا عن ذاكرته.. نعم .عرفت الآن لماذا زارني المايسترو؟
"لم يكن كل ما سبق سوى حوارا تخيليا على لسان حال العديد من جماهير الأهلي، الغاضبة من خطايا مجلس محمود طاهر بعد أكثر من عام من توليه مقاليد الحكم في الجزيرة، رصد تفاصيله "دوت مصر" بوجهة نظر "المايسترو" في الذكرى الثالثة عشر على رحيله.