ماذا يهدد إسرائيل من انضمام فلسطين لـ"الجنائية الدولية"؟
بعد قرار الأمم المتحدة بقبول فلسطين عضوا في المحكمة الجنائية الدولية في يناير الماضي، أعلن الناطق الرسمي باسم المحكمة، فادي العبدالله، انضمام فلسطين، اليوم الأربعاء، رسميا إلى عضويتها، بصفتها عضو كامل الحقوق، ما يفتح لها المجال لملاحقة مسؤولين إسرائيليين بتهمة ارتكاب جرائم حرب.
قرار المحكمة جاء بعد أيام قليلة من تخلي إسرائيل عن قرار تجميد أموال السلطة الفلسطينية بالضفة الغربية من عائدات الضرائب، الذي أصدرته ردا على انضمام فلسطين في أول يناير إلى اتفاقية روما، الخاصة بتأسيس المحكمة الجنائية الدولية، وذلك بعد مخاوف من استمرار زعزعة الاستقرار وموجة جديدة من العنف في الضفة، ليبقى السؤال: ماذا يعني انضمام فلسطين لـ"الجنائية الدولية"؟
جهد سنوات يتكلل بالنجاح
طرق الفلسطينيون باب المحكمة على مدى سنوات، بهدف فتح تحقيق في جرائم الحرب الإسرائيلية في الأراضي المحتلة، وبعد فشل الجهود لتمرير مشروع قرار دولي عبر مجلس الأمن يضع جدولا زمنيا لإنهاء "الاحتلال الاسرائيلي"، بدأ الرئيس الفلسطيني، محمود عباس أبومازن، أواخر العام الماضي، جهود الانضمام إلى المحكمة.
وجاء القرار، الذي صارت بموجبه فلسطين العضو الـ123 بـ"الجنائية الدولية"، التي تأسست عام 2002، استجابة لحملة دبلوماسية أطلقتها السلطة الفلسطينية لنيل الاعتراف دوليا، وخاصة بعد فشل المفاوضات المباشرة مع إسرائيل في إبريل من عام 2014، وبعد اندلاع النزاع المسلح الأخير في قطاع غزة الذي استمر 50 يوما، وسط تردي العلاقات الأمريكية-الاسرائيلية.
فشل الضغوط الإسرائيلية
منذ البداية، أبدت اسرائيل معارضة شرسة لفكرة انضمام فلسطين إلى المحكمة الجنائية الدولية، التي تتخذ من لاهاي مقرا لها، والتي تشمل صلاحياتها ملاحقة المتورطين في جرائم إبادة وجرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب، خشية مواجهة مواطنيها بقضايا دولية، وللحيلولة دون تعزيز الوضع الدولي لفلسطين على خلفية هذا النجاح.
إسرائيل، التي رفضت التوقيع على اتفاقية روما، ردت على إعلان الفلسطينيين عن توقيعهم على هذه الاتفاقية، بتجميد تحويل أموال الضرائب الفلسطينية إلى رام الله، ما أدى إلى تعميق الأزمة المالية التي تمر بها الضفة الغربية، وهو القرار التي تخلت عنه تل أبيب مؤخرا، استجابة لتوصيات وزارة الدفاع والقوات المسلحة وجهاز الأمن الداخلي (الشاباك).
كما أعلنت تل أبيب، في رد فعل انتقامي، أنها ستبحث سبل توجيه ملاحقات بارتكاب جرائم حرب ضد زعماء فلسطينيين، إضافة لمطالبة نائب في الكونجرس الأمريكي تقليص حجم المساعدات المخصصة للسلطة الفلسطينية.
تصعيد جديد
ويتيح انضمام فلسطين لمحكمة لاهاي تنفيذ وعيدها برفع قضيتين ضد تل أبيب، تتعلق إحداهما بالأنشطة الاستيطانية الإسرائيلية، فيما تستهدف الثانية إجراء تحقيق في الانتهاكات الإسرائيلية خلال الحرب الأخيرة على غزة، وفق ما أعلنه عدد من القادة الفلسطينيين.
وفي وقت سابق، بادر الفلسطينيون إلى فتح تحقيق آخر يتعلق بالنزاع في غزة صيف عام 2014، حيث يتعين على المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية، فاتو بنسودا، أن تقرر إجراء تحقيق كامل في القضية أو رفض الطلب، وذلك بعد إجراء تحقيق أولي في الوقائع التي قدمها الجانب الفلسطيني.
ورقة ضغط
يرى بعض المحللين أن انضمام فلسطين إلى المحكمة بمثابة ورقة ضغط على الحكومة الإسرائيلية، نحو الجدية في دعم مسار المفاوضات وحل الدولتين، خوفا من أن تسعى السلطة الفلسطينة إلى ملاحقتها جنائيا، لاسيما وأن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، أعلن في أعقاب فوزه بالانتخابات أنه لن يسعى لحل الدولتين.