التوقيت السبت، 23 نوفمبر 2024
التوقيت 09:34 م , بتوقيت القاهرة

أولياء المحروسة.. ليسوا مصريين

اعتاد المصريون على الزيارات المتكررة لأولياء الله الصالحين وتبركهم بهم وبكراماتهم، ورغم حبهم لهم، فإن العديد من المصريين لا يمتلكون معلومات كافية عن أصل ونشأة العديد من الأولياء الصالحين.

فالأولياء الصالحون بأرض الكنانة أكثرهم لا يحمل أصولا مصرية كما يعتقد المصريون، فقد أتى معظمهم من بلدان أخرى، واستقروا وعاشوا حتى توفوا في الأراضي المصرية، أو أقيمت لهم مساجد في مصر رغم دفنهم في بلدان أخرى، وعلى رأسهم أئمة التصوف الكبار الذين انبثقت عن مناهجهم عدة طرق صوفية، وفي ذلك السياق  رصد "دوت مصر"  أصول أشهر الأولياء الصالحين.

أحمد الرافعي:

ولد الإمام أحمد الرافعي سنة 512 في العراق في قرية تعرف بالبطائح، وهي قرية موجودة بوسط الماء بين واسط والبصرة، وفي السابعة من عمره توفى أبوه في بغداد فرباه خاله الشيخ الزاهد منصور البطائحي، وهو من نشأه تنشئة دينية.

وعرف أحمد الرافعي بالفقيه الشافعي الأشعري الصوفي، ولقب بأبو العلمين وبشيخ الطرائق والشيخ الكبير وأستاذ الجماعة، وإليه تنسب الطريقة الرفاعية من الصوفية وهو أحد أقطاب الصوفية في العالم.

وكان أحمد الرافعي شافعي المذهب ووصل إلى درجة عالية من الاجتهاد المطلق، وكان يضرب به المثل في التواضع والانكسار، مع الناس ولينه في التعامل معهم وشفقته عليهم ورحمته بهم، وكان بعض الناس في عصره كانوا يحسدونه  ويكيدون له، ومنهم من كانوا يفترون عليه.

وكان الرافعي حين يجالس الناس يقول لهم إنه ليس بشيخ مقدما على الجميع، كما أنه كان يذهب للمرضى المصابين بالجزام ليأكل معهم ويطعمهم، ويعهدهم بالدواء ثم يأخذ  ثيابهم فيغسلها لهم من قوة يقينة.

وتوفى الإمام الرافعي عن عمر ناهز 66 عاما بعد أن أصيب بداء البطن الذي تحمل ألم الشديد، وبقى مريضا أكثر من شهر ورغم شدة مرضه، فإنه لم يتكاسل عن أداء الطاعات والعبادة حتى توفى في 12 جمادى الأول عام  578 هـ.

أبو الحسن الشاذلي:

ولد الشاذلي في قبيلة الأخماس الغمارية عام  571  هو أبو الحسن على بن عبد الله بن عبد الجبار الشاذلي المغربي الزاهد، ينتسب إلى أبو الحسن الشاذلي الطريقة الشاذلية، كما تفقة الشاذلي، وبدأ التصوف في تونس، وسكن مدينة الشاذلية التونسية ولذلك نسب إليها.

تتلمذ الشاذلي على يد الشيخ  عبد السلام بن مشيش في المغرب، الذي أثر في حياته الصوفية بشكل واضح، ورحل الشاذلي إلى تونس ثم إلى جبل زغوان وهناك اعتكف للعبادة حتى وصل إلى مراكزة عالية من الفكر الصوفي، وبعد ذلك ارتحل إلى مصر، وأقام في الإسكندرية، وأصبح له في الإسكنرية مريدين وأتباع ثم بعد انتشرت طريقته في مصر، وبعد ذلك اعتبر من أهم أقطاب الصوفية في العالم.

ومن أشهر أتباع أبو الحسن، هو أبو العباس المرسي، ويقول الشاذلي في أبا العباس "يا أبا العباس ما صحبتك إلا لتكون أنت أنا وأنا أنت"، وتوفى أبو الحسن الشاذلي بوادي حميثرة بصحراء عيزاب وهو متوجه إلى بيت الله الحرام  في أوائل ذي القعدة عام 656 هـ.

المرسي أبو العباس:

ولد أبو العباس عام 616 في مدينة مرسية في الأندلس، منها اكتسب لقبة المرسي واسمه شهاب الدين أبو العباس أحمد بن الحسن بن على الخزرجي الأنصاري المرسي، ويتصل نسب المرسي بالصحابي سعد بن عبادة، ونشأ أبو العباس المرسي في بيئة صالحة للتصوف، وأثناء رحلته مع أبيه وأخيه إلى الحج، وهم  بالقرب من شاطئ تونس هبت رياح عاصفة ضربت سفينتهم ولم ينج إلا المرسي أبو العباس وأخيه وتوجها إلى تونس واستقرا بها، وهناك التقى المرسى بأبي الحسن الشاذلي وانتقلا إلى مصر عام 1244.

أقام أبو العباس في الإسكندرية ثلاثة وأربعين سنة كما تولى بعد وفا أبو الحسن الشاذلي قيادة الطريقة الشاذلية، وظل يحمل لواء العلم والتصوف حتى توفى  في 25 ذي القعدة عام 686 هـ، ودفن في مقبرة باب البحر.

أحمد البدوي:

ولد أحمد البدوي في مدينة فاس المغربية في عام 596هـ، وهاجر أجداده من شبة الجزيرة العربية إلى بلاد فاس المغربية، بعد أن اشتد اضطهاد الحجاج بن يوسف الثقفي للعلويين، وأجمع علماء الأنساب باتصال نسب القطب البدوي للحسين بن علي بن أبي طالب، وسمي بالبدوي؛ لأنه كان يشبه أهل البادية في ملازمة اللثام.

وسمي بالملثم؛ لأنه كان يغطي وجهه بلثامين صيفا وشتاء، تعرف طريقة أحمد البدوي بالطريقة الأحمدية نسبة إلى اسمه أحمد أو بالطريقة البدوية نسبة إلى كنيته.

ويعد الاحتفال بمولد السيد البدوي من أكبر الاحتفالات، حيث تحتفل به 67 طريقة صوفية في مصر، كما  يقام للبدوي احتفال  يعرف بالمولد الرجبي، ويقام في النصف الأول من شهر أبريل ويستمر لمدة أسبوع.

توفي أحمد البدوي يوم الثلاثاء 12 ربيع الأول في عام 675 هـ بمدينة طنطا، وخلفه من بعده تلميذه عبد العال وقد بنى مسجده الذي كان في البداية على شكل خلوة بجوار قبر احمد البدوي، ثم تحولت إلى زاوية للمريدين، وبعد ذلك بنى لها على بك الكبير المسجد والقباب والمقصورة النحاسية حول الضريح، كما خصص لها الأوقاف للإنفاق عليها أثناء انفصاله عن الدولة العثمانية حتى أصبح من أكبر مساجد طنطا.