حقل "فاغور" يسقط تقييمات عدم وجود بترول بالصحراء الغربية
مرة أخرى، تعلن شركة إينى الإيطالية عن اكتشافها حقل بترول جديد فى الصحراء الغربية المصرية، ويبدو أنها على موعد دائما مع الرئيس السيسى والشعب المصرى لتبعث لهما برسالة تفاؤل فى بداية ولايته الثانية مثلما بعثت نفس الرسالة فى بداية ولايته الأولى عندما أعلنت اكتشاف حقل "ظهر" الذى غير خريطة الطاقة ليس فى مصر فقط بل فى العالم كله.
ووفقا لوكالة "نوفا" الإيطالية فقد أعلنت "إينى"، أنها حققت كشفا نفطيا جديدا فى امتيازها بجنوب غرب مليحة بالصحراء الغربية فى مصر وفى الطبقات الجيولوجية العميقة فى حوض فاغور، على بعد حوالى 130 كم شمال واحة سيوة، وبصرف النظر عن حجم الحقل أو احتياطياته اللتين لم يتم تحديدهما بعد، فإنه أصبح دليلا حيا على كذب التقيمات السابقة بعدم وجود بترول في الصحراء الغربية.
ويحضرنى هنا تغريدة لضاحى خلفان نائب رئيس الشرطة والأمن العام فى دبى فى عام 2016 قال فيها "البترول والغاز غير المكتشف فى مصر هائل وستذكرون ما أقول لكم..بلد بين بلدين بتروليين السعودية وليبيا إزاى يكون البترول قليل فيه مش ممكن"..ويبدو أن نبوءة الرجل بدأت تتحقق بالفعل وكلما تم الحفر في مكان جديد في المحروسة يظهر الخير.
عدد كبير من خبراء البترول كان قد توقع وجود كميات كبيرة من البترول في مصر، خصوصا في الصحراء الغربية والسواحل الشمالية، وهي المناطق التى كانت دائما مستبعدة من عمليات التنقيب السابقة، بسبب تقييمات بعض الشركات الأجنبية عن عدم جدوى لعمليات الحفر في هذه المناطق، وإشاعة أن تكلفة الاستثمار في هذه المناطق عالية جدا كما أن مخاطرها عالية ووجود البترول والغاز بها غير مؤكد.
وهذا التقييم الذي كانت تروجه شركات غربية، لها مصلحة في أن تكون مصر دائما فقيرة حتى تكون سوقا لمنتجاتها، وظلت مصر أسيرة لهذه التقييمات، إلى أن تم ترسيم الحدود الشمالية مع اليونان وقبرص، واكتشاف شركة "إينى" الإيطالية لحقل "ظهر" الذي غير التقييم العالمي للسواحل المصرية تماما، سواء كان هذا التقييم متعمدا أو غير متعمد.
والغريب أن نفس المكان الذى اكتشفت فيه شركة "إينى" حقل ظهر كانت شركة غربية أخرى حصلت على حق امتياز فيه وقامت بالفعل ببعض عمليات التنقيب ثم أعلنت أنه لا يوجد بترول أو غاز به.
وبعيدا عن "نظرية المؤامرة" التى أؤمن بها تمام الإيمان في مثل هذه القضايا، خصوصا وأن المصالح هي الحاكم الأساسي فيها، فإنه طبقا للدراسات الأبحاث فإن النفط قد تكوَّن من بقايا كائنات عضويّة ماتت منذ ملايين السنين، وتستند هذه الدراسات إلى أنّ النفط يحتوى على مواد معينة تحوى الكربون، ومثل هذه المواد يستحيل أن تكون قد أتت إلّا من بقايا الكائنات الحيّة.
وتذكر الدراسات أيضاً أن المياه كانت تغطي مساحات على الأرض أكبر بكثير من ما هى عليه اليوم، وكانت تحيا العديد من الكائنات الدقيقة في المياه الضحلة أو قرب السطح في عرض البحار والمحيطات، وبموت تلك الكائنات الدقيقة استقرت بقاياها في قعر المحيطات والبحار حيث انحبست في الترسبات الطينيّة والرمليّة ومواد أخرى في القاع ودفنت هناك.
وكلما ازداد عمق الترسبات في القعر ارتفعت درجات الحرارة وازدادت كميّة الضغط التي تتعرض لها تلك البقايا وهذا يؤدي إلى تكون الصخور الرسوبيّة، وكل هذه الظروف أدت إلى مرور تلك الصخور بعددٍ من العمليّات الكيميائيّة، الأمر الذي أدى إلى تكون مادة شمعيّة أطلق عليها إسم (الكيروجن)، عندما تتعرض هذه المادة إلى درجات حارة تزيد عن الـ 100 درجة مئويّة، تنفصل إلى مادتين سائلة (الزيت)، وغاز(الغاز الطبيعي)، لكن عند وجود هذا الزيت في عمقٍ أبعد، وتعرضه لدرجات حرارة أعلى من 200 درجة مئويّة، تضعف هذه الرابطة التي تقوم بشد الجزيئات المعقدة الكبيرة بعضها مع بعض ومن هنا يتحلل هذا الزيت.
وبعد هذه الفقرة "المقتبسة" وبتحليل الواقع المصرى الذى يؤكد حسب كل الدراسات المنشورة عن الصحراء الغربية والصحراء الشرقية فى مصر أن هذه الصحراوات كانت في يوم من الأيام وقبل آلاف السنين عبارة عن مروج وأشجار تعج بالكائنات الحية بمختلف أشكالها، وبالفعل تم في وقت قريب من العام الماضي اكتشاف هيكل ديناصور ضخم في الصحراء الغربية، قال العلماء وقتها إنه سيغير كل الدراسات والمعتقدات السابقة عن الصحراء الغربية فى مصر.
ولذلك فإن وجود البترول في هذه المناطق الشاسعة أصبح أمرا لا خلاف فيه، وهو ما يتحقق يوما بعد يوم، خاصة وأن معظم هذه الصحراء كانت إما تحت البحر أو أنها كانت مناطق مطيرة ويمر فيها نحو 7 فروع للنيل، إلى أن جاء عصر الجفاف ونزل الإنسان المصري من الهضاب العالية إلى وادي النيل الذي استقر فيه حتى الآن..فهل ستنعم مصر والأجيال القادمة بخير بلادهم الذي تأخر كثيرا؟ وهل تستطيع الحكومة الحفاظ والاستغلال الجيد لهذه الثروات؟