القاهرة وموسكو.. نقاط على طريق التعاون
يستعد الرئيس عبد الفتاح السيسي لزيارة روسيا اليوم الجمعة، تلبية لدعوة الرئيس الروسي له للمشاركة في أعياد النصر يوم 9 مايو الجاري، هذا اليوم الذي يعني الكثير لدى الروس، وتعد هذه الزيارة هي الثانية لورسيا التي يقوم بها الرئيس السيسي منذ توليه رئاسة الجمهورية، والتي جاء في مقابلها زيارة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين فبراير الماضي.
يقام عرض عسكري في الساحة الحمراء بموسكو في 8 مايو من كل عام، بمناسبة إعلان ألمانيا النازية استسلامها في حربها مع الاتحاد السوفييتي في مثل هذا اليوم عام 1945، واعتبرت دول الاتحاد السوفيتي ومن بينهم روسيا 9 مايو عيدا للنصر.
وتنظر روسيا لمصر على اعتبار أنها مركز صناعة القرار في الشرق الأوسط، رافضة بذلك كافة مساعي نقل مركز الثقل التقليدي للمنطقة إلى الأطراف الأخرى، وتم ترجمة ذلك بعد 30 يونيو في العديد من التصريحات والزيارات السياسية والدبلوماسية بين البلدين.
تاريخ ممتد
بدأت العلاقات الدبلوماسية بين الاتحاد السوفيتي ومصر في 26 أغسطس 1943، ولكن العلاقات القنصلية قد بدأت قبلها بكثيروذلك عام عام 1784، حينما أصدرت الإمبراطورة يكاترينا الثانية مرسوما يقضي بتعيين أول قنصل روسي في الإسكندرية، لتكون هذه بداية لعلاقة تاريخية طويلة بين مصر وروسيا مستمرة حتى هذه اللحظة.
دعم عسكري
تتمحور العلاقات المصرية الروسية أن من بدأها هو عبد الناصر عسكريا، واستفاد منها السادت نسبيا، وعززها مبارك، ثم تعثرت مع قدوم "الربيع العربي"، فملامح غير واضحه أثناء حكم الإخوان، فترحيب بـ30 يونيو وبداية تعاون كبير على كافة المستويات السياسية والاقتصادية.
ساند الاتحاد السوفييتي مصر عسكريا في فترات تاريخية مهمة، فقد كان للاتحاد السوفييتي دور بارز وفعّال في إعادة بناء القوات المسلحة المصرية وتسليحها بعد نكسة 1967. وما حصلت عليه مصر من عتاد عسكري مكّن الجيش المصري من خوض حربي الاستنزاف و1973.
استمرالتعاون العسكري بين البلدين منذ 30 عاما، بخاصة مع استمرار وجود أسلحة روسية لا تزال في الخدمة بالقوات المسلحة المصرية، ويأتي على رأسها بندقية "الكلاشينكوف" الروسية الشهيرة.
وتستورد مصر احتياجاتها من الأسلحة من الولايات المتحدة بما يقارب نسبة 60% إلى 65%، لكن مع التقارب الجديد بين القاهرة وموسكو بعد 30 يونيو، يمكن أن تزيد نسبة الاستيراد المصري من الأسلحة الروسية.
زيارات متبادلة
بالطبع كان هناك العشرات من الزيارات المتبادلة بين الجانب المصري والروسي على مدى عقود، لكن تبقى الزيارات التي تلت 30 يونيو هي الأهم، وذلك لتغير خريطة التحالفات السياسية بالمنطقة، واختلاف بعض دول العالم مع التوجه السياسي في مصر بعد 30 يونيو.
تتمثل أهمية الزيارات بين البلدين في زيارة وزيرى الخارجية والدفاع الروسيين إلى مصر يوم 14 نوفمبر 2013، وزيارة وزيري الخارجية والدفاع المصريين إلى روسيا يومي 12 و13 فبراير 2014، حيث تم عقد المباحثات السياسية بصيغة "2+2"، بما يجعل مصر هي الدولة العربية الوحيدة التي تبنت موسكو معها هذه الصيغة التي تتبناها روسيا مع خمس دول أخرى هي الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وإيطاليا والمملكة المتحدة واليابان.
وأعقب هذه الزيارة العديد من الزيارات المهمة، لكن أهمها زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي لموسكو في أغسطس 2014، وفي المقابل جاء بوتين في زيارة مهمة إلى القاهرة في فبراير، أثمرت عن توقيع مذكرة تفاهم للتعاون في مجال الطاقة النووية، تمهيدا لبناء موسكو مفاعلاً نووياً في منطقة الضبعة "شمال غرب" التي خصصتها مصر لهذا الغرض قبل عقود.
وشهدت تلك الزيارة توقيع عدد من الاتفاقات ومذكرات التفاهم، بينها اتفاق مبدئي لإنشاء محطة لتوليد الكهرباء بالطاقة النووية.
تعاون اقتصادي
وصل حجم التبادل التجاري بين البلدين خلال عام 2013 إلى قرابة ثلاثة مليار دولار، مثلت الصادرات المصرية منها 441 مليون دولار فقط والواردات 2.503 مليار دولار، كما شهدت الصادرات المصرية إلى روسيا خلال عام 2013 ارتفاعاً بلغت نسبته نحو 29% مقارنة بعام 2012 بسبب الارتفاع في تصدير الفواكه والخضروات.
وتمثل المنتجات الزراعية نحو 70% من حجم التجارة بين مصر وروسيا، حيث تمثل الموالح والبطاطس نحو 75% من هيكل الصادرات المصرية إلى روسيا، في حين تمثل الحبوب- وخصوصا القمح- والأخشاب نحو 65% من هيكل الواردات المصرية من روسيا.
وبلغت الصادرات المصرية لروسيا من البطاطس خلال الموسم الماضي قرابة 330 ألف طن، وهو ما تقدره سلطات الحجر الزراعي بقرابة المليار جنيه.
واشترت مصر 5.46 مليون طن من القمح من الخارج، في السنة المالية 2013-2014، وكان أغلبه من روسيا.
الدورة التاسعة لأعمال اللجنة المصرية الروسية
وكانت الدورة التاسعة لأعمال اللجنة المصرية الروسية المشتركة للتعاون التجاري والاقتصادي والعلمي والفني قد تناولت مجمل العلاقات الإقتصادية والفنية بين البلدين، وقد انعقدت على مستوى الوزراء في موسكو في 26 مارس 2014، وترأس الجانب المصري منير فخرى عبد النور، وزير الصناعة والتجارة والاستثمار، بينما ترأس الجانب الروسي "نيكولاى فيودروف"، وزير الزراعة.
وقد تضمن البروتوكول الختامي الاتفاق عددا من الموضوعات أهمها:
– استئناف المفاوضات حول اتفاق التجارة الحرة مع دول الاتحاد الجمركي الأورواسيوى"روسيا، بيلاروس، كازاخستان، أرمينيا" وهي منطقة اقتصادية واعدة.
– إقامة منطقة صناعية في مصر متخصصة في إنتاج الآلات والمعدات الزراعية، وقد قام الجانب المصري بتحديد مكان إقامة المنطقة الصناعية الروسية في مصر في منطقة شمال عتاقة.
– مساهمة روسيا في تطوير وتحديث المصانع المنشأة إبان فترة الاتحاد السوفييتي مثل مصنع الحديد والصلب بحلوان وشركة النصر للسيارات ومجمع الألومنيوم بنجع حمادى.
– التواصل مستمر بين الدولتين في مجال إنتاج الطاقة من المصادر المختلفة، وتسهيل مشاركة شركات البترول الروسية في عمليات الاستكشاف والتنقيب عن البترول والغاز في مصر، وترحيب الجانب الروسي ببحث إمكانية توريد الغاز المسال إلى مصر من خلال شركة"جازبروم Gazprom".