"المركزي" يعترف: مبادرة التمويل العقاري لم تحقق أهدافها
كتب- ناصر يوسف:
اعترف البنك المركزي بعدم تحقيق مبادرة التمويل العقاري لمتوسطي ومحدودي الدخل للأهداف المرجوة منها بعد مرور ما يزيد عن 7 أشهر من إطلاقها، بعدما أطلق البنك في فبراير الماضي، مبادرة لتقليل تكلفة التمويل العقاري المرتفعة من خلال إتاحة 10 مليارات جنيه، للبنوك بفائدة منخفضة لمدة 20 عاما، لتقوم بإعادة إقراضها بأسعار فائدة محدودة لمحدودي ومتوسطي الدخل.
ووفقا للمبادرة يحصل العميل محدود الدخل على القرض بفائدة متناقصة تبلغ 7%، والعميل متوسط الدخل بفائدة 8% متناقصة، فيما تمثل هذه المعدلات تراجعا كبيرا في أسعار الفائدة على قروض التمويل العقاري، والتي كانت تمثل أحد أكبر عوائق نمو القروض لهذا القطاع، فيما نشر البنك المركزي في بيان رسمي علي موقعه الإلكتروني، أن من خلال متابعة مدى استخدام البنوك للمبادرة، تبين عدم استفادتهم منها على النحو المتوقع خاصة بالنسبة لشريحة العملاء متوسطي الدخل.
وأشار البيان إلى قيام وزارة الإسكان، بإصدار التوجيهات اللازمة لرؤساء أجهزة المدن الجديدة بتقديم كافة التسهيلات المطلوبة للبنوك وشركات التمويل العقاري، كما أرسل وزير العدل الكتاب رقم 189 بتاريخ 2 يوليو 2014، إلى مكاتب الشهر العقاري ومأمورياتها ومكاتب التوثيق وفروعها والإدارات العامة بالمصلحة لتسهيل إجراءات الرهن العقاري.
ووفقا لمسؤول بالبنك الأهلي المصري، أحد المشاركين في المبادرة، فإن البنوك واجهت بعض المشكلات، تسببت في رفض العديد من الطلبات المقدمة للاستفادة من المبادرة، بجانب وجود معوقات تشريعية وقانونية بدأت الوزارات المختلفة علي تذليلها في الوقت الراهن حتى تحقق المبادرة الهدف المرجو منها.
وأضاف المسؤول الذي طلب عدم نشر اسمه، في تصريحات لـ"دوت مصر"، أن البنك تلقى ما يزيد عن 1500 طلب للتمويل العقاري لمحدودي ومتوسطي الدخل حتي الآن، وتم الموافقة علي جزء منها، فيما يدرس البنك حاليا بقية الطلبات، مشيرا إلي أن الغالبية العظمى ممن قدموا الطلبات من فئة محدودي الدخل، كما استحوذ البنك الأهلي علي 3 مليارات جنيه من إجمالي 10 مليارات جنيه خصصها البنك المركزي للمبادرة.
عوائق تواجه العملاء
وفي نفس السياق ذكر عضو مجلس إدارة بنك التنمية الصناعية والعمال المصري، حمدي عزام، لـ"دوت مصر"، أن استيفاء المستندات من أهم المشكلات التي تواجه العملاء بجانب نقص الوحدات السكنية المتاحة للتمويل، بخلاف الركود الذي أصاب السوق العقاري خلال موسم الإجازات.
وتوقع عزام، أن تشهد الفترة المقبلة زيادة في الطلبات المقدمة من العملاء للاستفادة من المبادرة مع اتجاه البنك المركزي ووزارة الإسكان لإزالة المعوقات بجانب رفع الحد الأقصى لتمويل الوحدة من 300 ألف جنيه إلى 400 ألف جنيه، والذي يستهدف بالأساس شريحة متوسطي الدخل.
ومن جانبه أجرى مجلس إدارة البنك المركزي الشهر الماضي تعديلا على مبادرة التمويل العقاري، برفع الحد الأقصى للوحدة السكنية محل التمويل إلى 400 ألف جنيه، بدلا من 300 ألف جنيه، وذلك ضمانا لإتاحة المبادرة لأكبر عدد من المستفيدين، وإضفاء المزيد من المرونة لدى التطبيق الفعلي لها.
ووفقا لعزام: "استحوذ بنك التنمية الصناعية والعمال المصري علي نحو 250 مليون جنيه، من المبادرة قابلة للزيادة وقام بإنشاء إدارة متخصصة لتقديم التمويلات لهاتين الفئتين".
لكن ومن وجهة نظر مختلفة، رأت أستاذ الاقتصاد بالجامعة الفرنسية، الدكتورة بسنت فهمي، أن معدلات الإقبال الضعيفة علي المبادرة متوقعة في ظل عدم قدرة الغالبية العظمى من الشباب علي سداد الأقساط الشهرية المطلوبة حتى بعد تخفيضها إلى 7 و8%، مضيفة : "الشباب لا يجد عمل حتى يسدد أقساط شهرية، وحتى من يعمل لن يتجه للبنوك للحصول علي وحدة سكنية لا يستطيع توفير أقساطها".
وأكدت فهمي على أن الحل الأمثل لمشكلة إسكان الشباب في مصر، يكمن في المباني سابقة التجهيز ذات التكلفة المنخفضة والمتبعة في العديد من الدول مثل إسرائيل، وهذة المباني تختزل الوقت وتكلفة نقل الخدمات إليها منخفضة بعكس المباني الكبيرة، فيما ظهرت فكرة البناء المسبق الصنع عندما احتاجت الدول الغربية إلى إنشاء مساكن سريعة التنفيذ تلبي الحاجة السكنية لتلك الدول بعد الحرب العالمية الثانية ومنها اليابان، حيث استطاع اليابانيون أن يطوعوا التكنولوجيا لتناسب واقعهم.
وأشارت فهمي، إلى أن الدولة يمكنها أيضا إنشاء وحدات سكنية وتأجيرها للشباب بأقساط شهرية منخفضة مع تعديل قانون الإيجارات حتى تتمكن الدولة من استرداد الوحدات بسهولة.