التوقيت الجمعة، 22 نوفمبر 2024
التوقيت 10:15 م , بتوقيت القاهرة

الرؤية الاقتصادية

مؤتمر دعم الاقتصاد المصري الذي يختتم أعماله اليوم بمدينة شرم الشيخ، كان له فؤائد عديدة، منها ما التزمت به العديد من الدول العربية الشقيقة بمساندة اقتصادية لمصر، وما أعلنه القطاع الخاص المصري والأجنبي عن التزامات بالاستثمار في السنوات المقبلة. إلا أن أحد أهم إنجازات المؤتمر هو إعلان الرئيس السيسي عن رؤية اقتصادية لعملية التنمية في مصر، سوف تلتزم بها الدولة وتسير وفقا لها، أي خريطة طريق اقتصادية.


السير بلا رؤية هو سير بلا بوصلة وبدون هدف، ومصر عانت خلال السنوات الأربع الماضية من غياب الرؤية الاقتصادية، وتخبط الأفكار مابين معاداة القطاع الخاص والترحيب بدوره، تشجيع رجال الأعمال والنظر إليهم على أنهم لصوص، الترحيب بالمستثمرين الأجانب والنظر إليهم على أنهم طابور خامس، التأكيد على دور الدولة فى الاقتصاد وفي نفس الوقت السعي لتخفيض عجز الموازنة، وغيرها من المتناقضات.


السيسي طرح منذ شهور عددا من ملامح الرؤية الاقتصادية الجديدة في خطابه بمؤتمر "دافوس"، ثم شرحها بالتفصيل في خطابه الافتتاحي لمؤتمر شرم الشيخ. وتقوم على ما يلي:


دعم اقتصاد السوق ودور القطاع الخاص وتطوير وتشجيع آليات الاقتصاد الحر، تحقيق سياسة مالية رشيدة من خلال اتخاذ خطوات جريئة لخفض الدعم المقدم لقطاع الطاقة تدريجيا لحماية محدودي الدخل، والفئات الأكثر احتياجا وتحسين أداء النظام الضريبي وخفض نسبة عجز الموازنة والدين العام إلى إجمالي الناتج المحلي، وبالتوازي مع ذلك يتم اتباع سياسة نقدية تلتزم بتخفيض معدلات التضخم.


تحسين بيئة الاستثمار والعمل على جذب الاستثمارات من خلال تنفيذ حزمة من الإصلاحات التشريعية والمؤسسية المهمة لمعالجة العقبات التي تعوق القطاع الخاص والمستثمرين الأجانب، وتأكيد احترام كافة التعاقدات لتوفير الحماية الكاملة لحقوق المستثمر.


التعامل مع الآثار الاقتصادية والاجتماعية السلبية الناتجة عن سياسات الإصلاح الاقتصادي من خلال العمل على تحقيق التنمية الشاملة والمستدامة والعدالة الاجتماعية.


تحقيق الإصلاح المؤسسي من خلال تعديل القوانين المنظمة للعلاقة بين الحكومة والقطاع الخاص، وقوانين مكافحة الفساد وإعادة هيكلة نظام المعاشات. 
زيادة معدل النمو إلى ما يزيد على 6% على الأقل خلال السنوات الخمس القادمة بالتوازي مع خفض نسبة البطالة إلى %10.


صاحب طرح هذه الرؤية إعلان الرئيس السيسي عن مجموعة من الإجراءات والبرامج التي تستند إليها ومنها، صياغة قانون الاستثمار الموحد وتفعيل نظام الشباك الواحد، وتسوية العديد من منازعات الاستثمار وديا، والتزام الحكومة المصرية بسداد مستحقات الشركات الأجنبية. وطرح مجموعة من المشروعات التنموية، والتي تستهدف خلق فرص العمل وتوفير فرص للمستثمرين ومنها مشروع المثلث الذهبي، وتحديث الشبكة القومية للطرق وتطوير الموانئ وإنشاء مطارات دولية جديدة ومجمعات للصناعات التعدينية والطاقة الجديدة، وغيرها.


الرؤية الاقتصادية التي طرحها السيسي لا تختلف في عناصرها عن الرؤى الإصلاحية في الاقتصاديات الصاعدة في آسيا.


منذ شهور قليلة أعلن رئيس الوزراء الهندي نارندرا مودي رؤية للإصلاح الاقتصادي لا تختلف عما أعلنه السيسي وتقوم على تشجيع القطاع الخاص والاستثمار الأجنبي من خلال تحسين مناخ الأعمال وتبني القوانين التي تفتح أمامهما مجالات جديدة منها مشاريع البنية التحتية،  وتحقيق الشراكة بين القطاعين العام والخاص، وتبني سياسات للإصلاح الضريبي وإصلاح الدعم.


هذه هي عناصر الرؤية الاقتصادية التي اعتمدها العالم للإصلاح، وبغياب مثل هذه الرؤية أو التراجع عنها لا يُمكن تحقيق نمو إقتصادي أو جذب استثمارات.