في ذكرى ميلاده.. حادث المنشية وحل الأحزاب نقاط فارقة في حياة عبد الناصر
تحل اليوم الذكرى 99 لميلاد جمال عبد الناصر عضو تنظيم الضباط الأحرار الذي استطاع أن يكون رئيس جمهورية مصر بعد الثورة ويتبوء مكان ومكانة في قلوب ملايين البسطاء والفقراء.
ورغم مرور أكثر من 40 عام على رحيل عبد الناصر إلا أن حضوره كرمز ظل مستمر، رغم اندثار الفكر الناصري واختفاء الأحزاب الناصرية من على الساحة السياسية، ولكن تظل صورته حاضرة في وجدان وأذهان المصريون.
عبد الناصر من ثكنات الجيش لسويداء القلوب
زخر تاريخ جمال عبد الناصربمجموعة من التحولات الفارقة لعل أهمها محاولة اغتياله في حادث المنشية وما تلي ذلك من دخوله في حرب القضاء على الإخوان، وايضاً صدور قرار حل الأحزاب السياسية الذي هيئ وكرس لحكم التنظيم الواحد ومهد الطريق أمام الاتحاد الاشتراكي ليكون الملعب السياسي الوحيد في مصر على مدار أكثر من 35 عام.
لماذا حلت الأحزاب السياسية؟
دأب الضباط الأحرار على مهاجمة رجال وسياسين العهد الملكي، ودشنوا محكمة الثورة والتطهير لمحاكمتهم بتهم الفساد السياسي.
ورسخ لدى ذهن مجلس قيادة الثورة أن سبب ما حل بالبلاد قبل ثورة يوليو كان بسبب رجال الأحزاب السياسية، ومماراساتهم التي أضرت من وجهة نظرهم بالعمل السياسي برمته وأيضاً بقواعد ممعايير الديمقراطية.
وصدر قانون تنظيم الأحزاب السياسية رقم 179 لسنة 1952 باقتراح من وزير الداخلية سابقا، سليمان حافظ، وظهر جليا وقتها أن القانون يهدف إلى إلغاء الأحزاب لا تنظيمها، ولا سيما حزب الأغلبية الشعبية وقتها "الوفد"، الذي شن حملة ضد القانون وضد سليمان حافظ.
وكانت البلاد وقتها تتكون من 4 مجموعات من الأحزاب مصنفة وفقا لتبعيتها، أولها الأحزاب الليبرالية متمثلة في الوفد والأحزاب المنشقة عنه وهي الأحرار الدستوريين والحزب السعدي والكتلة الوفدية، وثانيهما أحزاب القصر "السرايا" وهما حزبي الشعب والاتحاد، والمجموعة الثالثة تتضمن الأحزاب والجماعات الدينية ومنها جماعة الإخوان وحزب الإخاء وحزب الإصلاح الإسلامي.
وتتكون المجموعة الرابعة من فئة الأحزاب المصنفة بالتوجه الاشتراكي، وتضم مصر الفتاة، والعمال الاشتراكي، والشيوعي المصري، والفلاح المصري، والحركة الديمقراطية.
وهكذا، وبنص قانوني وتشريع من الدولة اعتبرت الأحزاب السياسية القائمة محلولة، وصار وضعها وممارسة نشاطها بشكلها التقليدي مخالفا للقانون الجديد (179 لسنة 1952)، وعليه لكي تفعل ذلك أن تعيد تكوين نفسها على نحو جديد يتماشى مع القانون.
ومن هنا قرر مجلس قيادة الثورة في 16 يناير في عام 1953حل الأحزاب السياسية، رغبة من قيادة 23 يوليو في بناء نظام سياسي جديد، والإمساك بمقاليد الحكم في وقت كانت الأوضاع السياسية في مصر سيئة عقب ثورة 23 يوليو، وقرر مجلس قيادة الثورة تشكيل "هيئة التحرير" لتكون هي الحزب الوحيد القائم على الساحة السياسية.
حادث المنشية.. نجا عبد الناصر ولم ينج "الإخوان"
تعرض الرئيس جمال عبد الناصر، يوم 22 أكتوبر عام 1954 لإطلاق نار أثناء خطابه الجماهيري بميدان المنشية بالإسكندرية في ذكرى ثورة يوليو.
وبعد الحادث قرر مجلس قيادة الثورة منذ 62 عاما، حل جماعة الإخوان ويسري عليها ما سرى على الأحزاب السياسية من حل.
البداية
تعود البداية ليوم 19 أكتوبر مضى عبد الناصر معاهدة الجلاء مع بريطانيا والتي تقضي بجلاء البريطانيين بالكامل عن مصر في غضون عشرين شهر من توقيع الاتفاقية، وانقضاء معاهدة التحالف التي كانت قد وقعت في لندن في عام 1936، وأن تقر الحكومتان المتعاقدتان بأن قناة السويس البحرية المصرية، طريق مائي له أهميته الدولية من النواحي الاقتصادية والتجارية والاستراتيجية.
وفي المساء خطب عبد الناصر أمام جموع حاشدة، ليذكر مصر وجهوده الوطنية الشخصية، وليحتفل بنتائجها التي تجلت في اتفاقية الجلاء، أطلقت عليه النار ثماني مرات.
ولم يهتز عبد الناصر واستمر في خطابه قائلا:
"أيها الشعب ... أيها الرجال الأحرار... جمال عبد الناصر من دمكم، ودمي لكم، سأعيش من أجلكم، وسأموت في خدمتكم، سأعيش لأناضل من أجل حريتكم وكرامتكم. أيها الرجال الأحرار... أيها الرجال... حتى لو قتلوني فقد وضعت فيكم العزة، فدعوهم ليقتلوني الآن، فقد غرست في هذه الأمة الحرية والعزة والكرامة، في سبيل مصر وفي سبيل حرية مصر سأحيا، وفي خدمة مصر سأموت.
عقب حادث المنشية صدر قرار عسكري من الرئيس جمال عبد الناصر بحل جماعة الإخوان المسلمين، وتلى ذلك محاكمات لقيادات الجماعة انتهى معظمها بالإعدام.
وفي يوم 12 يناير، 1954 صدر قرار حل جماعة الإخوان، إذ أصدر مجلس قيادة الثورة قرارا يوم 12 يناير 1954، بأن يسري على جماعة الإخوان المسلمين، قانون حل الأحزاب السياسية.