أباطرة التدريب فضلوا المال.. فضاع الكالتشيو
ضعيف.. ممل.. الضرائب.. الملاعب.. هجرة النجوم.. كلها أسباب انساق ورائها عشاق الدوري الإيطالي، الذي لم يعد كما كان في السابق، من حيث القوة والإثارة، في الـ90 دقيقة الخاصة بزمن كل مباراة، الكالتشيو حافظ على رونقه بعد الدقيقة الأخيرة، وصافرة الحكم، فالأحداث الدرامية والغموض ظلت راسخة كما هي في كرة القدم.
البداية مع المدير الفني لفريق أتلتيكو مدريد دييجو سيميوني، الذي كان له السبق في إنهاء عدة مفاهيم في كرة القدم، سيميوني الذي لم يحتاج إلى "سوبر ستارز" أو ملعب ذو طراز رفيع والذي لم يتأثر كثيرا بإصابات لاعبيه أثبت أن السر في كرة القدم يكمن في المدرب أولا، الأرجنتيني وضع استراتيجية دفاعية محكمة لفريقه، فشلت أغلب الفرق في أوروبا في التعامل معها في معظم الأحيان، واستراتيجية سيميوني كانت ناجحة أيضا على الصعيد الهجومي، سواء كان مهاجم الفريق دييجو كوستا، أو فيرناندو توريس .. إدارة النادي كذلك لها دور كبير في استقرار الفريق بسبب الرؤية الثاقبة لها في استقدام لاعبين جيدين وجعلهم نجوما، لكن هذا العامل توافر في أندية كثيرة لم تحقق نفس نجاح أتلتيكو مدريد، على غرار متلازمة أرسين فينجر وآرسنال.
نعود للكالتشيو الذي ظل مدربوه أباطرة لكرة القدم، حتى وقت قريب، أسماء كجيوفاني تراباتوني، مارشيلو ليبي، فابيو كابيلو، كارلو أنشيلوتي، كانت هي الأبرز على الساحة التدريبية، لكن دون سابق إنذار قرر الرباعي هجر الكالتشيو مثلما هجره نجومه، الرؤية هنا تبدو مشوشة قليلا فإذا كان النجوم على غرار السويدي زلاتان إبراهيموفيتش مثلا يرغبون في الحصول على لقب أفضل لاعب في العالم وكان الرحيل عن الكالتشيو بالنسبة له خطوة على هذا الطريق فالأمر مختلف فلم يكن الرباعي ليحققوا نجاحاً أكبر مما حققوه في الكالتشيو مهما كانت وجهتهم .. الأباطرة فضلوا المال عن الكالتشيو.
ليبي .. أتذكر يوفنتوس والمونديال ؟
مارشيلو ليبي .. مدرب أبطال العالم المنتخب الإيطالي في مونديال 2006 بألمانيا الذي كان أحد أهم أسباب نجاح يوفنتوس في السابق فضل أن يتجه صوب الصين وتحديداً فريق جوانجزو الصيني الذي وفر للمدرب الإيطالي 14 مليون دولار سنوياً كراتب ، صحيح أن ليبي نجح مع الفريق الصيني ولكن هل كان القرار الصائب عقب انتهاء الرحلة هو الاعتزال أم إنقاذ يوفنتوس أوروبياً ؟!.
عقب رحيل المدرب صاحب إنجازات اليوفي أنتونيو كونتي في الصيف الماضي لم يكن هناك أنسب من ليبي ، يوفنتوس المتهم دائماً بضعفه أوروبياً كان في حاجة إلى من يضع قدمه على الطريق الصحيح ، وجود ليبي على الأقل لمدة موسم واحد من أجل "يوفنتوس" لم يكن كثيراً لكن العرض المادي لم يكن ليناسب طموحات الرجل من ناحية والخوف على إسمه في حال فشله يبدو أنه كان يدور في مخيلته من ناحية أخرى .. يوفنتوس كان يستحق التضحية يا ليبي.
كابيلو .. وماذا لو أتت المكالمة من برلوسكوني ؟
فابيو كابيلو .. عاشق المال الأول في إيطاليا الذي أبهر العالم بقيادته لميلان لتحقيق لقب بطولة دوري أبطال أوروبا في عام 1994 ، كابيلو صاحب الشخصية القوية التي كانت تبقي أحياناُ ملك روما فرانشيسكو توتي وملك إيطاليا أليساندرو ديل بييرو على مقاعد البدلاء لم يرق له التدريب في الكالتشيو مجدداً وفضل الرحيل لتدريب المنتخب الإنجليزي ومن ثم المنتخب الروسي وهنا تتأكد النقطة التي ذكرناها سلفاً بأن الرحيل كان من أجل المال.
فكابيلو لم يكن ليحقق فشل في الكالتشيو أكبر من فشله مع الإنجليز والروس في كأس العالم ، تعالت الأصوات في ميلان مطالبة بعودة كابيلو بعد فشل بيبو إنزاجي مدرب الفريق حتى الآن مع الروسونيري ، السؤال الآن .. ماذا لو أتت المكالمة من برلوسكوني يا كابيلو ؟ هل ستتنازل مادياً "للمرة الأولى" عن 13 مليون دولار سنوياً من روسيا وتعود من أجل إنقاذ فريق كان سبباً في شهرتك في السابق ؟ .. احتمالية أن تكون الإجابة "لا" أكبر بكثير.
تراباتوني .. وللإنتر في الكاتاناتشيو حياة
تراباتوني .. أحد أنجح المدربين الإيطاليين على مر التاريخ وصاحب الفضل في فوز الإنتر بالدوري الإيطالي عام 1989 وكأس الاتحاد الأوروبي عام 1991 لم يفضل العودة إلى الكالتشيو عقب فشله مع المنتخب الإيطالي في مونديال 2002 بكوريا واليابان فخاض تجربة ناجحة مع بنفيكا البرتغالي وأخرى فاشلة مع شتوتجارت الألماني.
تراب قرر بعد ذلك تولي مسئولية تدريب المنتخب الإيرلندي لكنه لم يحقق أي نجاح يذكر ، الإنتر كان في أمس الحاجة لجهود شخص مثل تراب خاصة على الصعيد الدفاعي الذي كان يعاني منه الفريق منذ فترة طويلة والذي يعد المدرب الإيطالي من اهم خبراءه ،المفاجأه أن تراباتوني مرشح الآن لتولي تدريب المنتخب المصري إضافة إلى عدة منتخبات أخرى فهل لم يكن الإنتر أكثر إغراء لتراب أم أن راتب قدره 1.5 مليون يورو من إيرلندا مايزال يلمع في عيون المدرب الإيطالي.
صحيح أن روبيرتو مانشيني المدير الفني الحالي الإنتر لم يكن خياراً سيئاً لكن وجود مدرب خبير بحجم تراباتوني مع الإنتر ربما كان يجعل الفريق الآن منافساً على المركز الثالث وليس بعيداً عنه بفارق 10 نقاط.
أنشيلوتي .. هل أصبحت روما قبيحة الآن ؟
الكينج كارلو .. الوحيد الذي مايزال يحقق النجاحات فأنشيلوتي كانت له بصمة كبيرة في فوز ريال مدريد بلقب دوري أبطال أوروبا في الموسم الماضي للمرة العاشرة في تاريخ النادي الملكي .. كارلو صاحب إنجازات ميلان في بداية الألفية وعقب انتهاء رحلته مع ميلان خرج بتصريح شهير عنأنه يحلم بتولي مسئولية تدريب روما .. مجرد كلمات قالها كارلو ربما كانت مثل ردوده بالموافقة عندما كان يطلب منه برلوسكوني اللعب بإثنين مهاجمين مع ميلان ، كارلو إعتاد على أن يقول لكنه في النهاية كان يفعل ما يريد .. من أموال الفرنسيين في باريس إلى 10.5 مليون دولار سنوياً من ريال مدريد ، كارلو لم ينظر لتاريخ الريال جيداً فالنادي الملكي مهما كان إسم مدربه فهو على الأرجح يخرج بطريقة سيئة منذ ديل بوسكي وحتى مورينيو ، كارلو ربما كان الأفضل له الرحيل في هذا الموسم خاصة وأن سفينة روما التي كان يحلم بقيادتها كما قال كانت تحتاح إلى قائد مثله في ظل وجود مجموعة متميزة من اللاعبين فهل أصبحت الآن روما قبيحة يا كارلو ؟.
من المؤكد أن الإغراءات المادية تعد سبباً في رحيل النجوم من الكالتشيو لكن وجود مدربين من هذا العيار في البطولة كان ليحقق النجاح وهو ما كان سيجعل نسبة رحيل نجوم الكالتشيو عن البطولة أقل مما هي عليه الآن إضافة إلى أن وجود تلك الأسماء كان ليجعل مدرجات الجماهير كاملة العدد في كل مباراة.