ساعات من الطقس السيئ تكشف ضعف البنية التحتية وإهمال المحليات
تعرضت كل محافظات مصر خلال اليومين الماضيين، لحالة من الطقس السيئ، أدت للعديد من المشاكل كان أبرزها انقطاع الكهرباء فى العديد من المناطق، وانتشار برك المياة، وإغلاق عدد من الطرق الرئيسية الهامة، وتعطل الكثير من المصالح وإغلاق للمحال التجارية.
ورغم محدودية الوقت الذى تعرضت فيه مصر للأمطار، والتى لم تتجاوز عدة ساعات، إلا أن الخسائر التى تعرضت لها تفوق ذلك بكثير، بسبب ضعف وهشاشة البنى التحتية في المحافظات والمدن من جانب، وإهمال المحليات والمحافظات وعدم التنسيق مع هيئة الأرصاد الجوية التى حذرت بالفعل منذ عدة أيام من قرب تعرض البلاد لموجة من الطقس السيء من جانب آخر.
ويبدو أن المشكلة المزمنة لدى مصر (ضعف وفساد المحليات) لن يتم حلها بسهولة، فالمشكلة أكبر من أى مسئول أومن تغيير وزير التنمية المحلية مثلا، المشكلة أن الترهل والإهمال متجزر في الإدارات المحلية، فلا أحد من موظفى الأحياء يعرف حتى مواصفات شوارع الحى الذى يعمل به، وهل به بنية تحتية وصرف قادر على مواجهة مثل هذه الظروف أم لا، وإذا كان لا يوجد، فهل قام بأي إجراء لتنبيه وطلب تدخل المحافظة مثلا لحل المشكلة؟
نعلم جميعا أن هناك مناطق واسعة لا يوجد بها بنية تحتية، ولكن لا أحد من المحليات يهتم أن يغير واقعها، بحجة أنه لو طلب ذلك سيتعرض للعقوبة من رئيسه لأنه (رئيسه) سيعتقد أنه يتعدى على سلطاته، وبالتالى يسكت ويسكت رئيسه ويسكت رئيس رئيسه، ولا يتحرك أحدا إلا بعد حدوث كارثة ووقوع ضحايا، وبعد ذلك نجد كل المسئولين في موقع الحادث حتى يظهروا أمام الكاميرات وتراهم القيادة السياسية.
ورغم قيام الدولة حاليا بقيادة الرئيس السيسى بإنشاء عشرات المدن الحديثة وتأكيده على ضرورة أن البنية التحتية للمدن الجديدة على أعلى مستوى وطبقا للمواصفات العالمية، ورغم أنه حتى في المدن القديمة تبذل الدولة جهدا كبيرا لتغيير وتحديث البنية التحتية لها، إلا أنه بمجرد أن يتم إنشاء هذه البنية التحتية يهملها الجميع، ولا تتم الصيانة الخاصة بها، مما يؤدى إلى تدهورها سريعا وانسداد البلوعات وردمها، وإهدار مليارات الجنيهات التى تم انفاقها علي هذه المشروعات، وهو ما شاهدناه جميعا فى سيول الأسكندرية منذ عامين وشاهدناه بالأمس في أغلب محافظات مصر وعلى رأسها محافظات القاهرة الكبرى، عاصمة البلاد.
وسنظل نؤكد ونؤكد أن الحل الوحيد لهذه النوعية من المشاكل هي تطوير المحليات، حتى لو كان ذلك بتغيير كل موظفيها، وإعادة هيكلة نظام عملها، ووضع مسئولية كل ما يحدث داخل الحى على الوحدة المحلية له، وتحت مسئولية المحافظ نفسه، وتتم محاسبتهم على هذه المسئولية بشكل مباشر وقوى وسريع، وبشكل مركزى من الدولة، حتى يكونوا مثلا لغيرهم.
وليس هذا تجنى على موظفى المحليات، ولكنه إقرار بمدى مسئولية وأهمية هذه الإدارات فى تصريف شئون البلاد، لأن الإدارات المحلية من المفترض أنها أهم من الوزارات نفسها، لأنهم مع وزير التنمية المحلية والمحافظين هم نواب عن رئيس الجمهورية فى المحافظات، ويجب أن يعلموا تبعات ذلك ومسئوليته، وأنهم ليسوا مجرد موظفين في وزارة، ولكنهم المسئولين الأهم فى الجهاز الإداري للدولة إذا قاموا بعملهم كما ينبغى.
ولذلك يجب على الدولة التعجيل بإقرار قانون الإدارة المحلية، وإعادة توزيع المهام على موظفيها، وإعادة ترتيب المسئوليات، ووضع العقوبات الرادعة للإهمال والفساد إذا حدث، حتى تقوم المحليات بالدور الذى يجب أن تقوم به فى خدمة المواطنين وإظهار الدولة بالمظهر اللائق بها.