التوقيت الإثنين، 25 نوفمبر 2024
التوقيت 11:17 م , بتوقيت القاهرة

الدرجات الوظيفية.. "صداع" جديد في رأس الحكومة

لا تكاد تحاول أن ترتقي بنفسها في السلم الوظيفي بعد عشرين عامًا من تعيينها بالوظائف الحكومية، والخبرات التي حصلتها على مدار فترة عملها الطويلة، حتى تصطدم صاحبة العقد الرابع من عمرها والتي تأتي على رأس نماذج تقدر بالآلاف من أقرانها في السلك الحكومية، بعملها تحت رئاسة زميلة حديثة التخرج لم تلبث في وظيفتها ولا تتحصل من الخبرة فيها سوى ما يحصله المخيط من الماء حينما تسقطه في زبد البحر، لمجرد أنها حاصلة على البكارليوس.

تقرر على الفور صاحبة العقد الرابع "أرملة" اجتياز كل هذا، وتلتحق بكلية تجارة بالتعليم المفتوح، وتجتازه بسرعة تتناسب مع حماستها وقدرتها على التحدي، ومن ثم تصتدم بواقع جديد، فعليها أن تختار بين سنوات خبرتها ومؤهلها الجديد.

الخدمة المدنية

"القانون في بلدنا بيقول إن اللي يكمل تعليمه وياخد شهادة عالية.. يبقى بالنسبة الحكومة بيبدأ تعيين جديد"، هكذا عبرت وفاء عبد الرازق الليثي، الموظفة بوزارة الشؤون الاجتماعية، التي شرحت مشكلتها بين التعليم المفتوح وقانون العمل المصري، بعد أن حصلت على بكالوريوس تجارة تعليم مفتوح أثناء عملها، لتكمل لـ "دوت مصر": "بعد ما أخدت بكالوريوس خيروني علشان يسوي بشهادتي إني أرجع للدرجة التالتة أو أفضل زي ما أنا وميتمش ترقيتي لأخصائية".

وتابعت وفاء، "عادة ما تفرق الشهادة في المسميات الوظيفية بالوظائف الحكومية، فالحاصل على مؤهل عالي يسمى أخصائي، والمعهد يصبح مشرفًا، أما الدبلوم فمسماه الوظيفي سكرتارية، ولكي أكون في نظر القانون أخصائية، يعود بي إلى الدرجة الثالثة، وأوقع على إقرار بالموافقة على ذلك".

وقالت، "أخدت منصب أكبر بدرجة أقل"في الوضع المالي والوظيفي بعد البكالوريوس، حيث كانت على الدرجة الثانية وعادت بعد البكارليوس إلى الدرجة الثالثة مرة أخرى، مقارنة بين حالها وحال زملائها اللائي لم يتطلعن إلى التعليم المفتوح، فتقول: "أنا زمايلي إلي معاهم معهد بقوا دلوقتي درجة أولى، وأنا لسة درجة تالتة، ووفقًا لقانون العمل الجديد يبقى لسة قدامي سنتين كمان عقبال ما آخد الدرجة الثانية".

وعن انطباعها على قانون العمل الجديد، قالت وفاء: "في القانون الجديد الكل سواسية من ناحية الإجازات، لكن هما منزلين المرتب الأساسي دلوقتي بالدرجات، وعليه هيتحدد الحوافز والمعاش، يعني أنا راتبي وأنا درجة تالتة 800 جنيه، وهما راتبهم 1200 جنيه، وده فيه ظلم لينا".

وانفعلت الموظفة الأربعينية بمرارة القهر وهي تقول: "مش ذنبنا إن احنا فكرنا نرتقي بمستوانا العلمي، علشان يبقى جزائنا نرجع في حياتنا الوظيفية، احنا متعلمين على حسابنا ومكلفناش الدولة حاجة".

قطاع الأعمال 
ووافقتها إيمان عثمان، الموظفة بشركة المصرية للاتصالات (بكالوريوس تجارة)، قائلة: "إحنا بنسوي على الثالثة حتى لو كنا وصلنا للدرجة الأولى، لكن بنرجع بمرتباتنا".

وبعد أربع سنوات انتقلت إيمان إلى الدرجة الثانية، وبعدها بعامين تقلدت الدرجة الأولى، ومقارنة بوضعها الوظيفي والمالي مع زملائها الذين لم يحصلون على درجة البكالوريوس، وقالت: "أنا خيروني بين إني أسوي بمؤهلي الجديد، وأنا اخترت التسوية، لإني دلوقتي مرتبي أعلى من اللي أخد الدرجة الأولى في وقتها".

غزل المحلة
في شركة غزل المحلة اختلف الأمر، فأصبحت المتضررة من الارتقاء بالمستوى العملي لمظفيها هي الشركة نتيجة لثغرة في القانون، وفقًا لرأي القيادية العمالية بالشركة، وداد الدمرداش، والتي صنفت ضمن أشجع 100 في مصر، موضحة: "هما لما بييجوا يتعنوا مبيبقاش معاهم بكالوريوسات، بعد كدة بيذاكروا وبيسابقوا الزمن، ووده بيسبب مشكلة كبيرة جدًا في الشركة، لإنهم كدة بيتحايلوا عالقانون، والشركة بتكون قافلة باب التعيينات بالمؤهلات العليا".

وأضافت الدمرداش بانفعال: "العامل بيرفع قضية عالشركة، وده مبيكونش في صالح العمل، لإنهم بعد ما كانوا عمال مكنة عايزين يبقوا موظفين".

وعن الضرر الواقع على عمال شركة غزل المحلة قالت وداد: "العمال لما بيسوا بيرجعولهم درجتين تلاتة ورا، وده بيأثر على مرتباتهم، لكن بيستحموا ده لإنه ترقية المؤهلات العليا غير ترقية الدبلوم، فبيرجعوا للدرجة السابعة وكل سنة يزيدوا درجة، لحد ما يبقوا مدير عام أو رئيس قطاع، لكن الدبلوم مبيبقاش مدير".

القضاء هو الحل
ولأن سبب النزاع هو وضع العاملين في القانون، لجأ "دوت مصر" إلى الاحتكام لرأي محامي عمالي، لمعرفة أساس المشكلة، والوصول إلى حل، فقال المحامي العمال، عبد الغفار مغاوري لـ "دوت مصر": "أن الموظف ذا حصل على مؤهل أعلى أثناء مدة خدمته، يعاد تعيينه على درجة أقل، فيضطر للجوء للقضاء، لاقتناص أقدمية مساوية لمدة خدمته، بالإضافة إلى المؤهل العالي".

فغالبًا لا تحل تلك المشكلة إلا بنزاعات قضائية، حيث أن الموظف يقل بالدرجة والراتب أيضًا، وهذا من وجهة نظره، عينة من سوء حالة العاملين بالحكومة بقانون العمل الجديد، لأن هذا قد يجعل الموظفون يرفضون تسوية المؤهل الجديد، لإنه يتجاهل الخبرة.