التوقيت الثلاثاء، 05 نوفمبر 2024
التوقيت 04:46 م , بتوقيت القاهرة

عبدالحميد شتا.. حلم دبلوماسي اغتالته "اللياقة الاجتماعية"

عبدالحميد شتا، هذا الشاب الذي وُلد بمحافظة الدقهلية، ومنى نفسه أن يلتحق بالسلك الدبلوماسي، منذ كان طالبا بالثانوية العامة، حصل على 85% فقط، ولم بكن هذا المجموع كفيلا بأن يضعه على أولى عتبات طموحه، ارتضى بهذا المجموع مؤقتا والتحق بكلية التربية قسم الجغرافيا، أصبح الأول على دفعته، ولكن لم تنسيه السنوات حلم عمره، لذا أثناء ما كان يدرس الجغرافيا، التحق بالثانوية العامة مرة أخرى ليقوم بتحسين مجموعه، وفعلها شتا وحصل على مجموع 95% يؤهله لدخول كلية الأحلام "كلية الاقتصاد والعلوم السياسية".


طريق الحلم


يتوافد الأهل والجيران على بيت عبدالحميد شتا للتهنئة والمباركة، ملقبينه بسعادة السفير، اتجه شتا إلى القاهرة محملا بكل أصناف الآمال والأحلام البكر، تمضي سنوات الدراسة الأربعة في كلية العلوم السياسية بالكاد على والده، الذي تحمل عبء مصاريف ابنه لكى يحافظ له على شيءٍ من المظهر الاجتماعي وسط زملائه بالكلية، ينهي شتا سنواته الأربعة بتقدير عام جيد جدا، ويشرع في تحضير رسالة ماجيستير عن إصلاح المحكمة الدستورية في مصر.


التجهيز للانطلاق


عمل عبدالحميد أثناء تحضيره لرسالة الماجيستير، باحثا بالقطعة ليقتات لقمة عيشه، ولكي يستطيع أخذ كورس فرنساوي، ليكون بجانب لغته الإنجليزية، التي حاول إتقانها بمفرده عن طريق القواميس والمراجع، بات على هذا الحال لمدة عامين، ما بين تحضيرة للماجيستير وعمله في مجال الأبحاث ودراسة  الإنجليزية والفرنسية، لمحاولة إجادتهما، حتى شعر أنه أصبح مؤهلا بدرجة كافية للالتحاق باختبارات السلك الدبلوماسي.


خطوة أخيرة لبلوغ الحلم


تقدم عبدالحميد شتا لوظيفة ملحق تجاري، ونجح في كل الاختبارات التحريرية، ومن بعدها الشفوية، وحاز على المركز الأول على منافسيه الـ43، وصار من حقه التعيين، ولكنه ذهب إلى اللوحة المعلن فيها نتيجة الفائزين، فلم يجد اسمه، ما أصابه بالدهشة، واتجه ناحية اللوحة الخاصة بالمرفوضين، فوجد اسمه، وسبب الرفض في الخانة المقابلة لاسمه مكتوب فيها: "لعدم اللياقة الاجتماعية".


انتحار


تجهمت الدنيا في وجه عبدالحميد، ولم يستطع تحمل الصدمة، وأجرى مكالمة أخيرة مع زوجة أخيه، أوصى خلالها الأسرة على شقيقه الأصغر، الذي يدرس الطب، ثم أغلق هاتفه المحمول، واتجه مباشرة إلى كوبري أكتوبر، وألقى بنفسه في النيل، وسط ذهول المارة، في مثل هذا اليوم عام 2005، واختفت جثته تحت مياه النيل، كأنها تتوارى خجلا عن أعين الناس والحياة، إلى أن ظهرت في اليوم التالي عند القناطر الخيرية على بعد حوالي 20 كم شمال القاهرة.