شرم الشيخ.. ملحمة الدبلوماسية في استعادة "مدينة السلام"
بعد أن انتصرت مصر في حربها مع إسرائيل عام 1973، لم تسترجع جميع أراضيها المحتلة مباشرة، بل تطلب الأمر معاهدات تلاها مفاوضات كثيرة، لكي تستطيع استرجاع كامل أراضيها المحتلة قبل نكسة 1967، وكانت شرم الشيخ ضمن هذه الأراضي المحتلة التي كابدت الخارجية المصرية العناء، حتى نجحت في استعادتها رسميا يوم 21 أبريل عام 1982.
مفاوضات دبلوماسية عنيفة
ألزمت معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل "كامب ديفيد"، الأخيرة بالانسحاب الكامل عن شبه جزيرة سيناء، وعودة السيادة المصرية على كامل ترابها، وقد تم تحديد جدولا زمنيا للانسحاب المرحلي من سيناء على النحو التالي:
- في 26 مايو 1979، تم رفع العلم المصري على مدينة العريش، وانسحاب إسرائيل من خط "العريش- رأس محمد"، وبدء تنفيذ اتفاقية السلام.
- في 26 يوليو 1979، شهد المرحلة الثانية للانسحاب الإسرائيلي من سيناء على مساحة 6 آلاف كيلو متر مربع، من أبو زنيبة حتى أبو خربة.
- في 19 نوفمبر 1979، تم إجبار إسرائيل على الانسحاب من منطقة سانت كاترين ووادي الطور، واعتبار ذلك اليوم هو العيد القومي لمحافظة جنوب سيناء.
- في يوم 25 أبريل 1982، تم رفع العلم المصري على حدود البلاد الشرقية، على مدينة رفح بشمال سيناء، ومن قبلها بـ4 أيام، استعادت مصر شرم الشيخ بجنوب سيناء، وتم استكمال الانسحاب الإسرائيلي من سيناء، بعد احتلال دام 15 عاما، وإعلان هذا اليوم عيدا قوميا مصريا، في ذكرى تحرير كل شبر من سيناء، فيما عدا الجزء الأخير، ممثلا في مشكلة طابا، التي اتخذتها إسرائيل في آخر أيام انسحابها من سيناء، حجة لاستمرارها على الأراضي المصرية، حيث استغرقت المعركة الدبلوماسية لتحرير هذه البقعة 7 سنوات من الجهد الدبلوماسي المصري المكثف.
عوفيرا
"عوفيرا" هي مستعمرة عسكرية شيدتها القوات الإسرائيلية، على أرض شرم الشيخ، أثناء احتلالها لها، عام 1968، كمقر لقواتها الجوية، وعقب حرب أكتوبر وهزيمة إسرائيل، تسلمت مصر المستعمرة عام 1979، خلال مراحل التفاوض، وسُميت بمساكن اليهود، وتحولت إلى مساكن للموظفين الحكوميين في شرم الشيخ.
تضم المستعمرة 500 وحدة سكنية، بُنيت على شكل المدرج، حتى يسهل القفز من دور لآخر، ومن مبنى إلى آخر، تفاديا للهجمات، وأسفلها بني الكثير من الخنادق، التي تحولت إلى ثكنات للعمال اللذين كانوا يعملون في بناء المنشآت الحكومية في شرم الشيخ، بعدما عادت المدينة وسيناء كاملة إلى الأيدي المصرية عام 1982.
مدينة السلام
بُنيت مدينة شرم الشيخ، عام 1968، وتشتهر باسم "مدينة السلام"، وتطورت المدينة منذ ذلك التاريخ، بشكل سريع، حتى أصبحت من أشهر المدن السياحية في سيناء والعالم.
وتُعد شرم الشيخ واحدة من أجمل 4 مدن في العالم، طبقا لتصنيف "بي بي سي"، في 2005، وتُكمن أهمية المدينة في موقعها الذي يربط بين قارتي آسيا وإفريقيا، على رأس مثلث شبه جزيرة سيناء، عند رأس البحر الأحمر، بين خليجي السويس والعقبة، ما أدى إلى وجود بيئة طبيعية ومناخية متميزة، تعتبر العنصر الأساسي في الجذب السياحي.
كما أدى تحول المدينة إلى النظم الحديثة في المعمار والترفيه والأمان والخدمة الفندقية، إلى تأهيلها للفوز بجائزة منظمة اليونسكو، لاختيارها ضمن أفضل 5 مدن سلام على مستوى العالم، من بين 400 مدينة عالمية.