"غزاوي" ناج من الموت على سواحل أوروبا: أبحث عن إنسانيتي
نجا شاب من قطاع غزة، من الموت غرقا على متن قارب متجه للشواطئ الإيطالية، بعدما تم اختطافه وضربه وسجنه وتجويعه، هربا من النزاع في القطاع والفقر، مثل العديد من اللاجئين الذين يحاولون الهجرة لأوروبا من سوريا والصومال وجنوب السودان بحثا عن العيش الكريم، في الوقت الذي تتجه فيه أصابع الاتهام ناحية أوروبا بعد حصاد الموت لقرابة 950 روحا على شواطئها يوم الأحد، حسب صحيفة "إندبندنت" البريطانية.
ويحكي يوسف 17 عاما، قصة عائلته في غزة، التي تتكون من أب مريض بالكاد يستطيع السير ومصاب بورم في يده، وأم، وأخت تصغره بعامين، وأخ اقتنصته رصاصة في الحرب الأخيرة، وهي العائلة التي تركها بسبب الحرب والموت، حيث إنه لا يكاد يسير مسافة 200 متر دون التفكير في إمكانية انفجار قنبلة فيه.
"ونحن لم نحلم بأكثر من حياة كالحياة"
ترك يوسف غزة بحثا عن حياة جديدة، بعد عدم تمكنه من الذهاب للمدرسة منذ أعوام، وعبر الحدود مع أعز صديق له متجهين إلى لبنان، ليعيشوا مع أقرباء لهم في مخيمات اللاجئين.
ويتابع يوسف أنه وصديقه أرادا الذهاب لأوروبا، ولكنهما تعرضا للاختطاف وتم وضعهما في زنزانة مظلمة، لم يستطعا فيها تمييز الليل من النهار أو المدة التي مكثا فيها داخلها، حتى طلب منهما المختطفون مبلغ 1000 دولار لإطلاق سراحهما، وهددوهما بالقتل إن لم يدفعا الأموال، كما التقطوا لهما مقاطع فيديو يتعرضون فيه للضرب المبرح وأرسلوها لعائلاتهما، مضيفا "رأيت شخصا تم اقتلاع أظافره من أصابعه".
ودفعت العائلة الفدية المطلوبة وتم إطلاق سراحهما بالفعل، ومكثوا في لبنان مدة شهرين ولكنهما كانا خائفين من العصابات المسلحة هناك، حتى أن النساء في مخيمات اللاجئين كنّ يُهددن وتم الاعتداء على البعض منهن.
رحلة الهجرة محفوفة بالموت
عثر الصديقان على مهربين، وذهبا معهم من الخرطوم إلى ليبيا في شاحنة وسط كثير من الجنسيات المختلفة، وكان من يسقط منها يتركونه وراءهم، وكان المهربون يعطونهم ماء ممزوج بالوقود وكانوا يسمحون لهم بتناول الطعام مرة واحدة يوميا، وكان عبارة عن طبق صغير يأكل منه 10 أشخاص.
وعندما استبد بهما الجوع، سمح لهما المهربون بشراء الدقيق مقابل 50 دولارا وصنع الخبز بأنفسهم، وهي الرحلة التي مات فيها البعض من الجوع والعطش.
بعد وصولهما ليبيا، سُرقت ملابسهما وأمتعتهما، وأخبرهما المهربون أنهم سيصطحبونهما لإيطاليا مقابل 1000 دولار، وركبوا قارب من طابقين وعلى متنه حوالي 250 شخصا، ووضعوا بعض الأفارقة في الطابق السفلي. وكان المهربون يهددونهم بالأسلحة أو بإلقائهم في المياه إذا تحدث أحدهم.
واستغرقت الرحلة لإيطاليا 13 ساعة، واجه القارب فيها مشاكل تقنية لمرتين واضطر للوقوف في عرض البحر، كما أن المياه كانت تدخل القارب وكانوا يضطرون لإزاحتها باستخدام أياديهم.
وخوفا من الغرق، أجرى القبطان اتصالا بخفر السواحل لينتشلوهم، ولكن القبطان والمهربون أطلقوا النيران على خفر السواحل لأنهم أرادوا العودة بالقارب واصطحاب أناس آخرين لإيطاليا.
مجبر أخاك لا بطل
وتقول "إندبندنت" بالنسبة ليوسف، إن لم تبع والدته ذهبها لما وصل إلى أوروبا، وهي الرحلة التي كلفته 4000 دولار، مضيفة أنه كان لديه حلّان، إما يمكث في غزة يواجه الموت أو انتهاز الفرصة والذهاب لأوروبا ومساعدة عائلته وبالأخص شقيقته.
وأضاف يوسف أنه وصديقه يريدان الذهاب لألمانيا أو السويد وأن يستطيعان جلب عائلاتهما يوما ما، وأنه يشعر بالخوف على شقيقته، حيث إنه لم يستطع إجراء اتصال بهم عند وصوله إيطاليا.
وأنهى يوسف قصته قائلا إن الأطفال في غزة لا يعيشون طفولتهم ولا توجد لديهم ألعاب، وأنهم معرضون للموت في اية لحظة، كما أنه لا توجد لهم حقوق كفلسطينيين في البلاد العربية، متابعا "أريد للجميع أن يعرفوا قصتي، وأن أخبر العالم حتى لا يحدث ذلك مرة أخرى. أريد فقط أن أكون إنسانا".