التوقيت الجمعة، 22 نوفمبر 2024
التوقيت 08:42 م , بتوقيت القاهرة

"روشتة" علاج للإخوان والدولة

هل يمكن أن نضع "روشتة" علاج للإخوان، تنهي لنا ما يحدث؟ هل يمكن أن نصل بتلك الجماعة التي فقدت عقلها إلى المراجعة؟ هل يمكن أن تنتهي الأزمة؟ وكيف؟


أسئلة سألتها لنفسي أولاً، قبل أن أطرحها على عدد من أصدقائي المهتمين بتلك الظاهرة، وسرحت وتوهمت أننى بالفعل قادر على طرح مبادرة تنهي ما يحدث، لأن الجماعة يُمكن أن تكون قد أدركت بالفعل أن المراجعة هي أساس البقاء، وأنها بعد سنوات من الصراع، لم تحصل على أي نتيجة تذكر، وأن النظام الذي حاولت إسقاطه بفعل صناعتها لأزمات اقتصادية، عبر المظاهرات والفعاليات المتنوعة ما زال باقيًا، وأن النتيجة الحتمية لها هي الهزيمة لا محالة.


ولأن الدولة هي الدولة، وهناك فرق بين دولة وجماعة، فعلى الجماعة أولاً أن تتراجع مئات الخطوات للوراء، وأن تتخلى ليس تكتيكياً بل استراتيجيًا عن حُلم السلطة، وأن توقف كل فعالياتها دون قيد أو شرط.


التجربة أثبتت أن ذلك ليس مستحيلاً، وأن الجماعة الإسلامية بالفعل قامت بمراجعات غير مسبوقة في هذا الشأن في التسعينات، نعم هناك من انقلبوا عليها بعد ذلك، إلا أن مضمونها النهائي لا يزال سارياً، ودفع أكثر من 30 ألفاً ممن يقتنعون بهذا الفكر إلى التخلي عنه.


لكن هناك مبادرات كثيرة في هذا الشأن فشلت.. نعم، لأن الإخوان ساعتها كانوا يضعون شروطًا مجحفة، أولها هو شرط عودة مرسي، وحين تخلّوا عنه وضعوا شروطًا أخرى لا تقل إجحافًا، لأن قراراهم بالفعل ليس بأيديهم، بعد أن أصبحوا موزعين بدول عدة، ارتبطت مصالح قياداتهم بها بشكل كبير، أما الآن، فالأمور إلى حد ما قد تغيّرت بشكل أكبر.


إذن الأمور ليست مستحيلة.. فلنضع "الروشتة" إذن.


(أن تعلن الإخوان تخليها عن حُلم السلطة، وأن تعلن إيمانها واقتناعها أن الديمقراطية هي نهج التغيير الوحيد.. وأن توافق على المصالحة الوطنية الشاملة.. وأن تعمل من خلال إطار وطني جامع، لأن مصر أولاً قبل التنظيمات والجماعات.. كما تؤكد على أنها ستعمل في إطار القانون والدسترة، وأن تتخلى عن وجود التنظيم والجماعة لصالح حزب سياسي، يعمل ضمن إطار الثقافة السياسية الحالية، أي الخاضعة لضوابط المجتمع والنظام السياسى.. كما تعلن تخليها عن استراتيجية الصدام الشامل مع الأنظمة السياسية، إلى سياسة التعايش أو التكيّف الإيجابي، وتخليها عن الطور الاحتجاجي، إلى طور البناء والمشاركة السياسية.. والأهم إعلان براءتها من كل التشكيلات والكيانات المسلحة، وانفصالها عن التحالف مع الجماعات والأحزاب التي تؤمن بحتمية المواجهة.. كما تعلن اعتذارها عما حدث خلال السنوات الماضية، وما تسببت فيه للشعب المصري).


هل تضمن جماعة الإخوان لو فعلت ذلك؟.. فى تلك اللحظة أدركت فقط، أن الإخوان لن يسمعوا من خارجهم، وأنهم في الأغلب يتهمون الجميع بالخيانة، وأنهم لن يصلوا لتلك المراجعات إلا بعد سنين طويلة، كما أننى لست معنياً بأمر جماعة أو تنظيم، فالواجب هو أن نعنى فقط بأمر الدين، والدولة، باعتبارها حارسة على أمر الدين، وأن المبادرة الفعلية التي يجب أن نقدمها، لا بد أن تقدم لمصر كدولة، لأن صلاحها سينهى كل مشكلة الكيانات والتنظيمات، فهي العاقلة، وتلك الجماعات مجنونة، والعاقل هو من يستوعب المجنون، وأول شيء نقدمه لدولتنا هو أمر الفكر الديني، وكيفية إصلاح خطابه.


 إن قررنا أن نقوم بعمل مبادرات إصلاحية، فعلينا أن نؤمن أنه لا صلاح لمصر، ولا علاج لمشكلة تلك الجماعات إلا بوضع خطة جامعة شاملة، والاتفاق على مشروع ديني وطنى تام، وإلا فالصراع أمده سيطول، ولن تفكر لا الإخوان أو غيرها، أن تتجه إلى سياسة التعايش أو التكيّف الإيجابي، وتتخلى عن الطور الاحتجاجي، إلى طور البناء والمشاركة السياسية أبدًا.