التوقيت الثلاثاء، 26 نوفمبر 2024
التوقيت 01:27 ص , بتوقيت القاهرة

بيت سمية

الحياة في بلد ضاغطة زي مصر بتستنزف قدرتنا على الحُلم، الضغوط اليومية في كل تفصيلة بتسيبك من غير طاقة تبص بيها قدام، تحلم بيها حلم كبير أو تركز على هدف.


من فترة كتبت بوست على "فيس بوك" كان بيحكي عن الحاجة اللي بنتعلق بيها وسط الضغوط دي، البوست كان إيجابي وفيه دعوة للتفاؤل، بس يمكن يكون الحلم كان شكله بعيد.


"كنت بحكي مرة مع واحدة صاحبتي عن الحياة واللي عايزينه منها، كنا بنحكي عن الضغوط اللي علينا في بلد زي دي، عن الأنفاس المحسوبة علينا والحالة الاقتصادية السيئة وضيق مساحة التنفس والانبساط، واللي بنتعرضله كبنات تحديدا من تعدّي مادي ومعنوي لمجرد أننا - في ظنهم - أضعف.


وبعدين خلُصنا لحاجة إيجابية، طاقة أمل يمكن اتفقنا أنها الوحيدة اللي مخليانا مكملين، الحاجة دي هى مشهد بنشوفه في خيالنا، بتختلف تفاصيله من حد لحد بس الفكرة العامة واحدة.


مشهد لينا بعد سنين اتقدمنا فيها في حياتنا، بنينا كارير محترم وبقى عندنا "بيوت"، مش مجرد أربع حيطان مشتركة مع ناس بيضيقوا عليك، لأ بيوت، بنفس رحابة وألفة اللفظ كده، هيبقى عندنا سعة تخلينا نلف العالم، وكل الخبطات اللي اتخبطناها على دماغنا هتعلمنا نبقى أذكى وأقوى وأكثر حرصًا في المستقبل، هنحب ونتكسر ونقوم وهيمشي بنى آدمين وييجى بني آدمين بس هنفضل مكملين.


كلام شبيه كنت بقوله لصديقة تانية كانت بتقول إننا ما عادش هيفضل فينا بعد كل الضغط دا، قلتلها أننا هنحلوّ كل ما الزمن ييجى علينا، زى النبيت الحلو، المرارة مع التعود بتتحول لسخرية، هنبقى زى صورة بنعمل عليها لايك لست كبيرة فى السن ورايقة وجميلة وحاطة وردة فى شعرها الأبيض وبتضحك!


وأنا ماعرفش الكلام دا هيحصل ولا لأ، بس عارفة أننا عدينا حاجات كتير، وأننا بنبقى أقوى مع الزمن من وحى التجارب، وأننا بنتقدم فى حياتنا ولو بمعدل قليل، وأننا رغم الظروف اللى حوالينا عارفين نعيش وبنخطف حقوقنا لو لزم الأمر.. ما أعرفش إيه لزمة الكلام دا أو سياقه، يمكن ناتج خليط من المدخلات، التغيرات اللى بتحصل في البلد، التغيرات اللي بتحصل في حياة الواحد ومجال شغله، وبرنامج إذاعى عدى عليا النهاردة الصبح عن وثائقي من إنتاج BBC عن "الحق في الموت".. بيتكلم عن الانتحار وحق الإنسان في إنهاء حياته.. ولقيتني بقول.. "الله! موت إيه؟! مش لما نعيش!!".


افتكرت الكلام دا مؤخرا، يمكن عشان مؤخرا صديقتي سمية بقى عندها بيت، اختارت شكله ومكانه، فرشته زي ما حبت، كل ركن فيه ذوقها وشبهها، وبقى ملتقى لقعدتنا الحلوة وفضفضتنا، النهاردة سمية حققت حاجة مهمة فى الصورة الحلم اللي حكيتها، بقى عندها "بيت"!


الحلم ماطلعش بعيد أهو!


على حيطة فى بيت سمية رسمت مها صديقتنا صورة لبنت شعرها طارح ورد وألوان.. زي ما حياتنا بتطرح انتصارات معنوية طول ما بنعافر.



أنا برتاح فى بيت سمية، يمكن عشان حد بحبه حقق جزء من حلم مشترك بيصبرنا على الحياة، يمكن عرفتني أنه ممكن.. أن الحلم مش بعيد ولا مستحيل، وأننا هنعدي كل الضغوط دى ونتعود نتعامل معاها وننجز وسط زحمتها ونعمل بيوت مليانة بتفاصيلنا.


أنا فكرت وأنا بكتب الكلام دا إذا كان شخصي زيادة عن اللزوم، لكن الحقيقة أنه تجاربنا الشخصية متشابهة أكتر مما نتخيل، أن الضغوط اللي علينا بشوية تباديل وتوافيق هنلاقيها هي هي..


إن معظمنا عنده صورة في خياله لمستقبله بتهون عليه ضغوط الحياة وبتديه أمل يكمل لبكرة، وان البيت ركن مهم فى الصورة دى، الركن اللي بيديها ألفة وأمان..


احلموا ببيوت شبهكم، وحياة على قد الحلم ما يساع.