التوقيت الثلاثاء، 05 نوفمبر 2024
التوقيت 02:31 م , بتوقيت القاهرة

حمدي الكنيسي: رفضت تكريم السادات.. ودور الإذاعة تلاشى في حكم مبارك

في صباح يوم 23 يوليو 1953، يرى الصبي، الذي لم يتجاوز عمره الثانية عشر، مقالا حول علاقة مصر بأمريكا يحمل اسمه، يتصدر إحدى صفحات جريدة الجمهورية، ليصبح بذلك أصغر كاتب مقال، وتمر السنوات ويلتحق بكلية الآداب، ويفوز بالثلاثة مراكز الأولى في مسابقة القصة القصيرة، التي أعلنت عنها جامعة القاهرة، ليخطو بذلك نحو أن يكون أديبا وكاتبا، كما توقع له الجميع.


سرعان ما تغير حلم هذا الشاب بعد سماعه خبر فتح باب التقدم لاختيار مذيعين جدد بالإذاعة، فتذكر حينها حبه القديم لسماع نشرة الأخبار، والبرنامج الثقافي، وصوت المقرئ، عبر أثير المذياع، فقرر أن يتقدم للاختبار ليكون إذاعيا لا غير، لكنه لم يكن يحلم أن يصبح فيما بعد رئيسا للإذاعة.


إنه الإذاعي الكبير، حمدي الكنيسي، الذي كان لـ"دوت مصر" معه هذا الحوار، بمناسبة الذكرى الـ 81 لبدء بث الإذاعة المصرية.


يجلس إلى جانب أوراقه المتناثرة على طاولة منزله، والتي يجاورها راديو قديم، اعتاد على سماعه صباحا، سألناه كيف كان دخولك عالم الإذاعة؟ فأجاب مبستما: "بعد نجاحي في اختبارات الإذاعة الشفوي والتحريري أمام لجنة من كبار الإعلاميين، عملت لمدة عام كمذيع ربط، والذي كان يختص عمله بالإعلان عن انتهاء أحد البرامج وبدء آخر، إلى أن تم إدراج اسمي على قوائم مُذيعي الهواء، ثم تدرجت في المناصب حتى وصلت إلى منصب رئيس الإذاعة".


"ضيعت في الإعلام عمري"، إحدى عباراته المعروفة، والتي أوضح لنا سبب قولها، "قلت تلك العبارة لأنني انهمكت في العمل الإعلامي، وتراجعت عن التأليف والكتابة، اللذين أعشقهما، فلا أستطيع إنكار أن الإعلام والإذاعة صنعت لي اسما جيدا، لكن دائما أرى أن صفة الأديب أو الكاتب لها رونق خاص".


"مراسل الحروب"، هو اللقب الذي عرف به الكنيسي لفترة طويلة، بعد تغطيته لحربي الاستنزاف وأكتوبر، وعن تلك التجربة يحدثنا: "اصطحبت جهاز التسجيل، وذهبت لتغطية حرب الاستنزاف دون تكليف، وهو ما أدى إلى حدوث خلاف مع رؤسائي في الإذاعة، لكن في حرب أكتوبر، طلبت من بابا شارو، رئيس الإذاعة وقتها، الذهاب كمراسل حربي، ووافق بعد أن رأى إصراري على ذلك، ورأيت هناك التخطيط العبقري للمعركة، والاستعداد الكامل، ورغم الحديث عن استحالة هزيمة إسرائيل، وتحطيم خط بارليف، إلا أن ذلك لم يقلل من عزيمتنا".


وعن رفضه لتكريم الرئيس السادات عقب انتهاء الحرب، يحكي: "وزير الإعلام اتصل بي بعد الحرب، وشكرني على التغطية، وأبلغني رغبة الرئيس السادات في مقابلتي وتريقتي، وبالفعل قابلته، لكني رفضت هذه الترقية، وطلبت بدلا منها، دعم مبنى الإذاعة، وإصدار قانون نقابة الإعلاميين، وهو ما استقبله بشكل إيجابي".


وبسؤاله عن الرموز الإذاعية، التي أثرت في شخصيته وعمله، يكمل دون تفكير: "جلال معوض، أحمد فراج، وأحمد سعيد، هم من جعلوني أعشق الإذاعة".


ما إن انتهى حمدي الكنيسي من رواية ذكرياته، التي ترجع لأكثر من 40 عاما، حتى سألناه عن ما الذي يتابعه في الإذاعة؟ فاختتم حديثه قائلا: "إذا لفت إنتباهي شيء فأتابعه، لكن بشكل عام دور الإذاعة تلاشى شيئا فشيئا مع ظهور التلفزيون، فكان لها دور قوي خلال حكم عبدالناصر، وكانت تدعمه باعتباره رجلا وطنيا وبطلا، وأيضا السادات، ساندته بعد الحرب كثيرا، لكن منذ بداية حكم مبارك وحتى الآن، فلم يصبح للإذاعة تأثير، سلبيا كان أو إيجابيا".