كلاب شارع رشدي والمليونير الصيني
أعلم مسبقًا أن كثيرين سيشعرون بالحنق من مجرد إثارة الموضوع، وأعلم جيدًا أن مساحة النقد ستكون أكبر من مساحة الاتفاق، لكنني لن أحتفظ بغضبي لنفسي، لن أكتفي بالرثاء على حال شعبي، الذي يمارس كثير من أفراده (إن لم يكن أكثرهم) التحسر على أنفسهم يوميًا، من سوء الحظ الذي يواجههم في هذا الوطن، وعلى خيباتهم المتتالية جراء أحلامهم التي لا تتحقق، وعلى العمر الذي يضيع لا يعرفون أين ذهب.
أنا مش بحب النكد، ولو كان فى الكوب قطرة ماء واحدة لما رأيت غيرها بل ولفرحت، وطالما أحيا في هذا البلد سأظل أحبه، وأشعر بالامتنان أن لى وطنا.
خلال الأيام الماضية، شهدت شبكتي "فيس بوك" و"تويتر"، متابعة لحادثة قتل بشعة، تمت في منطقة سيدي جابر بالإسكندرية، حيث قام رجل بقتل 6 جراء صغيرة عن طريق الضرب حتى الموت، وتطور الأمر فأثار المتعاطفون القضية،التي تعتبر التالية التي تشغل الرأي العام في هذا الإطار، عقب حادثة مقتل كلب شارع الهرم الشهيرة، وتبرعت سيدة بتبني الكلبة الأم التي ظلت في مكان الجريمة تعوي حزنًا على أطفالها الذين قتلوا أمام عينيها، بل ووصل الأمر إلى ترتيب السيدة لسفر الكلبة إلى أمريكا حتى تبتعد عن مكان الجريمة، كما حرك آخرون بلاغًا تم على إثره ضبط وإحضار المتهم الذي هرب بعدما عرف بالبلاغ، برغم تحديه للجميع قبلها.
الجانب المشرق فى الموضوع أن مواطنينا استخدموا حقهم القانوني في الإبلاغ وطلب سريان قانون ما كان أحد يعرف قبل حادثة كلب الهرم أنه يجرم إيذاء الحيوانات، لكن المؤسف هو وقوع الجريمة من الأساس، ليست المرة الأولى، أدعو الله أن تكون الأخيرة، مع أننى لا أتوقع هذا فى القريب العاجل، ربما يساهم تطبيق القانون، ورفع الوعي لدى المواطنين بقدرتهم على إيقاف الأذى ضد الحيوانات، والذي هو بالأساس سلوك مقيت، لكن السؤال هنا هو : لماذا يحدث هذا فى الأساس؟ لما كل هذا العنف؟ لماذا نزيد حياتنا صعوبةً وقبحًا وتشويهًا؟ هذا هو السؤال الذي يستحق أن نبحث فى إجاباته.
في الجانب الآخر من العالم، قرر مليونير صيني أن يدعو نصف موظفي شركته البالغ عددهم قرابة 6500 موظف في رحلة سياحية إلى أوروبا للترفيه عنهم! لماذا؟ بالتأكيد أن الدافع هو إسعادهم! نعم.. هناك في العالم من يبحثون عن سعادتهم وسعادة الآخرين، هناك من يسعون لخلق عالم أجمل.
متى نصحو من النوم متخذين القرار بأن يكون اليوم أفضل؟ أن تكون الحياة أكثر رحمة وأقل قبحًا؟ لا أريد إجابات ترسخ "للنكد"، أرجوكم ابحثوا معي عن حياة أجمل؛ فنحن نستحق ذلك.