التوقيت الإثنين، 25 نوفمبر 2024
التوقيت 01:05 م , بتوقيت القاهرة

ارتفاع رأس المال السوقى للبورصة "وهمى" وأشبه بـ"غثاء السيل"

الجنيه المصرى
الجنيه المصرى

شهدت البورصة خلال جلسة الخميس الماضى وصول رأس المال السوقى للأسهم المقيدة بها إلى نحو تريليون جنيه، لأول مرة فى تاريخها، وبمجرد الإعلان عن ذلك صال مسئولو البورصة وجالوا مادحين هذا الانجاز العظيم، وأنه جاء بفضل الإجراءات التى تم اتخاذها من قبلهم، إلخ.

ولا شك أن ارتفاع رأس المال السوقى للأسهم المقيدة بالبورصة هو شىء جيد بكل المقاييس، من الجانب الظاهري، لأنه دليل على ديناميكة السوق، ووجود عدد كبير من الشركات المقيدة، وبالتالى ارتفاع أحجام التداول بالسوق، وإقبال المستثمرين وغير ذلك من الإيجابيات الظاهرية لهذا الحدث.

لكن الحقيقة، أن هذا الارتفاع فى رأس المال هو ارتفاع يمكن وصفه بأنه ارتفاع "وهمى" وغير حقيقى حتى لو كانت الأرقام سليمة، فهذا العدد الكبير فى جنيهات رأس المال السوقى أشبة بـ"غثاء السيل" الذى تعده بالمليارات لكنه غث بلا عمق ولا قيمة، تدفعه الأمواج يمينا وشمالا دون أن يكون له وزن أو تأثير حقيقى فى مكانه وليس له إلا الشكل الجميل الذى يزين شاطئ البحر أو النهر أو حتى السيل.

هذا باختصار هو قدر ومكانة "التريليون جنيه" الأخير فى رأس المال السوقى للأسهم المقيدة بالبورصة، فهى جنيهات قلت قيمتها أكثر من 75%، رغم كثرتها، وبمقاييس سعر العملة فى السوق حاليا فهذا التريليون يساوى فقط حوالى 57 مليار دولار، إن لم يكن أقل، بينما فى عام 2008 قبل الأزمة العالمية وصل رأس المال السوقى للبورصة المصرية إلى 950 مليار جنيه وكانت تساوى وقتها نحو 172 مليار دولار، بحساب الدولار يساوى 5.5 جنيه .

وللعلم، فإننا جميعا نسعد كل السعادة عندما يتحسن أداء البورصة المصرية، ونتفاءل أيما تفاؤل بارتفاع رأس المال السوقى للأسهم المقيدة، وليس الكلام السابق تقليلا من انجازات أحد من المسئولين في البورصة، فجميعهم وطنيون ومجتهدون ويسعون للأفضل بكل الطرق، وعهدناهم دائما على ذلك، ولكن هذا الحديث مجرد رأى توضيحى آخر لا يقلل من انجازات أحد، لكنه يظهر وجها آخر للحدث، حتى تتضح الصورة الإجمالية له.

كما أنه يجب الإقرار بأن تداعيات إجراءات برنامج الإصلاح الاقتصادى وخصوصا "تعويم الجنيه" على البورصة سواء الإيجابية مثل جاذبية الأسهم المصرية التى أصبحت رخيصة بالنسبة للمستثمرين الأجانب، أو السلبية في انهيار قيمة الشركات وأسهمها بالنسبة للمصريين، ليست ذنب مسئولي البورصة، وهم يتعاملون مع المشهد الحالى بكل تداعياته بكفاءة عالية.

لكن يجب على الجميع أن يعلم أن البورصة المصرية والشركات المقيدة بها يتم تقييمها فى الخارج بالدولار وليس بالجنيه، وأن الصناديق الاستثمارية الأجنبية والعربية عندما تريد الدخول للسوق المصرى فإنها تنظر لقيمته بالدولار وليس بالجنيه، ولذلك لو حسبنا قيمة رأس المال السوقى للبورصة حاليا بالدولار سنجد أنها خسرت أكثر 75 من قيمتها السوقية، فضلا عن تحقيق زيادة.