"النقد الدولي": مصر على الطريق الصحيح وخطة الحكومة طموحة
أكدت مدير عام صندوق النقد الدولي، كريستين لاجارد، أن مصر تواصل التحرك في الاتجاه الصحيح، مشيرة إلى أن الحكومة المصرية وضعت خطة طموحة لتلبية تطلعات البلاد الاقتصادية.
وقالت لاجارد، في حوار لوكالة أنباء الشرق الأوسط، اليوم الخميس، إن رسالتها للحكومة والشعب المصري هي ضرورة المثابرة في تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية، لأنها المطلب الرئيسي في الوقت الراهن، مؤكدة أن الأمر ليس سهلا، على حد تعبيرها.
وأضافت، قبيل مغادرتها واشنطن في طريقها إلى شرم الشيخ للمشاركة في مؤتمر دعم وتنمية الاقتصاد المصري، أن المؤتمر يتيح الفرصة لمصر وشركائها في التنمية وصندوق النقد لتعميق الحوار حول أفضل السبل لمساعدة الاقتصاد المصري، موضحة أن المؤتمر يعد فرصة للحكومة المصرية لطرح ما تم إنجازه بالفعل، وما يتم التخطيط له لمواجهة التحديات التي تواجهها.
وتوقعت مدير عام صندوق النقد الدولي استقرارا أكثر للاقتصاد المصري، وتحسنا في معدل النمو وفرص العمل، مشيرة إلى أنه من المتوقع -مع استمرار تطبيق الخطط المعلنة- أن يصل معدل النمو عام 2014/2015 إلى 4% و5% على المدى المتوسط.
وأشادت لاجارد بالخطوات التي تم اتخاذها لإصلاح المنظومة الضريبية بصورة تضمن عدالة سداد الضرائب المستحقة في الوقت الذي رحبت فيه بالتحركات الأخيرة الخاصة بسعر الصرف.
ونوهت إلى الإجراءات التي تم اتخاذها لتعزيز شبكات الضمان الاجتماعي، خاصة "الحل المبتكر" لنظام البطاقات التموينية والبرامج الأخرى، معربة عن اعتقادها بأن مصر تستطيع عمل المزيد لتمكين المرأة، خاصة أن مشاركة المرأة في سوق العمل في مصر حاليا لا تتجاوز 25%.
وعن أهداف الصندوق من المشاركة في المؤتمر الاقتصادي وأشكال التعاون التي يمكن أن تتحقق بين الصندوق ومصر في المستقبل القريب، قالت لاجارد: يُعقد هذا المؤتمر في وقت بالغ الأهمية تمر فيه مصر بمنعطف حاسم، ووضعت السلطات خطة طموحة لتلبية تطلعات مصر الاقتصادية، التي تتمثل في الاستقرار وخلق فرص العمل، وهي تواصل التحرك في الاتجاه الصحيح.
وأوضحت "نرى الآن حدوث تحسن في مستوى الثقة.. ورسالتي إلى السلطات المصرية والشعب المصري هي أن المثابرة في تنفيذ الإصلاحات هي المطلب الأساسي في الوقت الراهن، وليس هذا بالأمر السهل، ولكن المؤتمر يتيح فرصة ممتازة لنا جميعا ولمصر وشركائها في التنمية، وصندوق النقد الدولي حتى نعمق الحوار فيما بيننا ونركز على أفضل ما يستطيع كل منا القيام به للمساعدة في هذا الصدد".
ولفتت إلى أن الصندوق اختتم منذ فترة قصيرة تقييمه الدوري لحالة الاقتصاد، وأعني "مشاورات المادة الرابعة"، وبالتالي يمكننا إبداء آرائنا بشأن الآفاق المتوقعة لمصر وسياساتها الاقتصادية، وسيستمر تعاوننا مع مصر بعد المؤتمر من خلال الحوار بشأن السياسات الاقتصادية وتقديم المساعدة الفنية، مضيفة أن الصندوق على استعداد لدعم مصر وشعبها من خلال اتفاق مالي، إذا طلبت السلطات المصرية ذلك.
وعن توقعاتها بشأن نمو الاقتصاد المصري على المدى القريب والمتوسط، قالت لاجارد، "هناك الآن ما يبعث على الأمل بعد عدة سنوات عصيبة، فقد بدأت الإجراءات المتخذة في العام الماضي تؤتي ثمارها من حيث ارتفاع مستوى الثقة، كما زاد نمو إجمالي الناتج المحلي مسجلا 6.8% في الربع الأول من السنة المالية الحالية، ومع استمرار تطبيق السياسات المخططة، نتوقع أن يصبح الاقتصاد المصرى أكثر استقرارا، وأن تتحسن آفاق النمو وتوظيف العمالة، فنحن نتوقع أن يصل النمو إلى قرابة 4% في 2014/2015، وأن يرتفع إلى 5% على المدى المتوسط، وهو ما يمثل تحسنا كبيرا عن معدل النمو المتوسط البالغ 2% منذ الأزمة السياسية التي بدأت في عام 2011".
وعن تقييمها للخطوات التي اتخذتها الحكومة المصرية مؤخرا بشأن الإصلاحات الضريبية، وما حدث مؤخرا من انخفاض في سعر صرف الجنيه المصري مقابل الدولار الأمريكي، وعما إذا كانت تتوقع لمصر أن تستطيع الاستفادة من هبوط أسعار النفط، قالت "نعتقد أن مصر تتحرك في الاتجاه الصحيح بمحاولة توسيع القاعدة الضريبية وزيادة تصاعدية الضرائب، مع القيام في نفس الوقت بتبسيط النظام وجعله أكثر عدالة، واستحدثت السلطات في الصيف الماضي ضرائب جديدة على الأرباح الموزعة والرأسمالية، علاوة على ضريبة إضافية بنسبة 5% على الدخول المرتفعة، وهو ما سيضمن سداد الجميع أنصبة ضريبية عادلة".
وأضافت "كذلك قامت السلطات بزيادة الضرائب على التبغ والمشروبات الكحولية، وتعديل الضريبة العقارية، وجاري العمل على إلغاء ضريبة المبيعات الحالية لتحل محلها ضريبة كاملة على القيمة المضافة تتوافق مع المعايير الدولية، ووضع نظام ضريبي مبسط للمشروعات الصغيرة والمتوسطة إلى جانب ضريبة القيمة المضافة الجديدة، وكلها خطوات في الاتجاه الصحيح، ونحن نؤيدها كل التأييد".
وأكدت لاجارد "أننا نرحب أيضا بالتحركات الأخيرة في سعر الصرف الرسمي، فمن خلال اتباع سياسة أكثر مرونة لسعر الصرف ينصب فيها التركيز على تحقيق سعر يعكس كل جوانب عرض وطلب العملة الأجنبية، يمكن تعزيز التنافسية، ودعم السياحة والصادرات الأخرى، وجذب الاستثمار الأجنبي المباشر، ومن ثم تخفيض احتياجات مصر التمويلية".
وأشارت إلى أن هبوط أسعار النفط العالمية يؤثر تأثيرا إيجابيا على أوضاع الاقتصاد المصري، وقالت "يمثل دعم الوقود عبئا ثقيلا على الموازنة العامة، وسيكون انخفاض أسعار النفط عاملا مساعدا في العملية التي بدأت في يوليو 2014 لإصلاح هذا النظام المُهْدِر للموارد، بتحقيق مزيد من الخفض في تكلفة الدعم وتيسير الاستمرار في الخطوات المؤدية إلى إلغائه، وسيؤدي انخفاض فاتورة استيراد الطاقة أيضا إلى تحسين رصيد الحساب الجاري، وإن كان بدرجة محدودة نسبيا".
وعن كيفية مساعدة الصندوق القطاعات المهمشة في مصر، خاصة المرأة، وعما إذا كان لدى الصندوق برامج محددة لمساندة شبكة التضامن الاجتماعي في مصر، قالت لاجارد "لقد أكدنا أهمية اعتماد سياسات لرفع معدل النمو وخلق فرص العمل، إذ أنها ستضمن الوصول في نهاية المطاف إلى مسار تنموي يعود بالنفع على كل شرائح السكان".
وتابعت "بدأت السلطات في اتخاذ إجراءات أيضا لتعزيز شبكات الضمان الاجتماعي، ومن ذلك الحل المبتكر لنظام البطاقات التموينية، وهو يحظى بإعجاب كبير من الكثيرين، أو برنامج "تكافل وكرامة" الذي يستهدف تشجيع التعليم الابتدائي عن طريق دعم أسر الأطفال الملتحقين بالمدارس. وإذا حَسُن تنفيذ هذه الإجراءات، سيستفيد من ثمارها كل المصريين، بمن فيهم المجموعات المهمشة المعتادة مثل المرأة والشباب".
واكدت أن مصر تستطيع القيام بالمزيد لتمكين المرأة، فمعدل مشاركة المرأة المصرية في سوق العمل، وهو 25%، لا يتجاوز ثلث المعدل المقابل بالنسبة للرجال، والذي يبلغ 78%، وهناك أبحاث كثيرة توضح أن تشجيع النساء على العمل خارج المنزل وبيئة الأسرة يحقق لكل المجتمع مكاسب اقتصادية هائلة ويحسن أحوال كل أفراده، بما فيهم الرجال، ولكن تحقيق ذلك يتطلب تشجيع المرأة على المشاركة في القطاع الخاص عن طريق سد الفجوة بين الجنسين، وتيسير الوصول إلى مقار العمل بإتاحة وسائل انتقال مختلفة أفضل وأكثر أمانا، وإزالة المعوقات القانونية أمام المشاركة في سوق العمل أو بدء المشروعات التجارية.