التوقيت الجمعة، 22 نوفمبر 2024
التوقيت 07:59 م , بتوقيت القاهرة

صور| كيف تعددت الطوائف المسيحية؟

يقف وراء تعدد الطوائف المسيحية تاريخ طويل من الخلافات بدأ منذ القرن الخامس الميلادي، "دوت مصر" يلقي الضوء بشكل مختصر حول ظروف تعدد وانقسام الطوائف المسيحية على مدار أكثر من 1500 عام.

كنيسة واحدة

طوال تاريخ المسيحية وحتى القرن الخامس ظلت الكنيسة دون تعدد للطوائف، لكنها كانت تنقسم إداريا لأربعة كراس رئيسية، وهي كرسي الإسكندرية وكرسي أنطاكية وكرسي القسطنطينية وكرسي روما، إضافة للكنائس التي كانت تخضع لهذه الكراسي، وكانت كل كنيسة منهم متفقة في الإيمان رغم خلافهم في اللغة والثقافة وبعض الطقوس وشكل الكنائس، ولم يحدث الانشقاق إلا عندما اختلفوا في العقيدة في القرن الخامس.

الانشقاق الأول في 451

حدث أول انشقاق في الكنيسة خلال مجمع خلقدونية عام 451م، حيث انفصلت كنيسة روما (الكنيسة الكاثوليكية) برئاسة البابا لاون الأول وكنيسة القسطنطينية (يعرفوا اليوم بطائفة الروم الأرثوذكس) من جهة، وكنيسة الإسكندرية برئاسة البابا ديسقوروس الأول (الكينسة القبطية الأرثوذكسية)، وكنيسة إنطاكية (الكنيسة السريانية الأرثوذكسية)، وما يتبعهم من كنائس مثل الكنيسة الأرمنية الأرثوذكسية والكنيسة الأثيوبية التي لم يكن لها كيان مستقل وقتها، من جهة أخرى.

وهكذا أصبح هناك كنيسة شرقية التي ينتمي لها بابا الإسكندرية وبطريرك أنطاكية وتوابعهم وكنيسة غربية ينتمي إليها بابا روما وبطريرك القسطنطينية وتوابعهم.

وكان سبب الخلاف حول طبيعة السيد المسيح (الخريستولوجية)، حيث أمنت كنيسة الإسكندرية وكنيسة أنطاكيا وما يتبعهم، بطبيعة واحدة من طبيعتين للسيد المسيح، وذلك تمسكا بتعاليم البابا كيرلس عمود الدين الذي حرم نسطور، بينما آمنت كنيسة روما والقسطنطينية وما يتبعهم بطبيعتين كما صاغها بابا روما لاون الأول، وقد وقفت الإمبراطورية الرومانية في صف كنيسة روما.

ولم يوقع البابا ديسقوروس وقتها على قرارات مجمع خلقدونية الذي مُنع من حضوره حسبما أثبتت محاضر جلسات المجمع، وتم وحرمانه ونفيه، وتقول مراجع الكنيسة الشرقية أن ديسقوروس تعرض للتعذيب من الإمبراطورية ومات في المنفى، وقد حاولت الإمبراطورية الرومانية فرض معتقد مجمع خلقدونية على أبناء كنيسة الإسكندرية وكنيسة أنطاكيا وأتباعهم إلا أنهم رفضوا، وسمى الأقباط تلك الفترة باسم فترة "الاضطهاد الخلقدوني".

أما عن الكنيسة الغربية فوجهت تهمة القتل وإثارة الشغب  للبابا ديسقوروس، حتى تم إتهامه فيما بعد أيضا بالهرطقة.

البابا دسقورويس الأول - بابا الإسكندرية خلال مجمع خلقدونية




البابا لاون الأول - بابا روما خلال مجمع خلقدونية?

انفصال القسطنطينية عن الكاثوليكية – القرن الـ11

ظل هناك ما يسمى بالكنيسة الشرقية والكنيسة الغربية، حتى حدث ثاني انشقاق بالكنيسة الغربية التي قبلت مجمع خلقدونية عام 1054، بسبب مسألة انبثاق الروح القدس، حيث أصرت كنيسة روما على إضافة عبارة "والابن" لكلمة "منبثق من الآب" في قانون الإيمان، وهو ما لم تقبله كنيسة القسطنطينية فأنشقت عنها وأصبحت هذه الكنيسة تعرف حاليا باسم الروم الأرثوذكس وما يتبعها من كنائس (منهم الكنيسة الروسية واليونانية والقبرصية الأرثوذكسية حاليا)، وكنيسة روما التي عرفت بعد ذلك باسم الكنيسة الكاثوليكية.

البروتستانتية (الإنجيلية) – القرن الـ16

نتيجية ممارسات الكينسة الكاثوليكية في العصور الوسطى وانتهاكاتها وسيطرتها على الحكم، أعلن الراهب مارتن لوثر الثورة على بابا روما في عام 1517، وإن كان مارتن لوثر هو مؤسس الطائفة البروتستانتية بثورته، إلا أن الكثير من المؤرخين يعتبرون أن جون كالفن هو المؤسس الفعلي لها بتعاليمه الدينية، خاصة بما وضعه من تعاليم رفض خلالها الاعتراف بالكهنوت أو الأسرار الكنسية أو وجود سلطة للكنيسة في تفسير الكتاب المقدس رافضا أي مرجعية في تفسيره، قائلا إن أي مؤمن صالح يستطيع تفسيره ولم يعترف بما يسمى "التقليد الرسولي" في تفسير الكتاب المقدس، وقد انبثق عن الطائفة البروتستانتية بعد ذلك الآلاف من الطوائف المنتشرة حول العالم التي اختلفت في تفسير الكتاب المقدس.

مارتن لوثر

الإنجليكانية

حدث ثاني إشقاق في داخل الكنيسة الكاثوليكية نفسها، عندما أراد الملك هنري الثامن ملك إنجلترا أن يطلق زوجته ليتزوج بأخرى، وهو ما لم يبيحه المعتقد الكاثوليكي، فأعلن انفصاله عن كنيسة روما عام 1533، وأسس الكنيسة الإنجليكانية ليصبح ملك أو ملكة إنجلترا هو من يرأس الكنيسة حتى الآن.

ويعتبر معتقد الكنيسة الإنجليكانية أقرب إلى البروتستانتية منه إلى الكاثوليكية، وإن كانت تحتفظ ببعض ما تبقى من المعتقد الكاثوليكي ولديهم بعض الطقوس والرتب في نظام الكنيسة.

رسم توضيحي لانقسام الطوائف المسيحية تاريخيا