التوقيت الجمعة، 22 نوفمبر 2024
التوقيت 11:33 ص , بتوقيت القاهرة

هل تؤسس مصر بنك الفقراء على خطى بنجلادش؟

مع وجود أكثر من 26% من المصريين تحت خط الفقر، بحسب آخر إحصائيات جهاز التعبئة العامة والإحصاء، هل تنشئ الدولة بنكا مشابها لـ"بنك جرامين" أو "بنك الفقراء"، الذي يدعم المشروعات الصغيرة  في بنجلاديش؟


بسبب تفاقم أوضاع الفقراء في بلاده، قرر أستاذ الاقتصاد السابق في جامعة "شيتاجونج"، محمد يونس، إقناع البنك المركزي البنغالي، بوضع نظام لإقراض الفقراء دون ضمانات، وهو ما دعا رجال البنوك للسخرية منه ومن أفكاره، زاعمين أن الفقراء ليسوا أهلا للاقراض، لكنه صمم على أن الفقراء جديرون بالاقتراض، واستطاع بعد ذلك إنشاء بنك جرامين عام 1976؛ لإقراض الفقراء بنظام القروض متناهية الصغر التي تساعدهم على إنشاء مشروعات صغيرة تدر عليهم دخلا معقولا.


وحصل البنك على صفته كمصرف عام 1983، فيما يخدم الآن نحو 6.5 مليون مقترض في بنجلاديش، 96% منهم من النساء وتأسست مؤسسة "جرامين" القابضة للبنك سنه 1997، وكونت شبكة عالمية شملت 52 شريكا في 22 دولة، ساعدت نحو 11 مليونا في آسيا وإفريقيا والأمريكتين والشرق الأوسط، أما في بنجلاديش فإن مؤسسة "جرامين" تضم 1100 مكتب بنكي.


وتتواجد فروع بنك "جرامين" في المناطق الريفية، إذ يعمل على أساس أن الفقير لا ينبغي أن يذهب إلى البنك، وإنما على البنك أن يذهب إليه، ويتعامل البنك اليوم مع أكثر من 7 ملايين شخص في أكثر من 71 ألف قرية.


ويستطيع المستفيد الحصول على قرض وعليه الالتزام باستثمار القرض في الغرض المطلوب من أجله خلال الأسبوع الأول من استلام القرض، ويحق للعضو المنتظم في السداد والملتزم بحضور اجتماعات المركز، وباستخدام القرض في الغرض المخصص له، الحصول عل قرض آخر.


وهناك عدة أنواع من القروض منها القرض العام، ويحصل عليه كل أعضاء البنك، ويستخدم في جميع أغراض الاستثمار الفردي، والقرض الموسمي، لدعم الزراعات الموسمية، وقرض الأسرة، وهناك قروض الإسكان.


والشرط الوحيد للاستفادة من خدمات البنك هو أن يُقدم المستفيدون من الطلب ضمن مجموعة لا تقل عن خمسة أشخاص وأن يتكاتفوا من أجل دفع الأقساط ويساند بنك القرية بكل قوة النماذج الباقية في القرية وترغب في تنمية مواردها من البيئة المحلية.


هذه الفكرة لاقت نجاحا طال ملايين الفقراء في بنجلاديش، كان أغلبهم من النساء، فدعم المشروعات الزراعية، والحرفية وغيرها، ما لفت انتباه المنظمات الدولية والمؤسسات المعنية ببرامج التنمية، وتقدير الهيئات الإنسانية المختلفة، ليحصل صاحب الفكرة على جائزة نوبل للسلام في 2006.


بنك الفقراء المصري


وقال الخبير الاقتصادي، الدكتور رشاد عبده، لـ"دوت مصر": "آن الأوان لإنشاء بنك للفقراء، مع ارتفاع معدلات الفقر في مصر، مشيرا إلى أن الفكرة تحتاج إلى رجال أعمال مخلصين يشكلوا اللبنة الأولى للمشروع لأنه يحتاج لرؤوس أموال كبيرة، وعلى الدولة أن تقوم بتسيير الإجراءات اللازمة للمشروع".


وأشار عبده، غلى أن كلما زاد رأس المال للبنك أو -أيا كان مسماه- كلما خدم شريحة أكبر في المجتمع، مؤكدا على أهمية الدور الاجتماعي لرأس المال، في إقامة مثل تلك المشروعات، التي تخدم المجتمع وتنتشله من الفقر، لافتا إلى أن المشروع يحتاج لمبادرة من أحد رجال الأعمال، كما فعل رجل الأعمال الأمريكي وارن بافيت بالتبرع بجزء كبير من ثروته للأعمال الخيرية وقاد عدد كبير من رجال الأعمال لنفس الخطوة، مؤكدا أن ذلك سيعمل على تحول ثقافة المجتمع نحو العمل والتطوير.


وبدوره ذكر رئيس قسم الاقتصاد بجامعة 6 أكتوبر، الدكتور أحمد عبدالحافظ، أن مصر في حاجة لبنك للفقراء كما فعل محمد يونس في بنجلاديش، لا سيما في ظل ارتفاع نسبة الفقر لأكثر من 26% في 2014، ووصلت في بعض المحافظات لـ55%، ومع انتشار الأمراض والبطالة وارتفاع أعداد السكان، فلا مفر من تأسيس مثل هذه البنوك لدعم هؤلاء المعدمين.


وبسبب وجود عجز كبير في الموازنة العامة للدولة، رأى عبدالحافظ، أن هذا البنك لابد وأن يساعد في إنشائه القطاع الخاص، تحت رقابة الدولة، لتشجيع الفقراء على الإنتاج والعمل والاعتماد على أنفسهم، حتى لا يمثلوا عبئا على الدولة.