"أبو جهاد".. القائد الذي اغتالته إسرائيل خوفا من أفكاره
"أبو جهاد".. الاسم الذي اشتهر به القيادي الفلسطيني في حركة فتح وجناحها المسلح، خليل إبراهيم محمود الوزير، والذي اغتيل بعملية إسرائيلية بالعاصمة التونسية "تونس" في مثل هذا اليوم من عام 1988.
جرت عملية الاغتيال في منزل القيادي الفلسطيني في ضاحية سيدي بوسعيد شمالي العاصمة التونسية، في إطار خطة إسرائيلية لإخماد الانتفاضة الأولى التي اندلعت في الأراضي المحتلة عام 1987 والتي كان أبو جهاد أحد قادتها في الخارج.
بداية التأسيس
القيادي الفلسطيني المنحدر من مدينة الرملة الفلسطينية، ولد بها عام 1935، ثم غادرها إلى غزة بعد حرب عام 1948 وأسفرت عن احتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية.
بعد دراسته في جامعة الإسكندرية في مصر، انتقل للعيش في السعودية التي لم يمكث بها طويلا، ثم توجه إلى الكويت وعاش بها حتى عام 1963، حيث تعرف على ياسر عرفات وتشاركا تأسيس حركة فتح.
تولى الوزير مسؤولية مكتب منظمة التحرير في الجزائر بعد أن غادر الكويت وسمحت الجزائر بافتتاح مقرا لفتح، بالإضافة لتصريح يسمح لكوادر الحركة الاشتراك في دورات عسكرية وإقامة معسكر تدريب للفلسطينيين الموجودين في الجزائر.
كلف الوزير بعد ذلك، بإدارة العلاقات مع الخلايا الفدائية داخل فلسطين، بعد أن غادر الجزائر وتوجه للعاصمة السورية دمشق عام 1965، وبقي في دمشق حتى اندلاع حرب أكتوبر/تشرين الأول عام 1973، وشارك بتوجيه عمليات عسكرية ضد الجيش الإسرائيلي في منطقة الجليل الأعلى، ليتولى بعد ذلك المسؤولية عن القطاع الغربي في حركة فتح، وهو القطاع الذي كان يدير العمليات في الأراضي المحتلة، وخلال توليه قيادة هذا القطاع في الفترة من 1976 – 1982 عكف على تطوير القدرات القتالية لقوات الثورة، كما كان له دورا بارزا في قيادة معركة الصمود في بيروت عام 1982 والتي استمرت 88 يوماً خلال الاجتياح الإسرائيلي للبنان.
تسلم "أبو جهاد" مناصب عديدة، فكان أحد أعضاء المجلس الوطني الفلسطيني، وعضو المجلس العسكري الأعلى للثورة، وعضو المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية، ونائب القائد العام لقوات الثورة، كما أنه يعتبر أحد مهندسي الانتفاضة وواحد من أشد القادة المتحمسين لها.
عملية القتل
الأفكار التي يحملها "أبو جهاد" أشعرت إسرائيل بخطورته، فقررت القضاء عليه، من خلال عملية لجهاز المخابرات الإسرائيلي "الموساد"، في 16 أبريل/نيسان 1988.
في تلك الليلة أنزل 20 عنصراً مدرباً من "الموساد" من 4 سفن وغواصتين وزوارق مطاطية وطائرتين عموديتين للمساندة على شاطئ الرواد قرب ميناء قرطاج في تونس، وبعد مجيئه إلى بيته، كانت اتصالات عملاء الموساد على الأرض تنقل الأخبار، فتوجهت هذه القوة الكبيرة إلى منزله فقتلت الحراس وتوجهت إلى غرفته وأطلقت عليه وابلا من الرصاص، واستقر به سبعون رصاصة فتوفي في اللحظة نفسها.
كانت الساعة الثانية فجرا حينما اغتيل الوزير في منزل بالعاصمة التونسية، عن عمر يناهز 52 ربيعا.
في تفاصيل أخرى عن القضية، كان إطلاق النار على الوزير من مسافة قريبة وبوجود زوجته وابنه نضال.
وبحسب المعلومات، فإن القارب أبحر من إسرائيل، وبدعم على الشواطئ من عملاء الاستخبارات الإسرائيلية الموساد، وباستخدام بطاقات هوية لصيادين لبنانيين خطفوا للوصول إلى وسيلة للدخول لمجمع منظمة التحرير.
في تلك الليلة، وصل أبو جهاد إلى المنزل في حدود الساعة 11 مساء بتوقيت تونس، وتحدث مع عائلته وتوجه إلى مكتبه.
شاب أشقر
زوجة أبو جهاد أخبرته حين عودته أنها شعرت بحركة في مكتبه، لتتوجه وزوجها الذي حمل مسدسه إلى المكتب وطلب منها الابتعاد، ليدخل شاب أشقر يلبس كمامة على وجه، حيث أطلق الوزير رصاصة، ليقوم صاحب الكمامة بإطلاق الرصاص بشكل كثيف على جسد أبو جهاد، ويدخل ثلاثة آخرين أفرغوا دفعات من الرصاص في جسده.
وفي شهر نوفمبر 2012، أوردت صحيفة يديعوت أحرونوت في موقعها الإلكتروني مقتطفات من مقابلة أجرتها مع قائد القوات الخاصة الإسرائلية، ناحوم ليف قبل وفاته عام 2000 في حادث سيارة.
وكشف ناحوم ليف أن القوات الخاصة تسللت إلى العاصمة التونسية عبر البحر في الليلة الفاصلة بين 15 و16 أبريل/نيسان 1988، مشيرا إلى أن أعضاء هذه القوات التي تتبع الوحدات الخاصة في قيادة الأركان الإسرائيلية كانوا 26 فردا، وانقسموا إلى قسمين بعد نزولهم من سفن وزوارق.
وتوجه الفريق الأول (الذي ضم 8 أفراد برئاسة ليف) إلى منزل أبو جهاد على متن سيارات، واقترب من المنزل مسافة 500 متر تقريبا.
كان برفقة ليف جندي متنكر في هيئة امرأة، وكان يخفي مسدسا مزودا بكاتم للصوت في علبة شوكولاتة.
اقتحام المنزل
وكشف قائد القوات الخاصة الإسرائيلية حينئذ أنه قتل بالرصاص بدءا أحد حراس أبو جهاد في أثناء نومه في سيارة خارج منزل القيادي الفلسطيني، ثم اقتحمت مجموعة ثانية المنزل.
وبعد دخول المنزل قتلت هذه المجموعة حارسا ثانيا لدى استيقاظه ومحاولته إطلاق النار على المقتحمين، كما قتلت العامل المكلف بالحديقة الذي كان نائما في سرداب الفيلا.
صعد أحد أفراد القوات الخاصة إلى حيث مكتب أبو جهاد وغرفة نومه بعد قتل الثلاثة أشخاص في الأسفل، وأطلق على أبو جهاد النار قبل أن يطلق عليه ناحوم ليف بنفسه وابلا من الرصاص من مسدس رشاش، وفعل أفراد آخرون من هذه القوات الشيء نفسه للتحقق من موته.
وتحدث ليف عن ظهور زوجة أبو جهاد أثناء إطلاق النار عليه، وقال إن القيادي الراحل كان "على ما يبدو" يحمل مسدسا.