حجب المواقع.. ألمانيا «دح دح» ومصر «كخ كخ»!
عندما حجبت السلطات المصرية بعض المواقع الإليكترونية التي تروِّج لأفكار الإرهابيين والمتطرفين، وتدعو إلى العنف، وتهدف إلى إثارة الفوضى وشق الصف؛ بنشرها أخبارًا مغلوطة وكاذبة.. ثارت ثائرة الإخوان، وقامت قيامة «الأحرار» في بلاد «الفرنجة» الداعين إلى حرية التعبير «المطلقة».
لكن هؤلاء اختفوا تمامًا من المشهد، وأصابهم الخرس، ولم نسمع لهم رِكزًا، عندما حجبت السلطات الألمانية موقعًا إليكترونيًا، قالت إنه مسؤول عن المظاهرات العنيفة التي شهدته البلاد، خلال انعقاد قمة مجموعة العشرين في هامبورج في يوليو الماضي.. فلماذا الكيل بمكيالين؟
لم يكن قرار السلطات المصرية بحجب عدد من المواقع الإليكترونية «الإخوانية»، قرارًا اعتباطيًا وليد اللحظة، أو كما يروِّج البعض بأنه قرار «انتقامي»، بل جاء بعد سلسلة مواقف عدائية ضد الدولة؛ بإقدامها على نشر أخبار مفبركة، وتقارير مغلوطة، وبيانات مكذوبة، وتغطية بعيدة كل البعد عن الموضوعية والمهنية.
وليس صحيحًا ما يروج له عناصر جماعة الإخوان الإرهابية، ومَنْ يدور في فلكهم أن النظام المصري «يضيق بأي صوت معارض»، أو أن الحكومة تستغل أزمة تفجير علاقتها مع قطر لتصفي حساباتها مع مواقع إخوانية ممولة من تنظيم الحمدين، وأن هذا الإجراء يتعارض مع حرية التعبير، وينتهك الدستور.
السؤال: هل إغلاق المواقع الإخوانية المحرضة على العنف، والهادفة إلى إثارة الفوضى في البلاد، تنتهك الدستور، وتتعارض مع الحريات؟
ابتداء، التعديلات الدستورية التي أُقرت في يناير 2014 «تحظر مصادرة أو وقف أو إغلاق أي وسيلة إعلامية»، لكن ذلك متاحًا «الآن»؛ لأننا في وضع استثنائي، بسبب إعلان حالة الطوارئ، منذ أبريل الماضي. هذه واحدة.
ثانيًا: مَنْ قال إن المواقع التي حجبتها السلطات المصرية، خاصة التي تغطي الأوضاع في مصر، كانت تقدم تغطية «مهنية وموضوعية»؟ فهذه المنصات الإعلامية بمثابة دعاية «رخيصة» للتنظيمات الإرهابية، وعلى رأسها «الإخوان»، وسعت سعيًا «مفضوحًا» إلى تقويض وزعزعة استقرار مصر، من خلال نشرها محتوى «مختلق»، ويشوه الحقائق، ويحرض على العنف، ويثير الكراهية.. فهل يمكن أن نسمي ذلك إعلامًا؟
ثالثًا: المواقع «المحجوبة»، وعلى رأسها إخوان أون لاين، والجزيرة ورصد، وعربي 21، ومدى مصر، وتليفزيون قطر، والوكالة الرسمية القطرية.. ثبت أنها تابعة لتنظيم «الإخوان» الإرهابي، مباشرة، أو ممولة من نظام الحمدين في قطر، وتقدم محتوى يهدد الأمن القومي المصري؛ خاصة في ظل تصاعد التهديدات والتحديات الإرهابية.. فهل مطلوب من الدولة التساهل مع أي منصة إعلامية تروِّج للإرهابيين، وتتبنى أفكارهم.
رابعًا: هل مصر- بحجبها مواقع الإرهاب والعنف- ارتكبت خطأ، أو أتت بما لم تأت به دول العالم المتقدم؟ الإجابة- بأريحية تامة- إن دولًا كثيرة من الدول التي تتشدق بـ«حرية التعبير» سبقت مصر في هذا الإجراء، وحجبت وأغلقت وعطلت وسائل إعلامية، رأت أنها «تهدد أمنها القومي».. وهناك عشرات الأمثلة على ذلك.
خذ عندك، فرنسا أقدمت على «حجب بعض المواقع التي تدافع عن الإرهاب، وتدعو إلى تجنيد الشباب».. وحجبت الصين مواقع التواصل الاجتماعي عام 2009 لعدة أسباب من بينها ذكر الثورات القديمة، كما حجبت إيران موقعي «فيسبوك وتويتر» في العام 2009، إضافة إلى حجبها موقع «إنستجرام» عام 2013.. وحجبت تركيا مواقع «تويتر وفيسبوك ويوتيوب وإنستجرام، وتطبيق ووتس آب» في 2016، كما حجبت بعض المواقع بعد محاولة الانقلاب على أردوغان.
وفي وقت سابق، حجب ألمانيا موقعا يمنيًا متطرفًا؛ لنشره محتوى عنصري ويحض على كراهية الأجانب وكره المثليين ومعاداة السامية، والإسلام.. وحظرت الحكومة منصة اليمين المتطرف ألترميديا ديو تسكلاند بسبب وجود محتوى نازي.
باختصار.. أعضاء المنظمات الحقوقية الدولية، والمنتمون لجمعيات «حريات التعبير»، والواقفون في دكاكين «سيد سبوبة»، لا يرون، ولا يسمعون، ولا يتكلمون، عندما يتعلق الأمر بدولة من الدولة التي تدعمهم وتجزل لهم العطاء؛ بينما ينظرون إلى مصر بعينين مفتوحتين، ويضخمون الأحداث فيها، ويزجون باسم النظام في أي أزمة حتى لو كانت مشكلة بين «الراجل ومراته».. فمتى يرتدي هؤلاء برقع الخجل؟!