التوقيت الثلاثاء، 26 نوفمبر 2024
التوقيت 04:43 م , بتوقيت القاهرة

محللون: "عاصفة حزم" ذكية في سوريا لتمرير الحل السياسي

أثارت إمكانية تطبيق عملية "عاصفة الحزم" في سوريا جدلا واسعا، بعدما ألمح إليه عدد من المسؤولين السعوديين منهم، رئيس مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية ورئيس جهاز المخابرات السعودي الأسبق، تركي الفيصل، الذي قال إن "هذا الأمر مرتبط بتشكيل قوة عربية مشتركة.. وكل حديث في هذا الشأن قبل تشكيل القوة المشتركة سابق لأوانه".

لكن في سياق هذا الحديث الدال على نية الرياض التدخل عسكريا في سوريا، هناك من يستبعد إمكانية تطبيق عاصفة الحزم في سوريا لسبب وحيد، هو اختلاف المثال السوري عن المثال اليمني بالنسبة للسعودية، وبالنسبة لوضع سوريا إقليميا، ولأسباب أخرى شديدة الخطورة.

صومال سوري

التكهنات بشأن عاصفة الحزم في سوريا قائمة، لكن حظوظ تطبيقها بشكل مباشر ضعيفة، حيث يذهب مراقبون بالقول إلى أن سوريا قد تشهد "عاصفة حزم" مغايرة عن التي شهدها اليمن، بأسلوب ذكي ودبلوماسي وعسكري في وقت واحد.

يعبر مدير مركز الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية والقانونية في جدة، أنور ماجد عشقي، عن رؤيته تجاه سوريا بتشبيهها بالمنطق الصومالي، إذا ما تم استخدام قوة عسكرية تسقط مؤسسات الدولة، وأن هذا ما لا يرضاه أي إنسان في سوريا"، مستبعدا التدخل العسكري المباشر نظريا.

ويقول عشقي لـ"دوت مصر"، "بالنسبة للتدخل في سوريا، يختلف شأنها عن شأن اليمن، فهو لن يكون تدخلا من خلال القوة، لكنه في إطار دعم المعارضة والحل السلمي في وقت واحد، وهذا يعني التوجه لإضعاف الحكومة وتقوية المعارضة حتى يؤسس لتوازن على الأرض وفي ظل هذا التوازن، يتم إجبار النظام على القبول بحل سياسي، تطبق من بعده مقررات مؤتمر (جنيف 1)، عبر تشكيل هيئة حكم انتقالي، يتم بعدها صياغة دستور جديد وبدء عملية إعادة البناء".

ويعلل عشقي قضية الابتعاد السعودي عن التدخل العسكري المباشر، من خلال إدراك الرياض أن سقوط الحكومة الحالية في دمشق كمؤسسات، ستحولها إلى صومال جديد.

 

عاصفة ذكية

من ناحية أخرى، يطرح رئيس مركز الشرق الأوسط احتمال تدخل سعودي من خلال تفاهم مع تركيا، عبر إقامة منطقة عازلة شمال سوريا، لحماية السوريين من البراميل المتفجرة التي تلقيها قوات النظام، وحمايتهم من القصف وتكون مكانا لتدريب المعارضة.

ويشكك القيادي في مجموعة عمل القرطبة السورية المعارضة، أحمد رياض غنام، بإمكانية تنفيذ حظر جوي من قبل السعودية أو تركيا في سوريا، في ظل استبعاده لوجود عاصفة حزم في سوريا بشكل مباشر.

ويرى غنام أن عملية الحزم في سوريا قد تكون بشكل مختلف عن اليمن، ويقصد في ذلك، أن السعودية والأردن وتركيا لا تتدخل بشكل مباشر في سوريا، ولا تقيم حظرا جويا في الشمال أو الجنوب، لكي لا تكون العملية استعداء مباشر للنظام، مشيرا إلى أن التدخل بشكل ذكي ودبلوماسي وعسكري في ذات الوقت.

ويقول غنام في سياق حديثه لـ"دوت مصر"، "لا تستطيع على الإطلاق السعودية أو القوى الإقليمية فرض حالة حظر جوي في سوريا، الإدارة الأمريكية هي من تستطيع فقط، لأن الدول المحيطة بسوريا لا تستطيع تحمل هذه النتائج من خلال عمل منفرد، خصوصا أن النظام يملك صواريخ بعيدة المدى، وفي هذه الحالة سيعتبر النظام أن عملية الحظر الجوي هي إعلان حرب، وسيكون هناك معركة كبيرة".

معادلة صفرية

يذهب غنام إلى احتمال أن تدعم السعودية في المرحلة المقبلة قوى المعارضة السورية بسلاح نوعي، فيكون ذلك إعلان عن حظر جوي غير مباشر من خلال صواريخ حرارية تمتلكها المعارضة وتسقط طائرات النظام السوري، ويؤكد على مصداقية الموقف السعودي ودعمها للسوريين، فيقول إن "المعادلة الإقليمية لا تسمح للسعودية بتجاوز خطوط حمراء في سوريا لأنها ليست اليمن".

ويلمح غنام إلى "محاولة قوات المعارضة السورية في الوقت ذاته دفع النظام للتقوقع نحو المناطق الساحلية ومناطق بدمشق، بسبب عدم الاستجابة لأي حل سياسي، إذ أنه لا يوجد الكثير من أوراق الضغط العسكرية تجبر النظام على الانصياع سياسيا، وهذا ما يسمى (المعادلة الصفرية).

كان مندوب السعودية لدى الأمم المتحدة، عبد الله المعلمي، قال إن "المملكة التي أثبتت قدرتها على الحسم والحزم ونصرة الأشقاء لن تألوا جهدا في سبيل مساعدة الشعب السوري على تحقيق تطلعاته"، ودعا المجلس إلى الالتزام بتطبيق قرارات جنيف التي دعت لإقامة سلطة تنفيذية ذات صلاحيات واسعة لسرعة إنهاء معاناة الشعب السوري.

دور تركي سعودي

من جانبه، يقول عضو الائتلاف الوطني السوري المعارض، عبدالباسط سيدا، لـ"دوت مصر"، "الوضع السوري الآن معقد، هناك 3 عوامل فاعلة في الأزمة السورية، داخلية وإقليمية ودولية".

ويوضح "داخليا: الوضع غير فاعل كما ينبغي، نتيجة تشتت في الميدان وعدم تزويد الجيش الحر ونتيجة وجود تنظيم "داعش" وجماعات متطرفة، والوضع الدولي هو الآخر غير مهيأ، خصوصا أن واشنطن دخلت مرحلة الانتخابات الرئاسية فلا يوجد قرارات حاسمة لإنهاء الوضع المتفاقم في سوريا، أما بالنسبة للموقف العربي والإقليمي خصوصا السعودي الداعم للشعب السوري، فإن ذلك له دلالات أخرى إيجابية".

ويتحدث سيدا عن الموقف السعودي ضمن سياق إقليمي، فيشير إلى أن "السعودية لها دور كبير في المنطقة، خصوصا بعد عاصفة الحزم التي بينت أن الأمور لن تسير تجاه ما تريده إيران، وأن هناك مشروعا عربيا لمواجهة المد الإيراني".

قلب الموازين

ويوضح سيدا أن هناك تفاهما سعوديا تركيا لتقديم الدعم في سوريا، بحكم تركيا التي تمتلك حدودا واسعة مع سوريا، وتمتلك إمكانيات لوجستية للتدخل، والتأثير في الوضع الميداني، إضافة لما تمتلكه السعودية من إمكانيات عسكرية ومادية، كل ذلك قادر على تغيير الوضع داخل سوريا، ويمكن من خلال الموقع السعودي المؤثر عربيا وإسلاميا ودوليا، هو بمثابة غطاء لعمل إقليمي يعيد ترتيب الموازين في الميدان".