النفط.. أزمة مالية جديدة أم تصحيح اقتصادي لتوابع سابقة؟
"لو لم تكن هناك عقوبات ولم تنخفض أسعار النفط، ولم نرتكب بعض الحماقات، لكان من الممكن أن ينمو الاقتصاد الروسي بما بين 2.5 و3% سنويا"، كانت تلك تصريحات وزير الاقتصاد الروسي أليكسي أوليوكاييف لوكالة رويترز، الخميس الماضي، معترفا بتأثير العقوبات الغربية على بلاده، والأزمة المالية التي تمر بها.
وبترقب مشوب بالتوتر يتابع المستثمرون حول العالم، أداء الأسواق، دراسات وقرارات للحكومات، عن كيفية مواجهة اقتصاد عالمي لا يمكن التنبؤ به، وصفها محللون بأنها تصحيح للأزمة المالية في 2008، واعتبرها البعض أزمة مالية جديدة، إلا أن الجميع اتفق على أنها ستكون نقطة تحول في رسم شكل جديد للاقتصاد العالمي.
ووصف أستاذ قسم الاقتصاد بجامعة 6 أكتوبر، الدكتور أحمد عبدالحافظ، ما يحدث في الاقتصاد العالمي الآن، بأنه أحد توابع الأزمة المالية في 2008، عن طريق تلاعب الولايات المتحدة الأمريكية، في الاقتصاد عبر تحكمها في مؤسسات ومنظمات دولية، بجانب استفادتها من استيرادها نفط الخليج طوال الأعوام الماضية، ووفقا لدراسات، أصبح لديها احتياطي يكفيها 25 سنة، لاسيما مع بدء إنتاج الغاز الصخري الذي أدى لزيادة الفائض.
"البترول الصخري مصدر قلق للسعودية ومن مصلحتها عدم وجود طلب عليه، وهو ما يصب في صالح دول الخليج المالكة لاحتياطي يبلغ 910 مليار دولار، يؤهلها لمواجهة الانخفاض في أسعار النفط، منها 760 مليار احتياطي السعودية وحدها"، وفقا لأستاذ الاقتصاد في جامعة 6 أكتوبر.
910 مليار دولار احتياطي دول الخليج
وأوضح عبدالحافظ أن مايحدث حاليا له تأثير إيجابي على العالم، لأن تراجع أسعار البترول سيخفض من تكلفة إنتاج السلع، يتبعه زيادة الطلب وبالتالي زيادة النمو والاستثمار، وإعادة تشكيل الثروة في العالم.
ذكاء السعودية
وخلافا للرأي السابق، وصف أستاذ الاقتصاد بالجامعة الأمريكية، الدكتور محمد عبدالعزيز حجازي، ما يحدث بأنه "بيزنس على مستوى الدول" وذكاء من السعودية للحفاظ على أهمية البترول مقابل البترول الصخري.
وفي رأي آخر "أن تراجع عائدات النفط قد يحدث هزة قوية في أسواق الأسهم والسندات والعقارات في أنحاء العالم"، هكذا قالت دراسة تحليلية للأزمة الحالية، أعدها نائب رئيس الجمعية المصرية للتمويل والاستثمار، محسن عادل، حصل "دوت مصر" على نسخة منها، مضيفا أن أسوأ السيناريوهات المحتملة للبلدان المنتجة للنفط مع استمرار تراجع أسعاره لفترة طويلة، هو احتمال أن تضطر الحكومات إلى استخدام الصناديق التي تدار من أجل الأجيال القادمة.
وأضاف "لن تتمكن أسعار النفط وحدها من الإطاحة بالأنظمة الأوتوقراطية، لكن وابتداء من عام 2015 ستشكل دورا أساسيا نحو حقبة جديدة، إذ ستساعد على تغذية ازدهار أمريكا النفطي وستحول مراكز القوة حول العالم.
وتابع: "أوبك" التي تناقص نفوذها لسنوات الآن، سيقل ارتباطها بما يحصل في العالم، وسيتوافر النفط بسهولة أكبر ويمكن أن يلجأ العالم لمصادر الطاقة المتجددة وعمليات التكرير النفطي ستزداد.
وقال إن تداعيات الأزمة تتمثل في دول نفطية ستخفض نفقاتها، وتصنيفات ائتمانية قد تتأثر، وتكاليف اقتراض قد ترتفع، وضغوط على شركات النفط الصخري، وأيضا ضغوط على دول من خارج أوبك، وسيؤدي الانخفاض إلى سرعة نمو الاقتصاد العالمي.
كارنيجي وما يحدث للاقتصاد
رئيسة مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي، جيسيكا تاكمان ماثيوز، قالت في تحليل لها "إذا استقرت أسعار النفط على 60 دولارا للبرميل، كما يبدو الآن محتملا جدا، أي أقل من نصف القيمة القصوى التي بلغتها مؤخرا، فسيؤدي ذلك إلى تغيير قواعد اللعبة عالميا، إذ أن الاقتصاديات والعلاقات الاقتصادية جميعها تقريبا لن تسلم من ذلك، ثمة ما يكفي من الفرص الإيجابية – الجيوسياسية والاقتصادية والبيئية – التي ستتاح لبضع سنوات، إذا ما بقيت الأسعار على حالها تقريبا، وتحديد هذه الفرص واغتنامها هما الأولوية القصوى الجديدة لصانعي السياسات في كل مكان".
وفي تحليل لخبير الاستثمار مالك سلطان، على صفحته على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" يقول، "النظام العالمي الحالي يمثل قواعد التعامل بين الدول والمؤسسات، قوته من اتفاق كبار اللاعبين عليه، وتأثير أمريكا بصفتها أكبر لاعب، ويثق الجميع في عملتها الدولار الذي تطبعه وتفوقها التكنولوجي، والنظام يسمح بدرجات متفاوته من التعاون والتنافس بين أعضائه، لكن النظام لا يسمح بأن ينشأ لاعب مؤثر خارج النظام، ولا يسمح بتنافس مدمر للنظام".