التوقيت الإثنين، 25 نوفمبر 2024
التوقيت 01:06 م , بتوقيت القاهرة

صور| بيت حانون.. أطلال مدينة وبشر

غزة- سامح رمضان:

مناطق قليلة وشوارع صغيرة نجت من آلة التخريب التي لم تميز بين مدرسة ومأذنة في بيت حانون لأكثر من ثلاثين يوماً طيلة أيام القصف الإسرائيلي.

في بيت حانون كانت "دوت مصر" حاضرة بين ما خلفه الاحتلال من تفجير وترويع وإزالة لمعالم كاملة للمدينة أقصى شمال قطاع غزة. الفقدان والحرمان خليل الأرملة والابن والابنة والأسرة والعائلة، فمن الصعب أن تجد عائلة في جنبات هذه المدينة بدون أن تكون على وجع و مرارة من فقدان ابنها وابنتها وراعيها.

في ثالث أيام التهدئة عاد من عاد لبيته وفر من مشهده المؤلم والمفرغ من فر، ومنهم من عاد بعد أن انتهى من تشييع من طالتهم صوارخ الاحتلال وفضل أن يبقى بجوار بيته ودماء ابنه أواخوته، في حالة يشوبها الحذر والقلق الذي يزداد تدريجيا مع وصول التهدئة لساعاتها الأخيرة.



البيوت المدمرة
الحاج محمد نصير 62 عاماً يفتتح اليوم الخميس خيمته البيضاء، التي عثر عليها في أحد الشوارع أثناء رحلة العودة، ليكسوها بشعارات الأمم المتحدة كي يتقى شر الاستهداف ويبدأ حياته من جديد بمشهد الخيم المنصوبة بجوار الشارع المطل على بيته المدمر مباشرة وينتظر مع من ينتظر للدخول في مراحل إعادة الاعمار التي لم تطرح حتى هذه اللحظة ولم يتم الاتفاق على البدء بها.



يقول الحاج محمد نصير لـ"دوت مصر": أين أذهب؟ أين أتوجه؟ أنا وعائلتي والأسر التي كانت تؤم هذا البيت البالغ عددها أكثر من مائة شخص، وكيف لي أن أغادر وأترك بيتي المدمر في هذا الوضع ؟ وهل الحل هو فقط في النزوح، أنا لن أنزح و حتى لو فكرت في النزوح لن أجد ما يأوييني من بيت يكفي لعائلتي لذلك هنا عشت وهنا ولدت وهنا سأقضي طيلة أيام حياتي الباقية.

ويسهب الحاج نصير في وصف ما وصل إليه من حالة تشرد في خيمة لا يتجاوز قطرها الثلاثة أمتار يتحدث فيها عن ما سيفعل ويجتمع فيها أيضا مع عائلته التي تفرقت سبلها وبقى مع الحاج فقط القليل منهم، ويقول ابنه جهاد انه يشعر وكأنه ولد من جديد فلا بيت ولامسكن ولا أمل ولاحتى ملابس تقيه حر الشمس والخروج من المنزل، لم يتبقى شيء، اخذوا منا كل شيء حتى أشقائي استشهدوا.



قسوة الحياة
ومن بين العائدين أيضا الطفل يوسف أبو خليل ابن 13 عاماً ، وهو واحد من بين آلاف الأطفال الذين سيستكملون حياتهم بلا أب وأم، ولكن يوسف عاد برفقة عمه وعاد لمنزله بدون أسرة وبدون بنيان كامل لمنزله سوى بعض الأنقاض وبعد ان أجهزت قوات الاحتلال على جيرانه أيضا ومدرسته وجهاز البلدية الحكومي في المنطقة.

ولم يكن باستطاعة من عاد معهم سوى أن يعطوه ولو الشيء اليسير من ما يقتل قسوة الحياة التي يعيشها اليوم يوسف ويحاولون من الحين للآخر أن يحيطوه بحبهم له وعطفهم عليه في مصابه الجلل الذي لم يتداركه بعد كثيراً يوسف في أجواء يبحث فيها الجميع عن الأمن المسلوب والمنشوب بالحذر.



هنا في بيت حانون لم يكن يوسف فقط هو من فقد عائلته وبيته ولكنه ليس سوى نموذجا قاسياً من مئات الأطفال الذين تغيرت حياتهم وانتقلت لمنوال المعاناة والقهر الكبير فهو الآن نازح ضمن أكثر من 475 ألف نازح في هجرة قسرية من بيوتهم و أملاكهم، ويوسف أيضا صاحب بيت مدمر بشكل كلي ضمن أكثر من 1200 منزل مدمر بشكل كلي عوضاً عن المنازل المدمرة بشكل جزئي ولا تصلح في ذات الوقت للمعيشة حسب ما وصفتها وكالة الغوث في تقاريرها الاحصائية عن مقدرات و خسائر الحرب التي بلغت أكثر من 5 مليارات دولار امريكي في كافة قطاعات الحياة والصناعة بغزة.



مشهد أشد قسوة من ما أصاب الشجاعية من دمار واسع واستهداف طال كافة تفاصيل ومرافق بيت حانون بعد ان انسحبت منها و تركت وراءها آثار ارتال الدبابات العسكرية التي شقت طرق بيت حانون الكبيرة والصغيرة وأماكن اصطفافها التي أحدثت فجوات كبيرة وأكوام من الرمال غطت وغيرت معالم الكثير من المدارس والمؤسسات التي تحولت لمناطق اشتباكات ضارية و عاصفة في أوقات المساء والليلة في كل يوم من أيام المعركة.

واليوم و بعد الاقتراب من الساعات الأخيرة للتهدئة، أصبح الشعور الذي يراود الناس شيئاً فشيئا يقترب من التوتر والحذر من قيام الفصائل بالتمسك بالرفض لتمديد التهدئة بعد اصرار اسرائيلي على رفض بعض ما جاء في بنود المبادرة وخاصة فيما يتعلق برفع الحصار وبناء الميناء والمطار.