حوار| مستشار وزير الكهرباء: البرادعي ضيّع حلم مصر
قال مستشار وزير الكهرباء للطاقة النووية، إبراهيم العسيري، إن الطاقة النووية هي عماد الطاقة في المرحلة المقبلة لمصر، ولفت العسيري، الحاصل على شهادة نوبل التقديرية بصفته كبير مفتشين بهيئة الطاقة الذرية، عام 2005، خلال فترة رئاسة محمد البرادعي لها، في حوار لـ"دوت مصر" إلى أن هناك عقبات تواجه إنشاء مفاعل نووي في مصر، من بينها ضغوط خارجية لكبح جماح الدول النامية في مجال الطاقة النووية.
"دوت مصر" كان له هذا الحوار مع كبير مفتشي الطاقة الذرية سابقا..
لماذا اختارت مصر روسيا شريكا في التفاوض لإنشاء مفاعل نووي رغم كارثة تشرنوبل؟
روسيا لها تاريخ طويل مع مصر في التعاون المشترك، خاصة في مجال الطاقة النووية، لا سيما أن الروس هم من بنوا السد العالي، لذا فقد وقع اختيار مصر عى الجانب الروسي شريكا في التفاوض لإنشاء مفاعل الضبعة النووي، وكان الروس هم أول من أنشأوا أول مفاعل نووي في مصر سنة 1961 وهو مفاعل أنشاص.
كما أن غالبية المصانع في مصر، كانت بمشاركة الروس، إضافة إلى أنهم يمتلكون التكونولوجيا النووية أكثر من أي دولة في العالم، ويكفي أنهم كانوا أول من أنشأوا مفاعل نووي على مستوى العالم سنة 1954، فضلا عن تجاربهم الرائدة في أبحاث الفضاء، وتقديم المعلومة دون مقابل، على عكس الأمريكان الذين لا يقدمون سوى دراسة جدوى مقابل ملايين الدولارات.
هناك مآخذ على الطاقة النووية، منها الإضرار بالصحة العامة وتدمير البيئة (تشرنوبل مثال).. كيف ترد على ذلك؟
مفاعل تشرنوبل في روسيا، كان مفاعل خاص للأغراض العسكرية من مادة الجرافيت المشتعلة، وهذا النوع لا يتم بناؤه الآن على الإطلاق، وهناك أطراف بالغت في إظهار الآثار السيئة لحادث تشرنوبل لكبح جماح الدول النامية في مشروعات الطاقة النووية، وعلى العموم فإن الحادث نتج عنه موت 18 عاملا أثناء إطفاء النار التي اشتعلت في المفاعل، تبعهم موت 28 متأثرين بإصاباتهم، ما يعني 46 فقط ماتوا بسبب الحريق، إضافة إلى تهجير نحو 600 ألف شخص ظلوا تحت الملاحظة الطبية لـ27 سنة.
ثم بعد هذه المدة أصيب نحو 4000 بأمراض السرطان، ولا نستطيع أن نجزم أن هؤلاء أصيوا بهذا المرض نيتجة كارثة تشرنوبل، والدليل على ذلك أن هناك في مصر مصابون بالسرطان، رغم أننا لا نمتلك مفاعلات نووية. فالخلاصة أن هناك تهويل يحدث للحد من استخدام الطاقة النووية لمنع الدول النامية من استخدامها.
كيف نستطيع تأمين مفاعل نووي رغم الأضرار التي تلحق بأبراج الكهرباء؟
لا يمكن مقارنة الأبراج الكهربائية بالمفاعلات النووية، فالأبراج الكهربائية كثيرة ومنتشرة، ولا نستطيع تأمينها، ومن الصعوبة تعيين حارس أو أكثر على كل برج كهربائي، أما المفاعل النووي فيخضع لمعايير ورقابة دولية من هيئة الرقابة النووية، ولا يمكن الإخلال بها حتى لا يتم سحب الترخيص، وإلا لم نكن بنينا السد العالي في القرن الماضي.
ما مراحل إنشاء المفاعلات النووية في مصر؟
أول محطة نووية،، كان من المفترض أن تُقام في مصر، كانت في برجح العرب في ستينيات القرن الماضي، ولم تحدث بسبب حرب 1967، وفي السبعينيات تم الاتفاق على عمل محطة نووية في سيدي كرير، لكنه لم يتم إنشائها بعد زيارة الرئيس الأمريكي، ريتشارد نيكسون، لمصر، ووضع الأمريكان شروط سياسية على المفاعل، رفضها الرئيس أنور السادات.
وفي أول الثمانينات، وضع السادات خطة لبناء 8 محطات نووية، وطلب معونة الدول لمصر، وكانت فرنسا أول دولة تقدمت، وتم عمل مجموعات مشتركة في الدول العاملة بالطاقة النووية لنقل التكنولوجيا، وكانت شركة "سوفتركوم"، أكبر شركة لدراسة المواقع على مستوى العالم، اختارت 23 موقعا في مصر، بعيدا عن النيل وبحيرة ناصر، وتركت اختيار الموقع المناسب لبناء المفاعل النووي.
وتم عمل دراسة تفصيلية، ليقع الاختيار على إنشاء مفاعل نووي في مدينة الضبعة بمطروح، ويعد هذا أبلغ رد على من يشككوا في موقع الضبعة وتأثيره على البحر المتوسط، وهذا غير منطقي، فالاختيار كان من شركة فرنسية خبيرة في اختيار المواقع، وبعد ذلك تم وقف المشروع في عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك لعدم وجود إرادة سياسية، والآن يتم تحديث المشروع من خلال بيت خبرة سويسري قام بمراجعة المشروع مشاركة مع خبراء جيولوجين وخبراء من هيئتي الطاقة الذرية والنووية.
وما معوقات إقامة مفاعل الضبعة النووي؟
هناك ضغوط خارجية تتم على مصر لمنع إقامة مفاعل نووي، وهناك تشجيعا لفئات بعينها داخل مصر، لهدم المشروع النووي، وهم ليسوا على دراية بأي شيء، وهذا ما يُطلق عليه حروب الجيل الرابع، من خلال إيجاد فئات من الداخل تناهض إقامة المشروع، وهو كما يحدث في العراق واليمن، من خلال ذرع فئات دخيلة تشيع الأخبار الكاذبة.
وكان نائب رئيس الجمهورية السابق، محمد البرادعي، من أوائل من أوقفوا الحلم النووي المصري، وكنت وقتها معه في الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وهاجم البرادعي المشروع قائلا: "مصر غير قادرة على تأمين المحطات النووية لعجزها عن منع حوادث تصادم القطارت"، ولم يكن هذا أسلوبا جيدا منه، وأرى أنه ينفذ أجندة خارجية.
كيف يتم الاستفادة من الطاقة النووية؟
تستخدم الطاقة النووية في العلاج وتشخيص الأمراض، فالمفاعلات النووية لها أنواع، مفاعل قُوَى لإنتاج الكهرباء وتحلية مياه البحر، مثل مفاعل الضبعة، ومفاعلات أبحاث لتدريب الكوادر عليها، ومفاعلات تنتج مواد تستخدم في الطب وتعقيم العبوات الدوائية وفي الصناعة وإنتاج إطارات السيارات لامتداد عمرها، كذلك في إنتاج أنسجة غير قابلة للحريق، ولا بد أن أشير هنا إلى أهمية مفاعل الضبعة لاستخدامه في تحلية مياه البحر، وبخاصة "إننا داخلين على فقر مائي كبير".
وما تكاليف الطاقة النووية مقارنة بالطاقة الشمسية؟
تكاليف إنشاء إقامة محطات الطاقة النووية، أقل من الطاقة الشمسية ذات القدرة، كما أنها أكثر حرصا على نظافة البيئة، كما أنها تشجع السياحة في مصر لرؤية المفاعل النووي.
وأين يقع هنا دور هيئات الطاقة الذرية؟
توجد 3 هيئات تقوم على الطاقة النووية في مصر، فهيئة المحطات الذرية مسؤولة عن تشغيل المحطات النووية، وهيئة الطاقة الذرية مسؤولة عن الدراسات والأبحاث واستخدامات الطاقة النووية في غير الكهرباء، مثل الزراعة والطب، أما هيئة المواد النووية مسؤولة عن توفير اليورانيوم الخاص بالمفاعلات النووية.
متى يمكن القول إن مصر لديها مشروعات طاقة نووية؟
لما نقول يارب، وكل مصري يضع مصلحة البلد العامة فوق مصلحته الشخصية، وبخاصة أنه ليس هناك بديلا للطاقة النووية، كل مصادر الطاقة نقوم باستيرادها، لكن النووي لا يمكن استيراده، لا سيما أن مصر غنية باليورانيوم في المناجم والجبال السوداء.