التوقيت الإثنين، 23 ديسمبر 2024
التوقيت 09:18 ص , بتوقيت القاهرة

101 عام على رحيل "صديق الفقراء".. الأنبا أبرآم

ككل عام، وعلى مدار أكثر من قرن، يحيي أقباط الفيوم في يوم 10 يونيو ذكرى رحيل أسقف الفيوم والجيزة الراحل الأنبا أبرآم، الذي عرف بلقب "صديق الفقراء"، نظرا لتفانيه في خدمة الفقراء مهما كانت الظروف المالية ودون تمييز، فتمتع بشعبية كبيرة بين أقباط ومسلمي محافظة الفيوم.

راهب الفقراء

ولد الأنبا أبرآم بقرية دلجا بالمنيا عام 1829 باسم بولس غبريال، وكان يتردد على دير المحرق حيث صار راهبا باسم بولس المحرقي عام 1848 وخدم بمطرانية المنيا 4 سنوات، عرف خلالهم بخدمة الفقراء، حتى عاد لديره مرة أخرى، حيث اختاره الرهبان رئيسا للدير.

سرعان ما حدث خلافات بينه وبين الرهبان، بسبب تسخيره كل إمكانيات الدير للفقراء والمحتاجين، فاتمهوه بتبديد أموال الدير وطلبوا منه ترك رئاسة الدير، فذهب هو ومجموعة من تلاميذه إلى دير البراموس بوادي النطرون، حتى اختاره البابا كيرلس الخامس ليكون أسقفا للفيوم والجيزة عام 1881.

أسقف الفقراء

كانت أولى قراراته بعد توليه الأسقفية تخصيص الدور الأرضي للفقراء والمحتاجين والمرضى، ولم يكن يكتفي بإعطاء الفقراء بسخاء، ولكنه كان يحرص على الجلوس معهم في الموائد حتى لا يشعروا بأنهم أقل من الباقين، فتحولت المطرانية إلى "دار للفقراء" يذهب إليها كل محتاج من المسيحيين والمسلمين، ولم يكن يترك سائلا للمال إلا وأعطاه، وكان الأنبا أبرآم يطوف محافظة الفيوم سيرا على الأقدام ليتفقد أحوال أبناء المطرانية واحتياجاتهم.

وعن خدمته للجميع، قال عنه محافظ الفيوم الأسبق حمدي الحكيم في إحدى احتفالات المحافظ بعد رحيل الأنبا أبرآم بسنوات "إنني رجل فيومي، ولدت وعشت في الفيوم عمري كله، وعندما كنا أطفالا، كنا نسمع عن الأنبا أبرآم، ولكن ما خطر علي بالنا أبدا أي تفريق بين المسلمين والمسيحين، كنا نشعر أنه قديس الفيوم كلها، فهو الرجل الذي كان للمسلمين كما للمسيحين".

صورة نادرة للأنبا أبرآم (الثالث من اليسار) يجلس بجوار مطران الحبشة أثناء زيارته لمصر

قوة في المواجهة

رغم ما عُرف عن الأنبا أبرآم من طيبة في معاملة الفقراء إلا أنه أيضا عرف بقوة شخصيته، والتي ظهرت خلال العديد من المواقف، حتى أنه في أثناء الاحتلال البريطاني قام "مفتش المساحة" الإنجليزي، باغتصاب 29 فدانا من أرض المطرانية، فثار الأنبا أبرآم وقدم شكوى فيه وهو لا يعبأ بما يمكن أن يفعله المسئول الإنجليزي، ولم يهدأ حتى نُقل المفتش لمكان آخر وعادت الأرض.

كما اختصم أحد الباشوات من الأقباط بسبب رفضه للطلاق لغير علة الزنى، كما ثار عندما علم بالإرساليات الخاصة بالطوائف، فكتب رسالة يحذر فيها الأقباط من الإرساليات، وأمر كل الكهنة بافتقاد كل البيوت بشكل دوري.

شهرة عالمية

ذاع صيت الأنبا أبرآم فكتب عنه عديد من الكتاب الأجانب، مثل الكاتب الإنجليزي ليدر، الذي كتب عنه في كتاب "الأبناء العصريين للفراعنة"، بعدما قابله في الفيوم، لدرجة أن قيصر روسيا في أثناء زيارته لمصر حرص على مقابلة الأنبا أبرآم. وظل الأنبا أبرآم يتمتع بشعبية جارفة بالفيوم، حتى توفي في يوم 10 يونيو عام 1914، وكانت جنازته تاريخية، سار فيها الآلاف من المسلمين والمسيحيين.

إعلان قداسته

بعد مرور 50 عاما على رحيل الأنبا أبرآم في 10 يونيو عام 1914، وفي أول اجتماع للمجمع المقدس حضره الأنبا شنودة أسقف التعليم (البابا شنودة الثالث) عام 1963، طرح الأنبا شنودة على المجمع الاعتراف بالأنبا أبرآم كأحد قديسي الكنيسة، خاصة بعد تدوين سيرته، فوافق المجمع المقدس برئاسة البابا كيرلس السادس على الاعتراف بقداسته رسميا، عام 1964.