التوقيت الجمعة، 22 نوفمبر 2024
التوقيت 08:40 م , بتوقيت القاهرة

الإرهاب وتأثيره على العلاقات العربية الإفريقية

نظرًا لأن الإرهاب أصبح موضوع الساعة، وتتمثل خطورته في ترهيب المجتمعات والأفراد وتفكيك الدول، عقد معهد البحوث والدراسات الإفريقية بجامعة القاهرة، تحت رعاية الأستاذ الدكتور جابر نصار رئيس الجامعة يومي 15، 16 أبريل 2015 مؤتمرًا هامًا تحت عنوان "الإرهاب وتأثيره على العلاقات العربية الأفريقية"، وفي الجلسة الافتتاحية للمؤتمر قال الأستاذ الدكتور إبراهيم نصر الدين أستاذ العلوم السياسية ومقرر المؤتمر: "إن القارة الإفريقية أصبحت بدورها مسرحًا لعمليات العديد من الجماعات الإرهابية التي انتشرت من الصومال وكينيا شرقًا إلى مالي غربًا، ومن ليبيا شمالا إلى نيجيريا والكاميرون جنوبًا مرورًا بالعديد من الدول الأخرى، وأن هذا الانتشار كان له أثر سلبي مباشر على العلاقات بين دول شمال إفريقيا وبين دول جنوب الصحراء، فقد جاء ادعاء هذه الحركات الإرهابية تبنيها توجهات "إسلامية"، وارتباطها بعلاقات تنظيمية مع بعض الحركات المتطرفة في الدول العربية، إلى اعتبار الشمال الإفريقي مصدرًا لهذه الموجة من الإرهاب".


وأضاف مقرر المؤتمر، "إنه زاد من أثر ذلك ارتباط تصاعد نشاط الجماعات الإرهابية في إفريقيا جنوب الصحراء بالتطورات السياسية الأخيره التي شهدتها العديد من دول شمال إفريقيا، الأمر الذي أكد الصلة بين الظاهرتين، ومن هنا دخلت العلاقات العربية الإفريقية في مرحلة شديدة الخطورة تهدد بتفويض عملية التكامل القاري، وتوفر أرضًا خصبة لنشوب الصراعات بين الجانبين في المستقبل".


وألقى المحاضرون خلال جلسات المؤتمر الضوء على بعض الحركات الإرهابية التي تتبنى سياسة العنف داخل بلدان القارة الإفريقية مثل جماعة بوكو حرام في نيجيريا، وحركة أنصار الدين في مالي، وحركة الشباب المجاهدين في الصومال، وواقع حركات الاسلام السياسي في تونس، وتأثير تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي على العلاقات العربية الأفريقية، ولأن الإرهاب ظاهرة عالمية تمثل الحركات التي تدعى اتصالها بالإسلام أحد نماذجها لم تغفل أوراق المؤتمر دراسة الحركات الإرهابية ذات المرجعية الأصولية المسيحية في أفريقيا، كجيش الرب في أوغندا، وأنتي بالاكا في أفريقيا الوسطى، ورابطة الإخوان الأفريكانرز في جنوب أفريقيا.


كما ناقش المؤتمر ظاهرة الإرهاب وكيفية مكافحته، ومستقبل الدولة الوطنية في إفريقيا، ودور المنظمات القارية والإقليمية الفرعية في مكافحة الإرهاب في أفريقيا، وأيضًا ماتقوم به فرنسا من جهود لمكافحة الإرهاب في إفريقيا، وكذلك سياسات الولايات المتحدة في مواجهة الإرهاب في إفريقيا منذ نهاية الحرب الباردة.


وتناول المؤتمر البعد الاقتصادي لظاهرة الإرهاب سواء من خلال دور اقتصاديات التهريب والتجارة غير المشروعة في تغذيته، أو من خلال آثاره السلبية على اقتصاديات الدول الإفريقية شمال الصحراء وجنوبها، وكذلك الآثار المحتملة لتفشي ظاهرة الإرهاب على العلاقات العربية الإفريقية في أبعادها المختلفة.


كما ناقش المؤتمر الدور الهام والرئيسي الذي تلعبه دولة الإمارات العربية المتحدة في مجال مكافحة الإرهاب على المستويين العربي والإقليمي منذ اندلاع ما يسمى بثورات الربيع العربي، وما أعقبها من تفتت وصراعات داخل بعض الدول العربية التي شهدت حالة من الانقسام والاستقطاب وصراع على السلطة.


وتُعد الإمارات من أوائل دول العالم التي امتلكت استراتيجية متعددة الأبعاد والجوانب سياسيًا واقتصاديًا وأمنيًا وإعلاميًا وثقافيًا واجتماعيًا، من أجل التصدي للإرهاب على المستوى المحلي والإقليمي والدولي، وتتعاون في ذلك مع الدول والقوى والمنظمات التي تسعى إلى تكريس الأمن والسلم والاستقرار العالمي الذي يواجه تهديدًا متناميًا من التنظيمات الإرهابية، فدولة الإمارات اتخذت موقفًا ثابتًا من التنظيمات الإرهابية، وقامت بإدراج الكثير منها في قائمة التنظيمات الإرهابية المحظورة بالإمارات.


وفيما يخص الشأن الإفريقي، دعمت دولة الإمارات التحرك الإفريقي والدولي لمواجهة الإرهاب في عدد من الدول الإفريقية جنوب الصحراء، وبخاصة في مالي والصومال وإفريقيا الوسطى ونيجيريا، وقدمت مساعدات إنسانية عاجلة لتلك البلدان لمساعدة النازحين من جراء استفحال المواجهات وانتشار المواجهات الإثنية والدينية وأعمال الإرهاب والعنف، وساندت الإمارات مصر عسكريًا لمواجهة الإرهاب، كما قدمت الإمارات لمصر عرضًا بمشاركة مصر في ضرب تنظيم داعش بليبيا في أعقاب جريمة ذبح 21 مصريًا على شاطئ مدينة سرت الليبية، وتعاون الإمارات خليجيًا وعربيًا وإفريقيًا في التصدي للإرهاب، يجسد قناعتها بأن الأمن القومي العربي والإقليمي كل لا يتجزأ، وأن تهديد أي دولة عربية هو بالضرورة تهديد للدول الأخرى، كما يعكس إدراكها القوي بأن من الصعوبة بمكان على أي دولة بمفردها مواجهة الإرهاب.


وأكد المشاركون في المؤتمر على حتمية تجديد الفكر الديني وتفسير النصوص الدينية في ضوء سياقها التاريخي والحضاري، وكذلك لابد من الاهتمام بالتنشئة الاجتماعية، وضرورة أن تكون المواجهة فكرية وثقافية وأمنية فلا غنى لأحدها عن الأخرى، وهنا يأتي الدور الإيجابي الذي يجب أن يلعبه الإعلام والمؤسسات التربوية في المواجهة الفكرية والثقافية للإرهاب، حيث إنه بدون مواجهة حقيقية للإرهاب سيزداد الأثر السلبي المباشر على العلاقات بين دول شمال إفريقيا وبين دول جنوب الصحراء، وستتثبت لدى الأفارقة مدركاتهم السلبية عن العرب، وسيزداد يقينهم بأن العرب الوافدين على القارة الإفريقية هم من صدّروا الإرهاب لأفريقيا.