مفتي الجمهورية يحسم الجدل حول صحة موعد أذان الفجر في مصر
أكد الدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية أن توقيت أذان الفجر المعمول به في مصر وسائر بلدان العالم الإسلامي هو التوقيت الصحيح شرعيًّا وفلكيًّا.
واستنكر المفتي بشدة الشائعات التي نشرها البعض للتشكيك في توقيت أذان الفجر، والادعاء بأنه متقدم على وقته الحقيقي، مشيرا إلى أنه مبني على تقويم وضعه عالم غير مسلم، هدفه التشكيك في صلاة المسلمين وصيامهم عبر القرون المتطاولة، ونحن نؤكد أن توقيت أذان الفجر المعمول به في مصر وسائر بلدان العالم الإسلامي هو التوقيت الصحيح شرعيًّا وفلكيًّا.
وحسم مفتي الجمهورية الجدل الدائر في هذا الأمر بقوله إن دعوى بدء الفجر من درجة 15 أو نحوها هي دعوى باطلة مخالفة لِمَا تقتضيه الأحاديث النبوية؛ من أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يصلي سُنة الفجر، ثم يغفو إغفاءة يسيرة، ثم يقوم إلى صلاة الفجر ويطيل القراءة فيها، ومع ذلك فإن النساء كن يخرجن بعد الصلاة لا يُعرَفْنَ من الغلس؛ وهو: ظلمة آخر الليل، ولا يكاد الرجل يعرف صاحبه؛ أي: بسبب الظلمة، وهذا كله لا يتفق بحالٍ مع هذه الدرجة المدَّعاة، وإنما يتصوَّر مع ما عليه العمل في مصر وسائر البلاد الإسلامية من أن وقت الفجر بين (18-19.5).
وأضاف المفتي أن هذه الدعوى تخالف الآثار عن الخلفاء الراشدين والصحابة والسلف الصالح، من أنهم كانوا يقرءون بالسور الطوال والآيات الكثيرة، ولا تطلع عليهم الشمس؛ فقد كان أبو بكر الصديق رضي الله عنه ربما قرأ في الفجر بسورة البقرة، وكان عمر الفاروق رضي الله عنه يكثر من قراءة سورتي يوسف والحج، وربما قرأ بسورة آل عمران، وكان عليٌّ كرم الله وجهه ربما قرأ بسورة الأنبياء، وقرأ سعيد بن جبير بسورة الإسراء.
وشدد المفتي على أن الادعاء بأن توقيت أذان الفجر في مصر خاطئ هو أمر مخالف تمامًا لِمَا نص عليه علماء الفلك وجرى عليه عمل أهل الهيئة المسلمين قديمًا وحديثًا؛ فإن المتقرر عندهم أن وقت الفجر دائر بين درجة (18 و19.5)، وممن نص على ذلك منهم: العلامة أبو الحسن الصوفي [ت376هـ]، والبيروني [ت440هـ]، ونصير الدين الطوسي [ت672هـ] ، وقاضي زاده موسى بن محمود الرومي، والبتاني [ت317هـ]، والمجاصي، وأبو الحسن بن الشاطر الدمشقي [ت777هـ] رئيس المؤذنين بالجامع الأموي بدمشق، وسبط المارديني [ت806هـ] مؤقت الجامع الأزهر، وأبو الحسن بن باص الأسلمي صاحب الأوقات بغرناطة، وأبو إسحاق النقاش الشهير بابن الزرقالة [ت493هـ]، وشُرّاح رسالته؛ كأبي الطيب القرطبي، وابن البناء، وغيرهم كثير وكثير.. وهؤلاء كانوا هم الموقتين لصلوات المسلمين عبر القرون في شتى أصقاع الأرض، وعنهم أخذ الغرب كثيرًا من مبادئ علم الفلك.
وأكد مفتي الجمهورية أن ما تتضمنه هذه الشائعات المضللة من اعتماد أهل مصر على أحد الفلكيين غير المسلمين في جعل درجة 19 ميقاتًا لأذان الفجر هو كلام مجانب للصواب؛ فإن اعتماد هذه الدرجة علامة على طلوع الفجر الصادق هو عمل أهل مصر قاطبة منذ سالف الأزمان؛ كما نص عليه رئيس المؤذنين بالجامع الأموي بدمشق العلامة الفلكي علاء الدين أبو الحسن بن الشاطر، في كتابه "النفع العام في العمل بالربع التام"، ومؤقت الجامع الأزهر بالديار المصرية العلامة الفلكي سبط المارديني؛ في كتابه "الدر المنثور في العمل بربع الدستور".
وأضاف أنه إذا أضيف إلى ذلك إقرارُ هذه الدرجة من علماء مصر طيلة هذه العقود- حيث كان علم الهيئة من العلوم المقررة في الأزهر الشريف، ولم ينكر ذلك أحد من أهل العلم والفتوى في مصر على مدى قرن من الزمان، مع توقف صلاتهم وصيامهم على صحة ذلك، وهم أئمة الأمة وسادة أهل العلم فيها- كان ذلك إجماعًا واضحًا من علماء مصر وفلكييها وأهل الهيئة فيها على صحة هذا التوقيت لأذان الفجر.
وأشار مفتي الجمهورية أنه بتأييد صحة العمل بهذه الدرجة (18-19.5) صدر بيان "مركز الفلك الدولي" بتاريخ 18 رمضان 1436هـ، الموافق 5 يوليو 2015م، مؤكدًا اتفاق المتخصصين على أنه لا صحة للقول بأن موعد الفجر المبين في التقاويم متقدم عن الوقت الحقيقي لطلوع الفجر الصادق، ومبينًا أن كل بلدان العالم الإسلامي قاطبة تجعل صلاة الفجر ما بين (18-19.5)، وأن ما يثار عن أن بعض الجمعيات الفلكية تعتمد الزاوية 15 غير صحيح على الإطلاق.
وأهاب مفتي الجمهورية بعموم المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها ألا يأخذوا أحكام دينهم وعباداتهم إلا من أهل العلم والتخصص المؤهلين، وألا يتركوا ذلك نهبًا لكل من هب ودب؛ ممن يخرج بين الفينة والأخرى يشكك المسلمين في أمور عبادتهم وشئون حياتهم.