لماذا دفن عثمان بن عفان فى مقابر اليهود؟
خرج الثوار على الخليفة الثالث سيدنا عثمان بن عفان رضى الله عنه، يطلبون منه عزل ولاة بني أمية، بعدما نقموا منه فى عدة بلدان، لكنه أرضاهم وردهم إلى بلادهم، وعلى رأسهم المصريين، الذى أرضاهم بتعيين محمد بن أبى بكر الصديق، إلا أن مكيدة مروان ابن الحكم كاتب الخليفة قلبت الموازين، كما أورد الذهبي فى سير أعلام النبلاء.
بعدما غادر المصريون المدينة وجدوا رسول من الخليفة يحمل رسالة إلى والي مصر يأمره بقتل الثوار فور عودتهم، فعادوا إليه مرة أخرى فى ثورتهم الثانية، فأنكر علاقته بالكتاب، وأن كتابه كتب بغير علمه، فطالبوه بالتنازل عن الخلافة، فما كان منه إلا أن قال قولته المشهورة "لا أَنْزِعُ قَمِيصًا أَلْبَسَنِيهِ اللهُ"، كما ورد فى تاريخ الأمم للطبري.
لكن الثورة لم تنتهى إلا بالدخول على الخليفة فى داره، وقطع أصابع زوجته عندما أرادت الدفاع عنه، ثم قتله وإسالة دمه على المصحف، فى أول ثورة مسلحة يراها المسلمون فى التاريخ الإسلامي، كانت باكورة انقسام الأمة الإسلامية.
إلقاء الجسد
مكث الخليفة الراشد بعد مقتله بقى ثلاثة أيام مطروحا على "كناسة بنى فلان"، وهى مكان لوضع القمامة، بسبب تعنت الثائرين عليه دفنه أو الصلاة عليه، حسبما أورد عمدة المؤخرين ابن جرير الطبري فى تاريخ الأمم والملوك.
الصلاة عليه
ثم قام أثنا عشر رجلا منهم : جدي مالك بن أبي عامر ، وحويطب بن عبد العزى ، وحكيم بن حزام ، وعبد الله بن الزبير ، ومعهم عائشة بنت عثمان معهم أتوا إلى جسده بمصباح فحملوه على باب، وإن رأسه يقول على الباب "طق طق" حتى أتوا به البقيع ، فاختلفوا في الصلاة عليه ، فصلى عليه حكيم بن حزام أو حويطب بن عبد العزى ثم أرادوا دفنه، كما جاء فى معرفة الصحابة لأبى نعيم الأصفاني.
الدفن فى مقابر اليهود
لما أرادوا دفنه فى البقيع، قام رجل من بني مازن فقال: والله لئن دفنتموه مع المسلمين، لأخبرن الناس، فحملوه حتى أتوا به إلى حش كوكب، وهو بستان لرجل يسمى كوكب تدفن فيه اليهود موتاها.
فلما وصلوا إلى حش كوكب وأرادت ابنته البكاء عليه، نهرها عبدالله بن الزبير، وقال لها "اسكتي"، حتى لا يخرج الثائرين فيمنعوا دفنه مرة أخرى، فلما دفنوه وسووا عليه التراب قال لها إبن الزبير: "صيحي ما بدا لك أن تصيحي".
وكان عثمان بن عفان قبل ذلك يمر بحش كوكب فيقول: ليدفنن ههنا رجل صالح، كما أورد الطبراني فى المعجم الكبير والطبري فى تاريخ الأمم والملوك.