التوقيت الجمعة، 22 نوفمبر 2024
التوقيت 03:19 م , بتوقيت القاهرة

فيديو| الاتحادية ..فندق الأمراء وعتبة الذبح من أجل الرؤساء

 


لم يكن المعماري البلجيكي"ارنست جاسبار"، يعلم أن المبنى الفخم، الذي صممه ليكون درة فنادق إفريقيا، سيتحول إلى بؤرة للصراع على كرسي الحكم في مصر، ومن أجله ترتكب المذابح التي كان آخرها في عهد الرئيس الأسبق محمد مرسي، ومن المقرر صدور أول حكم قضائي ضده غدا الثلاثاء، بسبب تلك المذبحة

4 رؤساء ترددوا على قصر "الاتحادية"، الذي تحول من فندق فخم، يقع بضاحية مصر الجديدة، شمال شرق القاهرة؛ إلى قصر رئاسي، منذ بداية حقبة الثمانينيات من القرن الماضي، ليتعاقب عليه محمد حسني مبارك، ثم محمد مرسي، فعدلي منصور، وأخيرا عبد الفتاح السيسي، ولم يسلم أيهم من المتظاهرين أمام مقر رئاسته.

فندق ومستشفى عسكري

"الاتحادية"، كان فندقا افتتحته الشركة الفرنسية المالكة له، في الأول من ديسمبر/كانون أول 1910، كباكورة فنادقها الفاخرة في إفريقيا، وصممه المعماري البلجيكي "ارنست جاسبار"، واحتوى على 400 حجرة، إضافة إلى 55 شقة خاصة، وقاعات بالغة الضخامة، ويتوسطة قبة، يبلغ ارتفاعها 55 مترا، من الأرض إلى السقف، وتبلغ مساحة القاعة الرئيسية به 589 مترا مربعا.

معمار الفندق المتميز لفت النظر إليه، وأصبح عامل جذب سياحي، للأمراء والشخصيات الملكية بمصر وخارجها، إضافة إلى رجال الأعمال والأثرياء؛ كما عاصر الفندق الحربين العالميتين، ما عزز نشاطات استقباله للوفود الأجنبية، و تحول في بعض الفترات من الحربين إلى مستشفى عسكري، ومكان لتجمع ضباط سلطة الاحتلال البريطاني في مصر.

السادات ومبارك

في ستينيات القرن الماضي، استعمل القصر بعد هجره عقب ثورة 23 يوليو 1952 بفترة، كمقر لعدة إدارات ووزارات حكومية؛ وفي يناير 1972 في فترة رئاسة محمد أنور السادات لمصر، صار القصر مقرا لما عرف بـ"اتحاد الجمهوريات العربية"، الذي ضم آنذاك كل من "مصر، سوريا وليبيا"، ليتغير اسمه في هذا التوقيت إلى "قصر العروبة"؛ وفي الثمانينيات، وضعت خطة صيانة شاملة للقصر، حافظت علي رموزه القديمة، وأُعلن بعدها "مجمعا رئاسيا" في ظل رئاسة "مبارك".

ثورة يناير

كانت ثورة 25 يناير/كانون ثان 2011، نقطة الانطلاقة الأولى لفتح الباب أمام التظاهرات بمحيط قصر "الاتحادية"، باحتشاد الآلاف يوم تنحي "مبارك" في 11 فبراير/شباط، أمام القصر، تأهبا لاقتحامه وإخراج الرئيس منه، إلا أن إعلان تنحي الرجل عن حكم البلاد حال دون الأمر.

سلخانة

أعقب "مبارك"، الرئيس الأسبق محمد مرسي، والذي نال القصر في عهده نصيب الأسد من التظاهرات التي شهدها محيطه، خلال عام واحد من توليه حكم مصر، لعل أخطرها التي وقعت عقب إصدار الرئيس المنتمي لجماعة الإخوان، لما عرف بالإعلان الدستوري المكمل نهاية عام 2012.
الأمر تطور بنزول مؤيدي "مرسي" لفض الاعتصام الذي بدأه معارضيه أمام القصر، في 4 و5 ديسمبر/ كانون أول، ونتج عن ذلك مصرع 10 مواطنين، وإصابة العشرات، واتهمت المعارضة وقتها الرئيس وجماعته بتحويل محيط القصر لـ"سلخانة تعذيب" لشباب الثورة.




شهدت ثورة 30 يونيو، احتشاد الآلاف من معارضي "مرسي" أمام القصر للمطالبة برحيله، وسبق تلك التظاهرات عدة وقفات للمناداة بمطالب فئوية مختلفة، شارك فيها القوى السلفية، أهالي السجناء الجنائيين، موظفي قصر الرئاسة في عهد "مبارك"، وعمال شركة النصر لصناعة المراجل البخارية؛ وغيرهم.



قانون التظاهرهدأت حدة التظاهرات بمحيط القصر التاريخي، بوصول الرئيس الموقت عدلي منصور إليه، لكنها لم تتلاشى؛ ففي أبريل/نيسان الماضي، نظمت "جبهة طريق الثورة" التي تضم عدد من الحركات الشبابية والأحزاب من بينها حركة شباب 6 أبريل، تظاهرة أمام القصر، للمطالبة بـإسقاط قانون التظاهر، والإفراج عن المحبوسين بسبب القانون، وعلى رأسهم النشطاء السياسيين؛ أحمد دومة، أحمد ماهر، ومحمد عادل.



لم تمر سوى أيام قليلة على تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي مقاليد البلاد، حتى تجمهر العشرات من الشباب في 21 يونيو/حزيران الماضي، حول القصر للمطالبة بإسقاط قانون التظاهر، إلا أن قوات الأمن تمكنت من فضهم، وألقت القبض على 24 منهم.

أخيرا وبجوار القصر الرئاسي، الذي أصبح بؤرة صراع على السلطة؛ فجّر مجهولون قنبلتين بدائيتي الصنع، أسفرتا عن مصرع ضابطين وإصابة 14 آخرين من أفراد الشرطة؛ ليتحول حي الأجانب الذي أسسه "البارون باشا"، منذ أكثر من قرن، إلى مسرح لعمليات الإرهاب، بسبب الصراع على اعتلاء "كرسي الاتحادية".