التوقيت الأحد، 22 ديسمبر 2024
التوقيت 11:34 م , بتوقيت القاهرة

هل يبدأ أمن الخليج من واشنطن؟

 

قال مسؤولون أمريكيون إن قمة واشنطن، التي عُقدت قبل نحو أسبوعين في العاصمة الأمريكية، ستساعد الحلفاء الخليجيين على إقامة نظام دفاعي إقليمي للحماية من الصواريخ الإيرانية، وقد يصحبها تعزيز الالتزامات الأمنية وصفقات سلاح جديدة والمزيد من التدريبات العسكرية المشتركة.

وهو بالطبع النظام الذي سُمي بـ "القبة الحديدية"، وهو عبارة عن نظام دفاع جوي بالصواريخ ذات القواعد المتحركة، طورته شركة رافئيل لأنظمة الدفاع المتقدمة والهدف منه هو اعتراض الصواريخ قصيرة المدى والقذائف المدفعية.

وبالمناسبة الخليجيون لا يحبذون أن يطلق عليه نظام القبة الحديدية، لأنه هو ذاته النظام الذي تستخدمه إسرائيل للحماية من صواريخ حزب الله في لبنان وحماس في غزة بفلسطين، ويفضلون أكثر مسمى نظام "دفاعى إقليمي".

وللعلم بالشيء فإنه في شهر فبراير من عام 2007 اختار وزير الدفاع الإسرائيلي عمير بيرتز نظام القبة الحديدية كحل دفاعي لإبعاد خطر الصواريخ قصيرة المدى عن إسرائيل. ومنذ ذلك الحين بدأ تطور النظام الذي بلغت كلفته 210 ملايين دولار بالتعاون مع الجيش الإسرائيلي، وقد دخل الخدمة في منتصف عام 2011 م. ويحظى هذا النظام بتمويل أمريكي كبير.

من جهته وصف رؤوفين بيداتسور، المحلل العسكري والأستاذ في جامعة تل أبيب، في مقال نشره في صحيفة هآرتس في يناير 2010، القبة الحديدية بأنها عملية احتيال ضخمة، وأشار إلى أن زمن رحلة صاروخ قسام إلى سديروت هو 14 ثانية، في حين أن نظام القبة الحديدية يحدد ويعترض الصاروخ بعد 15 ثانية. هذا يعني أن النظام لا يمكن اعتراض الصواريخ ذات مدى أقل من 5 كم. وألقى الضوء على الفجوة الكبيرة بين تكلفة القبة الحديدية صاروخ (50 ألف دولار) وتكلفة صاروخ القسام (300 دولار أو 1000 دولار).

ما سبق هو معلومات منشورة ومتاحة على الإنترنت منذ ما يفوق السبع سنوات، وقد شاهد الكثير منا نجاح صواريخ المقاومة البدائية الصنع في الوصول إلى أماكن عدة داخل إسرائيل لتدلل على فشل النظام، وهنا يجب التأكيد على أن الصواريخ بدائية الصنع وتفتقر إلى إلامكانيات التدميرية التي يُفترض أن يحملها صاروخ، فما بالك بصواريخ محترفة تستطيع أن تحمل موادا شديدة الانفجار.

على الجانب الآخر فإن إيران استطاعت أن تطور منظومة صواريخ يمكنها أن تطلق ألف صاروخ في نفس التوقيت، وهو الأمر الذي أربك حتى الولايات المتحدة الأمريكية، التي كانت قد دقت ببطاريات صاروخية، تحت اسم "الدرع الصاروخي" لحماية حلفائها في أوريا من أي هجمات لصواريخ محتملة من إيران، حتى وأن هذه الصواريخ دفعت بتوتر العلاقة بين أمريكا وروسيا، إلا أن المفاجأة الإيرانية أو هكذا أعلن عنها، أربكت الحسابات الدولية، وبرهنت على أن المنظومة الصاروخية في أوروبا فاشلة، حيث إن الصواريخ الضخمة لن يكون بمقدورها صد الهجمات ذات الحجم الكبير من الصواريخ.

وبالعودة إلى نظام القبة الحديدية، النظام سيكون غاية في التكلفة وسوف تكون الأرقام بمليارات الدولارات، لو وضعنا في الحسبان أن تكلفة الصاروخ الواحد 50 ألف دولار، ناهيك عن محرك الصواريخ وتخزينها ونقلها والدعم الفني، والمساحة الواسعة للخليج العربي مقارنة بـ"غزة" على سبيل المثال، كما أن الخطر على دول الخليج العربي لا يقتصر على جبهة واحدة كما بين إسرائيل وغزة، فالخطر قادم من إيران والعراق واليمن وسوريا حيث تركز وانتشار الجماعات الإرهابية التي تتوعد الخليج كل صباح.

فالأمر سوف يحتاج إلى أموال طائلة قد تأكل الأخضر واليابس من دول الخليج مجتمعة، ولو وضعنا فى الحسبان أن الاستثمارات إلى الخليج العربي سوف تتراجع لاعتبارات أمنية تمر بها المنطقة عموما، سيكون الأمر غاية في الصعوبة مع تشابك الوضع الإقليمي.

ويبدو أن اعتماد دول الخليج على الدعم العسكري الأمريكي المدفوع الأجر لا مفر منه، حيث إن هناك شكوكا جمة في الاعتماد على الدب الروسي في المنطقة، فهناك حسابات معقدة تضم إيران وروسيا وسوريا، كما أن الخليج لا يستطيع ان يغامر بخسارة الصديق الأمريكي الذي سترتبط معها باتفاقيات دفاع مشتركة.