محمد صلاح ويوفنتوس.. هل فهمتم الدرس جيدا؟
لو كنت متابعا لـ مواقع التواصل الاجتماعي، فلن تحتاج مجهودا كبيرا لتلمس عاصفة الحب المصرية للاعب الشاب الذي يصول ويجول في الملاعب الإيطالية، محمد صلاح، خاصة بعد تسجيل ثنائية تاريخية، مساء الخميس، في شباك يوفنتوس، وفي قلب ملعبه الذي لم يعرف الانحناء عليه لـ48 مباراة متتالية.
صلاح، بتألقه وأخلاقه أيضا، أعطى درسا واضحا شافيا وقاسيا، لمن يرى ويتابع ويريد أن يعي، فالمسألة لا تتعلق فقط بشاب يركض خلف كرة، أو لاعب يمثل نفسه في الغرب، لكن لها من الأبعاد ما هو أعمق من ذلك بكثير.
ورغم أننا كثيرا ما نلحظ حالة من الاكتئاب وادّعاء عدم حب الوطن واليأس منه لدى الكثيرين، لا سيّما الشباب، فإن صلاح، أثبت لنا أن كل هذه المشاعر السلبية ليست إلا نتيجة لفقدان الأمل وضياع الثقة، وعندما يظهر شخص في أي مجال ليعمل ويكدّ وينجز، ينسى الجميع تلك المشاعر، ويلتفون حوله، وتعود المشاعر الوطنية للظهور بقوة.
عندما هزّ صلاح، شباك ستوراري وسجد على أرضية يوفنتوس أرينا، لم يفكر أحد منا هل صلاح "إخواني" أم "ليبرالي علماني"، وهل هو مؤيد لهذا أو ذاك وما هي ميوله وانتماءاته التي لا تخص أحدا سواه، الجميع فكر في شيء واحد فقط، هو أن واحدا مننا شرفنا كلنا، ورفع اسم بلاده عاليا، وأجبر كبريات صحف أوروبا على تكرار اسم مصر في شيء غير الأزمات والتفجيرات والصراعات.
أليس ما فعله صلاح، كافيا لأن يتيقن أي شخص لا سيما من في منصب المسئولية أو تحت دائرة الضوء، من عدم احتياجه لنظريات وملاسنات وتبادل اتهامات، وأنه لا يحتاج سوى للعمل والإنجاز وترك بصمة على الأرض كي تتحدث عنه نيابة عنه؟
ألا يفهمنا إنجاز صلاح، أن الناس قد ملت الأقوال دون أفعال، وأنها لم تعد قادرة أو مستعدة للسير خلف آذانها، وأن كل ما تصبو إليه أن تجد أمامها من يمنحها الأمل ويعطيها الدافع بأن العمل أبلغ من أي كلام، وأن نتائجه مضمونة ورائعة.
الشاب ابن الـ23 ربيعا أعطى الدرس لنا جميعا، ودلّنا على الطريق، وأعاد البسمة والافتخار بالوطن للكثيرين، ولكن يبقى السؤال الأهم: هل لدينا من يفهم الرسائل ويبحث بالفعل عن الطريق؟!