لماذ يرفع أكثر من أذان في صلاة الجمعة؟
عكس باقي الصلوات الخمسة وصلاة العيدين والجنازة، فإن صلاة الجمعة يكون لها أذانان: الأذان الأول يرفع عند وقتها، والثاني بعد صعود الإمام المنبر استعدادا لإلقاء الخطبة، ثم بعد الخطبة يكون رفع الإقامة للبدء في الصلاة.
فهل الأذان الثاني حكمه بدأ مع صلاة الجمعة، أم أن له قصة أخرى؟
قصة الأذان الثاني
الأذان لصلاة الجمعة كان أذانا واحدا، تتبعه الإقامة، في عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وخلفائه الصديق أبي بكر والفاروق عمر بن الخطاب، رضي الله عنهما، وكان يرفع حين يجلس الإمام على المنبر، واستمر الحال هكذا حتى جاء الخليفة الثالث عثمان بن عفان رضى الله عنه، حيث قرر وقتها نتيجة لازدياد الناس وتباعد المنازل أن يؤذن أذان ثان في الأسواق لكي يسمع الناس به، حسب ما روى البخاري في صحيحه.
لماذا اعتمده المسلمون؟
رغم أن هذا الأذان لم يكن على عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم، إلا أن الصحابة اعتمدوها استنادا على ما اقتضته المصلحة العامة للمسلمين، ولأن النبي قال "عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين تمسّكوا بها وعضّوا عليها بالنواجذ"، كما رواه أحمد وأبو داود والترمذي.
لماذا استمر حتى الآن؟
رغم ظهور السماعات المكبرة والتليفزيون والراديو والإنترنت ووسائل التكنولوجيا الحديثة، التي تنقض سبب إقامة الأذان الثاني، وهو "تباعد الناس وعدم وصول صوت المؤذن إليهم"، إلا أن المسلمين استمروا طيلة الـ14 قرنًا الهجرية وحتى عصر الانطلاق الفضائي بإقامته، والسبب عرضه مفتي الديار المصرية الدكتور علي جمعة فى فتواه الشهيرة رقم 1760 لسنة 2007.
ونصت فتوى جمعة "بعد عرض أدلة الأذان الثاني-: "ومما سبق نعلم أن الأذان الثاني للجمعة سَنَّهُ سيدنا عثمان رضي الله عنه، وقد قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ بَعْدِي فَسَيَرَى اخْتِلاَفًا كَثِيرًا؛ فَعَلَيْكُمْ بسنتي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الْمَهْدِيِّينَ الرَّاشِدِينَ» رواه ابن حبان والحاكم، وعثمان رضي الله عنه من الخلفاء الراشدين، ولقد قام الإجماع العملي من لدن الصحابة إلى يومنا هذا على قبول الأذان الثاني، فالذي يطعن فيه وينكره فإنه يطعن في إجماعٍ وفي شعائر الإسلام التي ارتضاها العلماء عبر القرون، والذي يدَّعي أنه بدعة ضلالة يخالف ما تواتر عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم من أن الله سبحانه لا يجمع أمته على ضلالة".
حفظ السنة
أكد مدير إدارة التفتيش الديني بوزارة الأوقاف، الدكتور سامي العسالة، أن الأذان الثاني يعمل على إتاحة الفرصة أمام المصلين لصلاة سنة الظهر وهي سنة مؤكدة، مؤكدا أن الصلاة بأذان واحد لا تجعل المصلين يقدرون على صلاة السنة لأن الخطيب يبدأ فور الآذان، فلا يصلونها.
وأوضح سامي لـ"دوت مصر" أن الأذان الثاني هو سنة سيدنا عثمان بن عفان رضى الله عنه، وهو من الخلفاء الراشدين الذين طالبنا باتباع سنتهم، مضيفا أن الأذان هو عبادة في حد ذاته، ولا يجوز الاستغناء عنه عموما في ظل وسائل التكنولوجيا الحديثة.