التوقيت السبت، 23 نوفمبر 2024
التوقيت 12:07 ص , بتوقيت القاهرة

حوار| بعد 36 يوما من المؤتمر الاقتصادي.. سلطان الجابر: خطوات جادة لتنفيذ العاصمة الجديدة

حوار- سحر عبد الرحمن:


ارتبط اسم الدكتور سلطان الجابر وزير الدولة الإماراتي ورئيس المكتب التنسيقي للمشاريع التنموية الإماراتية في مصر، بالأهمية والتقدير البالغ من المصريين حكومة وشعبا، للدور الذي يقوم به في ملف التعاون والدعم الإماراتي لمصر في هذه المرحلة الصعبة التي تمر بها مصر حتى تسترد كامل عافيتها واستقرارها في ظل التحديات التي تواجهها في الداخل والخارج.


"دوت مصر" أجرى حوارا من جزءين مع الدكتور سلطان الجابر؛ حيث تحدث في الجزء الأول عن كيف ساهمت دولة الإمارات في نجاحه سواء بالدعوة لعقده أو بالمشاركة في التنظيم، وحجم الاستثمارات والمشروعات المعلنة في المؤتمر، إضافة إلى ما أُنجز على أرض الواقع في هذا الملف الذي يهدف إلى تخفيف المعاناة ودعم المواطن البسيط وتأمين احتياجاته الأساسية.


وفي الجزء الثاني من الحوار يتحدث الجابر عن خطوات تنفيذ العاصمة الإدارية الجديدة، ومستقبل مصر في مجال الطاقة وغيرها من الموضوعات في ملف الاستثمارات الإماراتية في الاقتصاد المصري.. وإليكم نص الحوار:


في رأيكم هل استطاعت مصر أن تغير بيئتها  الاستثمارية الطاردة إلى جاذبة بعد الإجراءات والتشريعات الأخيرة في القوانين الخاصة بالاقتصاد؟


كل المؤشرات تؤكد أن مصر تعمل على تنفيذ الخطوات اللازمة لتعزيز مكانتها كوجهة مفضلة وجاذبة للمستثمرين الجادين على المستوى المحلي والعربي والعالمي، وذلك من خلال إصلاحات تشريعية جادة للأطر التنظيمية والإجراءات الإدارية.



وتقرير صندوق النقد الدولي أكد في مراجعته الأخيرة ضمن مشاورات المادة الرابعة لأوضاع الاقتصاد المصري، على أن مصر تتبع مسارا يؤدي إلى النمو الشامل ويخلق فرص عمل جديدة ويؤدي إلى خفض العجز المالي وزيادة احتياطي النقد الأجنبي.


وهناك تحسن ملحوظ على بيئة الاستثمار وخصوصا فيما يتعلق بتوفير البيئة المناسبة التي تمهد الطريق للقطاع الخاص للقيام بدور فاعل في المرحلة المقبلة، وخير دليل على ذلك المشاركة الكثيفة لمستثمري القطاع الخاص في مؤتمر دعم وتنمية الاقتصاد المصري.


وجدير بالذكر هنا أن تطوير منظومة التشريعات والقوانين الخاصة بالاستثمار هي عملية مستمرة ولا تقتصر على مرة واحدة، فعلينا جميعا أن ندرك بأن الدول الأخرى تعمل أيضا على تعزيز تنافسيتها في الاقتصاد العالمي، ومن الضروري إيجاد آلية تتسم بالمرونة وتضمن إمكانية التطوير المستمر لتعزيز تنافسيةأسواقنا واقتصاداتنا.


هل كان ذلك النجاح رهن حلول سحرية تم تنفيذها في تلك المدة الوجيزة أسهمت في تصحيح مسار الاقتصاد المصري؟


يحتاج تطوير الأوضاع الاقتصادية في أي بلد إلى بعض الوقت لتحقيق النتائج المنشودة، ولكن هناك مؤشرات عامة توضح التوجه العام للمسار الاقتصادي، ولقد تغيرت هذه المؤشرات في مصر إلى الاتجاه الإيجابي، والدليل هو اهتمام المستثمرين من القطاع الخاص بالفرص المتاحة في السوق المصرية، وهذا يقدم مؤشراً مهماً على جاذبية هذه السوق.


ولاشك أن إعلان قانون الاستثمار الجديد في جمهورية مصر العربية قبل انعقاد مؤتمر دعم وتنمية الاقتصاد المصري قد ساهم بشكل كبير في تحقيق هذا النجاح، لكن المؤتمر هو مجرد خطوة واحدة ومن المهم استمرار العمل دون انقطاع من أجل تعزيز الأداء الاقتصادي.



وجدير بالذكر هنا أن مصر استقبلت في عام 2014 نحو4 مليارات دولار أمريكي من الاستثمارات الخارجية المباشرة، كما ازدادت ثقة المؤسسات العالمية والهيئات الاقتصادية متعددة الأطراف بالاقتصاد المصري وقامت مؤسستا "فيتش" و"موديز" برفع التصنيف الائتماني للرؤية المستقبلية لمصر.


وصنفت هيئة "مورغان ستانلي كابيتال إنترناشونال" السوق المصرية بأنها الأفضل أداءً في ذات العام، وأعلنت العديد من الشركات العالمية تفاؤلها بمناخ الاستثمار مصر وعزمها ضخ استثمارات جديدة في أسواقها، وهذا يؤكد أن هناك تحسنا كبيرا في النظرة المحلية والعربية والعالمية للاستثمار في مصر والثقة في استقرارها وما تتمتع به من مزايا وإمكانات وموارد كبيرة، وأيضا الثقة في المسار الذي تختطه لنفسها في الإصلاح والاتجاه الصحيح نحو بناء مصر المستقبل، حيث يلمس الجميع بأن مصر تشهد ورشة عمل متكاملة للتنمية والتطوير، والمهم استمرار هذا الزخم في الجد والنشاط بحيث يكون شعار المرحلة الحالية هو التطبيق العملي للإصلاحات والمشاريع والمبادرات الهادفة لتطوير الاقتصاد المصري.


المشاريع الإماراتية المُعلن عنها  وتم توقيعها في المؤتمر الاقتصادي مثل "مشروع العاصمة الجديدة".. كيف ستساهم في تحقيق نقلة حديثة في مجالات الحياة في مصر وللمصريين؟


المشاريع الجديدة تعني ضخ استثمارات إلى السوق المصرية وتوفير فرص العمل خلال مرحلة الإنشاء وفيما بعد في مرحلة التشغيل، وهذا ينطبق على المشاريع في مختلف القطاعات، سواء كانت عقارية أو صناعية أو زراعية أو تجارية أو سياحية. وفي المحصلة النهائية، ستسهم المشاريع الجديدة في زيادة إجمالي الناتج المحلي وتعزيز الأداء الاقتصادي.



وفيما يتعلق بالعاصمة الإدارية الجديدة لمصر فهو كما تعلمون مشروع طموح سيربط بين جذور الماضي العريق والمستقبل المشرق والمتطور الذي يليق بمصر وشعبها. ونظرا لحجم المشروع الكبير، فكلنا ثقة بأنه سيسهم في تحقيق أثر ملموس يسهم في تنشيط الاقتصاد المصري، وهناك خطوات جادة لتنفيذ هذا المشروع.



باعتبار معاليكم من الخبراء في مجال الطاقة ما هو الاستثمار الأمثل للطاقه في مصر وكيف تواجه مصر تحديات ما تعانيه من نقص وعجز الطاقة؟


كما تعلمون فإن  دولة الإمارات العربية المتحدة لديها خبرة كبيرة في قطاع الطاقة الهيدروكربونية، وبفضل النظرة المستقبلية بعيدة المدى لقيادتنا الرشيدة، فقد بادرت الدولة إلى العمل على تعزيز أمن الطاقة وتنويع مصادرها.


ولدينا اليوم في دولة الإمارات برنامج للطاقة النووية السلمية، كما لدينا أيضا مبادرة "مصدر" التي تهدف إلى بناء قطاع متكامل للطاقة المتجددة بما في ذلك التعليم والبحث والتطوير، وتنفيذ مشاريع الطاقة المتجددة محليا وعالميا لاكتساب الخبرة ونقل المعرفة في هذا القطاع الجديد، والاستثمار في تطوير التكنولوجيا النظيفة وتطبيقاتها، وبناء مدينة مستدامة تكون بمثابة منصة تدعم نمو هذا القطاع.



وبالنسبة لمواجهة تحديات الطاقة، فهذا أمر يتطلب معالجته من جانبين أساسيين هما إدارة الطلب وتوفير الإمدادات. وهناك العديد من الإجراءات التنظيمية والتشريعية والعملية التي تسهم في خفض الطلب وترشيد الاستهلاك، وهي تشمل الرفع التدريجي للدعم عن أسعار الطاقة، وتوفير نظام للفواتير يشجع على الترشيد، مثل نظام شرائح الاستهلاك، والتشجيع على نشر استخدامات الطاقة المتجددة للأغراض المنزلية والصناعية، كتسخين المياه بالطاقة الشمسية أو تركيب أنظمة منزلية للطاقة المتجددة.


أما من جانب توفير الموارد، فأعتقد أن خلق مزيج متنوع من المصادر يسهم في ضمان أمن الطاقة وتعزيز مواردها. وتتنوع مكونات هذا المزيج بحسب الموارد المتاحة في كل بلد من نفط وغاز وإمكانية إنشاء محطات للطاقة النووية السلمية.


وكما تعلمون، فإن مصر تمتلك موارد وفيرة في مجال الطاقة المتجددة ،بما فيها الطاقة الشمسية وطاقةالرياح، وهناك فرص كبيرة للاستثمار في الطاقة المتجددة خصوصا وأنها تقدم مجموعة كبيرة من المزايا باعتبارها الخيار الأمثل والأفضل من حيث الجدوى الاقتصادية في المناطق البعيدة عن شبكة الكهرباء، فضلا عن أنها صديقة للبيئة ولا تتسبب في انبعاثات كربونية.


 يضاف إلى ذلك أن جمهورية مصر العربية تحظى بواحدة من أعلى النسب في العالم للإشعاع والسطوع الشمسي، كما تمتلك مواقع ملائمة لإقامة مشاريع لطاقة الرياح، وهذا يتيح الكثير من الفرص الواعدة لتعزيز أمن الطاقة ومواكبة النمو في الطلب على مواردها.