? نص كلمة السيسي في القمة الألمانية "الاستثمار في مستقبل مشترك"
أعرب الرئيس عبدالفتاح السيسي عن امتنانه لدعوة مصر، من قِبَل الرئاسة الألمانية لمجموعة العشرين، للمشاركة في هذا الحدث الخاص الذي يبرز الأولوية التي تعطيها ألمانيا للقارة الأفريقية.
وفيما يلي نص الكلمة التي ألقاها الرئيس خلال مشاركته، اليوم الإثنين، في أعمال القمة التي نظمتها الرئاسة الألمانية لمجموعة العشرين للشراكة مع أفريقيا تحت شعار "الاستثمار في مستقبل مشترك":
السيدات والسادة،
"السيدة/ أنجيلا ميركل المستشارة الألمانية،
أصحاب الفخامة رؤساء الدول والحكومات،
السيدات والسادة رؤساء الوفود،
أود في البداية أن أعرب عن امتناني لدعوة مصر، من قِبَل الرئاسة الألمانية لمجموعة العشرين، للمشاركة فى هذا الحدث الخاص الذي يبرز الأولوية التي تعطيها ألمانيا للقارة الأفريقية، كما أود أن أشيد بالدور الذى تضطلع به ألمانيا في تعزيز جهود إنعاش الاقتصاد العالمي والتحفيز المالى والإصلاح الهيكلى في هذه المرحلة الفارقة، التي تتعاظم فيها العديد من التحديات بشكل غير مسبوق، ومع استمرار الصراعات المشتعلة فى كثير من أرجاء العالم، وتفشى ظاهرة الفكر المتطرف وتنامى الإرهاب.
السيدات والسادة الحضور،
لقد تزايدت الحاجة الآن، أكثر من أي وقت مضى، لتعزيز الجهد الدولي من أجل رفع كفاءة هياكل الحوكمة الاقتصادية العالمية وتحفيز النمو الاقتصادى، واستحداث الآليات وإيجاد المصادر الجديدة للدفع بالاقتصاد العالمى لدائرة جديدة من التنمية والرخاء، وذلك من خلال توفير بيئة اقتصادية دولية أكثر عدالة، وإدخال الإصلاحات اللازمة للنظام التجارى متعدد الأطراف، وتعزيز دور الدول النامية فى المؤسسات المالية الدولية.
لهذا، فقد حرصت مصر، خلال مشاركتها كضيف شرف اجتماعات مجموعة العشرين في عام 2016، على أن تطرح رؤى وطموحات الدول النامية، التي تتأثر بدرجات متفاوتة بالسياسات والإجراءات النابعة من مناقشات دول مجموعة العشرين، في حين أن تلك الدول النامية بعيدة عن نطاق صياغة تلك السياسات، وهو ما يحتم أهمية التوصل إلى آلية سلسة وفعالة لنقل تجارب ومخرجات مجموعة العشرين إلى الدول المهتمة بالاستفادة منها.
في هذا الإطار، نعول على المبادرة التي أطلقتها الرئاسة الألمانية لمجموعة العشرين للتعاون مع إفريقيا، والتي تقوم على خلق الشراكات مع المؤسسات الدولية بهدف خلق مناخ مواتٍ لجذب الاستثمارات لإفريقيا بشكل مستدام لتحفيز النمو الاقتصادي بها، وتوفير فرص العمل اللائق، ورفع معدلات التنمية الاقتصادية والاجتماعية، بما يحقق آمال الشعوب فى إيجاد سبل العيش الكريم، ويُحد من تداعيات المشاكل التى تعانى منها القارة.
لهذا، تتطلع مصر لأن تمثل المبادرة المقترحة قيمة مضافة تحقق ما سبق أن تضمنته مبادرة مجموعة العشرين بشأن دعم التصنيع في إفريقيا والدول الأقل نمواً، وإقامة شراكات بين القطاعين العام والخاص في الدول الإفريقية. وستسعى مصر لأن تكون مساهمتها في المبادرة مساهمة بناءة، تعمل على إنجاحها وتحقيق الأهداف المرجوة منها، خاصة في ضوء ما تتمتع به مصر من روابط تاريخية وعلاقات قوية مع الدول الأفريقية، وحرصها على المساهمة في دفع عملية التنمية في القارة بأكملها.
السيدات والسادة،
اسمحوا لي في هذه المناسبة، أن ألقى الضوء على الجهود التي تقوم بها الحكومة المصرية وفق الاستراتيجية الوطنية لتحقيق التنمية المستدامة- رؤية مصر 2030 - والتى تمثل رؤية ثاقبة نحو المستقبل، تضع مصر ضمن أفضل ثلاثين اقتصاداً عالمياً بحلول عام 2030، وترتكز على نهج متكامل لتحقيق الأولويات الوطنية التنموية، وتعظيم الإمكانيات، والتغلب على المعوقات على أساس علمي لمواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي تواجهها مصر، والتي ظهر بعضها نتيجة عملية التحول التي تمر بها بعض دول المنطقة، وبعضها الآخر نتيجة التداعيات السلبية لتباطؤ معدلات النمو العالمية.
وفق هذه المعطيات، قامت مصر بتطبيق برنامج جاد للإصلاح الاقتصادي يرتكز على عدة محاور رئيسية في مجالات السياسات المالية العامة، والسياسات النقدية، والسياسات الاجتماعية، بالإضافة إلى تطبيق حزمة من الإصلاحات الهيكلية لمعالجة الاختلالات البينية في السياسات المالية مع تحقيق معدلات نمو أفضل، وفى مقدمتها تبنى سياسة توسعية تدفع بحزم مالية تحفيزية لرفع كفاءة إنتاجية الاقتصاد، بجانب العمل على ضبط الموازنة العامة للدولة، من خلال خفض الإنفاق الحكومي وترشيد الدعم وزيادة التنافسية، وتوفير بيئة مواتية لجذب الاستثمارات الأجنبية، لاسيما في المجالات الواعدة، وعلى رأسها الطاقة المتجددة، والانخراط في العديد من المشروعات القومية العملاقة، وفى مقدمتها تنمية محور قناة السويس. هذا بالإضافة إلى تشجيع دور القطاع الخاص ودعم المشاركة بين القطاعين الخاص والعام من أجل توفير الأدوات التمويلية للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة وربطها بسلاسل القيمة المضافة عالمياً.
كما تعمل مصر على تحقيق العدالة الاجتماعية، ورفع نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي، فضلاً عن رفع كفاءة منظومة الحماية الاجتماعية وتطوير شبكات الأمان الاجتماعي لتستوعب الفئات الفقيرة والضعيفة.
السيدات والسادة.. يواجه العالم في المرحلة الحالية ظاهرتين تؤثران بشكل كبير على التوازن والاستقرار الدوليين، ومن ثم على تحقيق التنمية في العديد من دول العالم، حيث أصبح الإرهاب ظاهرة عالمية لا تحترم الحدود وخطراً يهدد الجميع، وعلينا أن نعمل سوياً للتعامل الحازم والشامل مع هذا الخطر الذي يهدد السلم والأمن الدوليين، وذلك من خلال تجفيف منابعه، وقطع مصادر تمويله، وإيقاف إمداده بالسلاح والمقاتلين. كما أن الهجرة غير الشرعية والتي نتجت عن عدم الاستقرار وخاصة في منطقتنا تؤثر بشكل مباشر على كافة المجتمعات، بما يتطلب عملاً دولياً أكثر تكاتفاً للتعامل مع هذه الظاهرة، ولا شك أن هاتين الظاهرتين تشكلان تحدياً كبيراً لكافة الدول سواء في إطار سعيها نحو تحقيق الاستقرار والأمن، أو تحقيق التنمية والرخاء والنمو الاقتصادي المستدام لمواطنيها.
ختامًا، أودّ التأكيد على أن التحديات سالفة الذكر تتطلب من مجموعة العشرين العمل عن كثب من أجل وضع تصور مستقبلي لتعزيز التعاون الدولي، بما يحقق التوازن المأمول، بين تكلفة التنمية المستدامة، والعائد منها، وذلك من خلال اتساق الآليات، وتفادى تضارب سياسات الاقتصاد الكلى، والابتعاد عن النهج الانتقائي في التعامل مع مختلف القضايا الدولية، ومراعاة الخصوصية الوطنية، وفى هذا الصدد، نشيد برؤية الرئاسة الألمانية تجاه أفريقيا، وهو ما تبلور اليوم في المبادرة المقترحة للتعاون مع إفريقيا والتي نأمل أن ترى النور في المستقبل القريب.