كيف قتلت "الكوماندوز" وزير المالية في "داعش"؟
في أول عملية إنزال بري يعلن عنها الجيش الأمريكي داخل الأراضي السورية، تمكنت القوات الخاصة الأمريكية "الكوماندوز" من قتل القيادي الكبير في تنظيم الدولة الإسلامية "داعش"، أبو سياف، وأسر زوجته، فيما وصف من قبل وزير الدفاع الأمريكي، آشتون كارتر، بأنه "ضربة مهمة وجهت للمسلحين الجهاديين هناك".
قال البيت الأبيض إن الرئيس الأمريكي باراك أوباما، أمر بتنفيذ الغارة التي تمت ليلا بناء على توصية بالإجماع من فريق الأمن القومي، "وبعد أن جمعنا ما يكفي من معلومات المخابرات، وكنا واثقين من أن المهمة ستجري بنجاح ووفقا لشروط تنفيذ مثل هذه العمليات"، مشيرا إلى أن الإدارة الأمريكية لم تبلغ الرئيس السوري، بشار الأسد، مسبقا بالعملية ولم تنسق مع دمشق.
وفي بيان لها، قالت المتحدثة باسم مجلس الأمن القومي التابع للبيت الأبيض، برناديت ميهان، إن أفرادا من هذه القوة يتمركزون خارج العراق نفذوا العملية في حقل العمر النفطي في شرق البلاد، بموافقة كاملة من السلطات العراقية.
ساعة الصفر
وتحت عنوان "تقرير حول الإنزال الأمريكي في حقل العمر النفطي"، قالت لجان التنسيق السورية إن العملية بدأت في الساعة الواحدة بعد منتصف ليل أمس السبت، بتحليق طائرات التحالف الحربية فوق منطقة الحقل وريف دير للزور عموما دون أي قصف.
وبعد ساعتين، أنزلت مروحية أمريكية جنودا أمريكيين في المدينة السكنية، حيث بدأت مباشرة الاشتباكات مع مقاتلي "داعش"، والتي أدت إلى مقتل "أبا سياف"، الذي وصف بـ"مسؤول النفط في داعش"، ومتشددين آخرين.
تفاصيل العملية
تمت قيادة العملية من قبل مجموعة تابعة لقوات "دلتا فورس" التابعة للقوات الخاصة الأمريكية "الكوماندوز"، تضم ما يزيد على 20 عنصرا، وشارك في تنفيذها أكثر من 100 فرد من مختلف الوحدات القتالية، بما فيهم الطيارين الذين تولوا عملية الإنزال، وفقا لما نشبكة "CNN".
ونقلت الشبكة الأمريكية عن مصدر مطلع على تفاصيل العملية، أنه تم نقل أفراد المجموعة إلى داخل عمق الأراضي السورية، على متن عدد من مروحيات "بلاك هاوك" وطائر V-22، ووصلوا إلى مبنى متعدد الطوابق، كان يتحصن فيه عدد من مسلحي داعش، حاولوا استخدام بعض النساء والأطفال كـ"دروع بشرية."
وأكد المصدر نفسه أن القوة المهاجمة تمكنت من اقتحام المبنى، وقامت بقتل المسلحين دون المساس بأي من الأطفال أو النساء الذين كانوا متواجدين داخل المبنى.
وبحسب تقرير لجان التنسيق، لوحظ برفقة الجنود الأمريكيين وجود مترجم عراقي الجنسية كان يسأل عن زوجة "أبي سياف"، التي تم اعتقالها لاحقا، إلى جانب الكلاب البوليسية.
بينما كانت مروحيتان مرافقتان تقومان بمهمة الحماية، خلال ذلك، وإطلاق نيران الرشاشات في المحيط.
الحصيلة النهائية
وكانت حصيلة الاشتباكات بين جنود التحالف وعناصر التنظيم، والتي استمرت حوالي 20 دقيقة، مقتل 8 عناصر لـ"داعش" ينتمون إلى جنسيات مختلفة، عرف منهم، إضافة لـ"أبي سياف"، أبو أسامة الجزراوي (سعودي الجنسية)، وصالح الصومعي (سوري الجنسية).
وعرف من المصابين المدعو أبو عبد الرحمن (سوري الجنسية)، فيما أصيبت زوجتا الصومعي والجزراوي، وهما أختان بجراح نتيجة عضات الكلاب.
وقد تم دفن جثث قتلى تنظيم داعش في المدينة السكنية للحقل وفي قريتي الطيانة والحوايج في ريف دير الزور، بينما لوحظ أنه قد تم إثر العملية الطلب عبر المساجد للأهالي التبرع بالدم، وفقا للتقرير.
كما أسفرت العملية، بحسب ما قالته المتحدثة باسم مجلس الأمن القومي، برناديت ميهان، عن تحرير شابة إيزيدية كان أبوسياف وزوجته "يستعبدانها".
وبحسب ما نقلته شبكة "CNN" عن مصادر، فإن "أبا سياف" قاوم محاولة القبض عليه، وقتل خلال العملية، أما زوجته الملقبة بأم سياف، فقد تم إلقاء القبض عليها ونقلها إلى العراق لاستجوابها.
أبو سياف
"وزير المالية في داعش"، هكذا يمكن توصيف المدعو "أبا سياف"، فهو المسؤول عن عمليات إدارة النفط والغاز والموارد المالية في تنظيم الدولة الإسلامية، وهو منخرط بشكل مباشر ومقرب من القيادة والسيطرة في "داعش"، بحسب "CNN"، فيما قال وزير الدفاع الأمريكي إنه تونسي الجنسية.
غير أن موقع "العربية نت" نقل عن مصادر، أنه عراقي من الموصل ويدعى "نبيل الجبوري"، وكلفه زعيم التنظيم، أبو بكر البغدادي، بإدراة أموال داعش من النفط بسوريا، ثم توسع عمله ليشرف على عمليات قتالية، من بينها إشرافه على إعدام الصحفيين الغربيين.
أما الجنود الأمريكيون المشاركون في العملية فقد عادوا دون خسائر في صفوفهم، حيث أكد وزير الدفاع الأمريكي، آشتون كارتر، في بيانه، "عدم مقتل أو إصابة أي جندي أمريكي خلال العملية".
ووفقا للمرصد السوري لحقوق الإنسان، توجد عناصر في التنظيم من جنسيات عربية وشمال إفريقية، متهمة بتزويد التحالف بالمعلومات لتنفيذ عملية الإنزال.
هدف العملية
ويوضح العقيد السابق في الجيش والمخابرات العسكرية الأمريكية والمدير الحالي لمبادرة "المجتمع المدني والنزاعات" بجامعة جنوب فلورديا، ديريك هارفي، لـ"CNN، أن "أهم ما في العملية ليس القبض على أبي سياف، وإنما الحصول على البيانات والوثائق التي يحتفظ بها".
وأضاف "هارفي"، أن "أبا سياف" كان أحد أبرز العاملين بمجال التمويل لدى داعش، ومن المؤكد أنه لديه بيانات حول هوية المتبرعين للتنظيم والحسابات المصرفية التابعة له وشبكات التهريب.
وتعد هذه العملية أول إنزال بري ناجح للولايات المتحدة في الأراضي السورية، منذ بدء التحالف بشن غارات على مواقع تنظيم الدولة في سوريا والعراق، قبل أكثر من 9 أشهر.
وكانت قوة أمريكية نفذت، الصيف الماضي، عملية مشابهة في سوريا لإنقاذ الصحفي جيمس فولي، ورهائن أمريكيين آخرين من قبضة "داعش"، إلا أنها باءت بالفشل، ليعمد المتشددون في وقت لاحق، وتحديدا في أغسطس 2014، على قطع رأس الرجل.